البحث عن السلام بالدُمى

زهران معالي

منذ 14 عاما.. أخذت الفرنسية داني دوبوست (79 عاما) على عاتقها تعليم الأطفال الفلسطينيين ألعاب الدُمى؛ للتعبير عن معاناتهم من اعتداءات المستوطنين، والاحتلال الإسرائيلي المتواصلة، وحقهم في اللعب، والحياة.

خلال جولة لطاقم “وفا” بخربة الحمة بالأغوار الشمالية التي خلت من الأطفال، إثر لجوئهم لأقارب لهم في جنين؛ بعد هدم قوات الاحتلال لمساكن عائلاتهم، التقينا دوبوست التي حضرت إلى المضارب البدوية هناك، برفقة زميلتها للمكوث أسبوعا؛ لتعليم المعلمات، والأمهات، آلية تعامل الأطفال مع تلك الدُمى، والتعبير عما يعانونه، بواسطة أصابع اليد.

تقول دوبوست ” أول قدوم لها لفلسطين كان عام 2000، لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وعملت كمتطوعة في الهلال الأحمر الفلسطيني، ومنذ عام 2003 تأتي كل عام خلال موسم الزيتون، للتضامن مع المواطنين في المناطق القريبة من الاستيطان والجدار، وكذلك لتعليم المعلمات الدمى الناطقة”.

وتستهدف في زياراتها جمعيات، ومعلمين، ومدارس، ومجموعات نسوية، وكذلك المناطق المهمشة، بمجهود ذاتي، قائلة “الأطفال لهم حق بالحياة، واللعب، والأم لها دور في تعزيز ذلك لدى الأطفال”.

عبر الدمى يمكن للطفل أن يعبر عما يخشى قوله من خلال الكلام؛ كالخوف من المستوطنين، وإرهاب الجيش، يمكن التعبير عن الفرح، أو الحزن، أو الخوف، أو الأمل والسعادة بالإبهام، والسبابة، والوسطى، والطفل يستطيع بذلك أن يكلّم العالم بدون خوف.. تضيف دوبوست.

وتوضح “أن من المواقف التي حصلت معها، أن أسيرة لمدة عامين وشقيقة شهيد من مدينة القدس كانت تخشى أن تعبر عن معاناتها، خوفا على عائلتها، إلا أن الدمى كانت ملاذا لها، لإيصال معاناتها للعالم.

ولا يقتصر تضامن دوبوست مع الفلسطينيين على تعليم الدُمى، بل تعمل كل شهر على كتابة رسالة لأسيرة، أو أسير في سجون الاحتلال، وليست الوحيدة في ذلك، بل يؤدى 3500 متضامن في فرنسا الشيء ذاته.

دوبوست التي تتحدث اللغة العربية بلكنة ثقيلة، تطلق على الدُمى أسماء كثيرة تتناسب مع ألم الأطفال الفلسطينيين، معربة عن أملها بأن تنعم فلسطين بالسلام والعدل.

واعتاد جنود الاحتلال في البلدة القديمة بمدينة الخليل إطلاق النار على كل فلسطيني مشتبه به، واستطاعت أن تتخلص بعد نسيانها لـ”مشرط” في حقيبتها تستخدمه في قص القماش، والصوف لصناعة الدمى، من مضايقات حواجز الجيش، بالتحدث معهم عبر الدُمى “شلوم..شلوم”.

ولم تكتفِ بالقدوم لفلسطين للتضامن مع أطفالها، بل اعتادت منذ 14 عاما في مدينة “سانت إتيان” الفرنسية حيث تعيش، كل يوم جمعة، الاعتصام لساعة كاملة، مرتدية لباسا أسودا، أمام لافتة كبيرة كتب عليها: “ضد الاحتلال.. السلام لفلسطين”، ضمن حملة “فرنسا- فلسطين – تضامن”.

وتؤكد أن دعمها لأي رئيس يحكم فرنسا مرتبط بمدى دعمه للفلسطينيين، في حقهم بالحياة،والحرية، وتقرير مصيرهم، وتحقيق السلام العادل في أرضهم.

وقبل التضامن في فلسطين، مكثت دوبوست 18 عاما في إفريقيا، للتضامن مع الأطفال، وتعليمهم التعبير عن المشاعر عبر الدمى، وكذلك في جنوب لبنان بمنطقة بنت جبيل، ومزارع شبعا، اللتين كانتا تعانيان من ويلات الحرب الإسرائيلية.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا