صفعة فرنسية كتب حمادة فراعنة

صفع الفرنسيون ، رئيساً وشعباً ، وطوائف ، بما فيها قادة الطائفة اليهودية ، نتنياهو وسياسته ومواقفه ، على أثر محاولاته إستغلال عمليتي باريس التي سقط خلالها عدد من المواطنين الفرنسيين من المسلمين والمسيحيين واليهود ، فقد سعى نتنياهو من خلال مشاركته غير المرحب بها في مسيرة باريس في شهر كانون الثاني 2015 ، لتحقيق غرضين : أولهما محاولة التركيز على أن إرهاب القاعدة وداعش إستهدف الطائفة اليهودية دون غيرهم من الفرنسيين ، وثانيهما دعوته ليهود فرنسا كي يتركوا وطنهم الفرنسي والهجرة للعيش في فلسطين حتى ولو كان ذلك على حساب الفلسطينيين ووطنهم .

الرد الفرنسي ، على لسان رئيسهم فرنسوا أُولاند هو أن ” فرنسا هي وطن الفرنسيين على مختلف طوائفهم ، وأن ما تواجهه فرنسا لا يزيد عن أي بلد أوروبي ، وأن ما تعرضت له ، إنما هو عبور مؤقت ، ستتم معالجته ، وأن ما تعرض له الفرنسيون إستهدفهم جميعاً ، ولم يقتصر على شريحة دون غيرها ، ولم يستهدف طائفة دون الأخرى بدلالة سقوط ضحايا من المسيحيين واليهود والمسلمين ” ، مثلما كان رد الطائفة اليهودية الفرنسية ، بعدم التجاوب مع رغبات نتنياهو ، وضد محاولته توظيف عمليتي باريس لصالح تهجير يهود فرنسا من وطنهم الفرنسي ، إلى وطن الفلسطينيين ، فلسطين ، الذي لا وطن لهم سواه .

مجلس النواب الأميركي وصلته رسالة باريس ، التي دللت على أن نتنياهو والمشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، لم يعودوا عنواناً للتعاطف ، فدوافع الإنحياز الأوروبي ، نحو اليهود وإسرائيل ، بدأ بالهبوط والتراجع التدريجي ، نظراً لزوال أسباب التعاطف القديم ، ويكاد يكون الإنحياز والتعاطف معدوماً ، لأن المحرقة التي تعرض لها يهود أوروبا على أيدي النازية والفاشية ، لم تعد قائمة ، وغدت جزءاً من ذاكرة التاريخ المرير مثل محاكم التفتيش الأوروبية ، أسوة بالعديد من الشعوب والقوميات والطوائف الذين تعرضوا للمأسي والمذابح المماثلة والمشابهة ، بما فيها الهولوكوست الذي إستهدف اليهود ، حيث سقط خمسين مليوناً من البشر خلال الحرب العالمية الثانية ، واليهود كانوا جزءاً من ضحاياها ، ولم تقتصر عليهم .

والإرهاب الفلسطيني ، الذي بدأ بخطف الطائرات وإنتهى بإستهداف المدنيين الإسرائيليين في مناطق الإحتلال الأولى عام 1984 ، بتفجير الحافلات وزرع العبوات في المطاعم أو دور السينما ، أو غيرها من الأماكن العامة ، توقف ، ولم يعد وسيلة أو وسائل متبعة لدى بعض الفصائل الفلسطينية ، والتراجع عن هذه السياسة وهذه الأعمال أدى إلى سلسلة المكاسب التي حققها الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير سواء في عضوية البرلمان الدولي ، أو اليونسكو ، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وهي خطوات غير كافية ولكنها تراكمية على الطريق ، بعد أن إتضحت معالم النضال الفلسطيني كقضية شعب يسعى نحو المساواة والعودة والإستقلال وفق قرارات الأمم المتحدة .

رسالة باريس ، إستقبلها المشرعون في مجلس النواب الأميركي من الجمهوريين ، بالرد المعاكس ، عبر توجيه دعوة من قبل الجمهوري جون بوهنر رئيس مجلس النواب إلى نتنياهو ، للقاء خطاب أمام البرلمان الأمريكي يوم 3 أذار ، قبيل إنتخابات البرلمان الإسرائيلي يوم 17/3/2015 ، وهي دعوة متسرعة ، لم تنل الرضى من الرئيس أوباما وطاقمه ، ولم تجد قبولاً لدى حزب الديمقراطيين ، رغم الترحيب العلني الخجول من قبل وزير الخارجية جون كيري ، الذي عانى ولا يزال من سياسات نتنياهو ، وسببت الفشل لكل تحركات كيري وجهوده التي بذلها لوضع أرضية يمكن البناء عليها لمواصلة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتعثرة .

عدم إستقبال الرئيس أوباما لنتنياهو في البيت الأبيض ، وعدم رغبته العلنية في اللقاء معه خلال زيارته لواشنطن ، صفعة سياسية تم توجيهها إلى نتنياهو ، وإلى سياسته من الحليف الأقرب ، مما يعكس مدى التطرف الذي يحكم سلوك نتنياهو وفريقه وسياسته التي لم تعد تحظى بأدنى إحترام من قبل أصدقائهم في الغرب .

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا