ما أشبه الليلة بالبارحة، ياسر عرفات ومحمود عباس

بعد حرب بيروت عام 1982 والصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية بقيادة الزعيم الخالد ياسر عرفات، اتفقت دول العالم وبينهم العرب، إرضاء لإسرائيل، على تفتيت الثورة الفلسطينية وتوزيعها وكسر هيبة قائدها الرمز أبو عمار، فأخرجوهم من بيروت، وأحدثوا الانشقاق، ودخل أخوة السلاح في معركة بدعم سوري لقتل ما تبقى من قوة الثورة، وكان الانشقاق كبيرا وقاسيا على حركة فتح، بل من أكبر الانشقاقات التي تعرضت لها الحركة في تاريخها.
خرجت الثورة بسلاحها الشخصي من قواعد بيروت بعد أن تخلى الصديق والحليف والعرب عنهم، فلم يكن أمام الزعيم ياسر عرفات إلا اللجوء إلى قلب العروبة النابض مصر، ولقاء الرئيس حسني مبارك، في ذلك الوقت كانت مصر تتعرض لحملة مقاطعة عربية بسبب اتفاقية كامب ديفيد، فاهتزت الأركان الفلسطينية، وقادة معركة تدمير الثورة الفلسطينية سوريا حافظ الأسد، وانقلب ظهر المجن على الرئيس أبو عمار، وأعلنت ساحات فتح في البلدان العربية والاشتراكية والأوروبية تأييدهم للانشقاق، وكاد التمرد يعصف بحركة فتح، ولكن حكمة الرئيس أبو عمار وقدرته على امتصاص الأزمات استطاع أن يسيطر على الوضع التنظيمي والسياسي لحركة فتح، وأعاد الأمور إلى نصابها، ورمم علاقاته وتحالفاته التي اهتزت جراء الأزمة.
واليوم يخوض الرئيس محمود عباس “أبو مازن” أزمة سياسية وتنظيمية وتشكيل تحالفات دولية وإقليمية ومحلية ضده، لأنه يرفض التنازل عن الثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، فأصبح عند إسرائيل وحلفائها “ليس شريكا في السلام”.
فتخرج فئة من حركة فتح تعلن براءتها من قيادته وتحرق صوره كما حرقوا في الماضي الانشقاقيون صور الرمز ياسر عرفات، ولكن هؤلاء وغيرهم ألا يعلمون أنهم بهذا الفعل الشنيع والمستهجن والمرفوض وطنيا، أنهم جعلوا من أنفسهم في مصاف الأعداء للشعب الفلسطيني، وألم يعلم هؤلاء أن حركة فتح عصية على الانكسار، وهي لن تكون في يوم من الأيام مرتهنة لهذا النظام أو ذلك، ولن يستطيعوا العرب وإسرائيل وأمريكا أن يفرضوا رئيسا على الشعب الفلسطيني دون خياراته.
قد نختلف مع سياسة رئيسنا نعم، ولكن لا نختلف على أنه الرئيس الفلسطيني ورئيس الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه السياسية، فلا يجوز اهانته أو التطاول عليه. وأذكر من تكلست أذهانهم، أن الرئيس الخالد أبو عمار لم يسلم بعد اتفاق أوسلو من التخوين والاتهامات الباطلة وكل صنوف الشتم، ولكننا اليوم نبكي على زمانه، ونقدس سيرته ونعلي من شأنه، هكذا نحن؟.
لهذا نحن اليوم أمام مفترق طرق وعر وصعب وخطير، وحالة الاستقطاب والاصطفاف على أشدها، فإما أن تكونوا يا أبناء فتح ويا أبناء شعبي مع إسرائيل وأمريكا ضد قيادتكم الشرعية والتاريخية، أو أن تكونوا قوة آمان وحصن منيع أمام كل المحاولات التي تسعى للنيل من قيادتكم الشرعية، ومن مشروعكم الوطني.
ألا تعلمون يا أبناء شعبي أن جريمة الرئيس أبو مازن أنه يطالب بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشريف، لهذا لم يعد شريكا في السلام عند إسرائيل، وتسعى للبحث عن شريك بمساعدة أطراف عربية، يوقع على دولة في قطاع غزة تكون مجاورة لإسرائيل، وهنا يصبح حل الدولتين قد أنجز، وتم التوقيع على نهاية الصراع. من هنا تأتي الحملة الشرسة التي تقودها إسرائيل وحلفائها على قائد مسيرتنا ورئيس حركة فتح ورمز شرعيتنا وحامي مشروعنا الوطني.
اعتبروا يا أولوا الألباب.

ناهـض زقـوت
مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا