متى نتحدث عن فيدرالية بين البيرة ورام الله ؟!

بقلم: نبيل عمرو

يبدو هذا العنوان ملائما تماما لمسرحية هزلية، أو لفيلم سينمائي غرائبي، إلا أنه في الشأن الفلسطيني يبدو واقعيا تماما ، لأن مثله طرح كحل للعلاقة بين غزة والضفة.

رافع لواء هذا الحل هي حركة حماس على لسان الرجل الثاني في بنائها القيادي، موسى أبو مرزوق. ويعرف أبو مرزوق أكثر من غيره ماذا يريد من هذا التصريح ، ولا أخاله يقول انها زلة لسان او مغالاة في الوصف.

بعد سنوات طويلة من الانقسام، وإقامة سلطتين هزيلتين على أرض وطن كان واحداً في كل الاحقاب التاريخية ، وبعد ان ذاق عشاق النفوذ والحكم طعم السيطرة والتحكم بالمصائر ، وبعد ان بدا مستحيلاً إعادة وحدة الوطن الى سابق عهدها تاريخيا وسياسياً، تصر الطبقة السياسية الحاكمة على قلب المنطق رأسا على عقب ، فبدل ان تستجيب هذه الطبقة الحاكمة والمتحكمة بمصالح الناس ومصلحة الوطن، فها هي تطالب الناس والوطن بالتكيف مع رؤاها ومصالحها ، فمن اجل ان يبقى حكم حماس في غزة ، مطلوب فتح محادثات من نقطة الصفر مع الحكم في رام الله ، لاقامة «اتحاد فيدرالي» بين بلدين استعصى عليهما ان يظلا شقيقين ، فإذا «بالواقعية السياسية» تطلب منهما ان يعملا على ان يكونا صديقين أو غير متحاربين في افضل الأحوال .

في هذا الزمن واجه الفلسطينيون العديد من الكوارث والمصائب ، الا اننا سنتوقف عند ثلاث منها حددت واقع القضية الفلسطينية وآفاقها:

الكارثة الأولى.. الاحتلالان الاسرائيليان في عامي 1948 و1967.

والكارثة الثانية.. الانقلاب والانقسام الذي وقع في عام 2007، وها هو يكمل عقدا من الزمن.

اما الكارثة الثالثة.. فهي الحل المقترح لمعالجة كارثة الانقسام، بافتراض غزة تقع في افريقيا والضفة تقع في آسيا ولا أمل بلقاء الكيانين الا عبر صيغة فيدرالية !!!,

هذا الذي وصلنا اليه يشير بوضوح شديد الى أن حالنا صار الأسوأ والاشد انحطاطاً ، إذا ما قورن مع كل الاحقاب التي مرت بها قضيتنا، بل انها المرحلة الأسوأ بالمقارنة مع جميع قضايا الشعوب، التي كافحت ضد الاحتلال وانتصرت عليه، وكافحت من اجل الوحدة الوطنية وانجزتها ، وكافحت كذلك من اجل الحداثة والتنمية وقطعت اشواطا على طريقها .

اما نحن أصحاب «الفيدرالية» بين غزة والضفة ، فما الذي فعلناه بأنفسنا وبقضيتنا؟ وما الذي نستطيع ان نتباهى به كإنجاز وطني يحترمه العالم، ويتخذ منه برهاناً على المضي في دعمنا والتهيئة لدولة حقيقية لشعبنا؟

ثم ماذا نقول لبينيت الذي ما ان سمع بحكاية الفيدرالية بين غزة والضفة حتى تقمص والعياذ بالله دور ابي موسى الاشعري الذي خلع صاحبه اذ قال بينيت، ها هي دولة الفلسطينيين الناجزة في غزة ، واتركوا لنا الضفة..

حقا انه زمن العجائب والغرائب، حين نحتفل بالذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ، ونحيي ذكرى مئات الاف الشهداء والأسرى والجرحى ، ونجد من يضع على جدول اعمالنا في هذه الذكرى «وحدة فيدرالية» بين غزة والضفة، ونسأل الله ان يعفينا ، ونحن في احتفال قادم بالذكرى الثالثة والخمسين ، ان نجد من يقترح علينا «كونفدرالية» بين الخليل ونابلس، بعد نجاحنا في انجاز «فيدرالية» بين البيرة ورام الله، فلعلنا لو أنجزنا ذلك نضاعف عدد الوزراء في بلادنا، ونضاعف عدد السفراء بين الفيدراليات والكونفدراليات!!

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا