ثقافة الفيسبوك في المجتمعات العربية

بقلم: د.ايهاب عمرو

لعل الدافع وراء كتابة هذه المقالة قيام معظم الجيل الشاب في العالم العربي بقضاء ساعات طويلة خلف جهاز الكمبيوتر لا لأمر مهم سوى إستخدام الإنترنت بشكل غير مجدي، وتحديداً وسائل التواصل الإجتماعي، وأهمها فيسبوك. وما يزيد من خطورة الأمر هو إكتساب معظم الجيل الشاب ثقافة جديدة عبر وسائل التواصل الإجتماعي كان من الأجدى إكتسابها عبر قراءة الكتب أو متابعة برامج تلفزيونية أو إذاعية أكثر فائدة وأعمق أثراً. وما يزيد الطين بلة هو قيام بعض الطلبة الجامعيين بإنشاء “جروبات” خاصة بهم من أجل التواصل فيما بينهم عبر تلك الوسيلة من وسائل التواصل الإجتماعي واسعة الإنتشار.

ومع إيماني العميق بأهمية وسائل التواصل الإجتماعي وفائدتها لعموم المجتمع وللطلبة خصوصاً ما يساعدهم على التواصل ليس فقط فيما بينهم، بل وحتى مع أساتذتهم خصوصاً في تلك الجامعات التي لا توفربوابة أكاديمية يمكن من خلالها التواصل بين الكادر الأكاديمي والطلاب والطالبات، إلا أنه لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن تلك “الجروبات” قد يكون ضررها أكثر من نفعها، وذلك مرده إلى إنشغال الطلبة بهذا الجزء من العالم الإفتراضي ما قد يترتب عليه تقصيرهم في متابعة المساقات والإمتحانات، وأحياناً التغيب أو التأخر عن حضور المحاضرات، بسبب قضائهم وقتاً طويلاً خلف أجهزة الكمبيوتر وغرف الدردشة، خصوصاً في ظل التحديث المستمر للحسابات وإستخداماتها ما يشكل مصدر جذب للجيل الشاب على إختلاف أعمارهم وأجناسهم. ناهيك عن ما يسبب الإستخدام غير السليم لجهاز الكمبيوتر من أمراض قد ينتج عنها نتائج سلبية على صحة المستخدم، خصوصاً في ظل شيوع ما يعرف بإسم “مرض الكمبيوتر” الذي يسبب مشاكل وآلام في الرقبة، المفاصل، العيون، الأعصاب، وغيرها من المشاكل العضوية، العصبية وكذلك النفسية.

ولاحظنا خلال فترة ما يسمى “الربيع العربي” كيف لعبت تلك الوسيلة من وسائل التواصل الإجتماعي دوراً هاماً في التواصل والتحشيد. ورغم إيماني العميق بدكتاتورية بعض الأنظمة التي كانت قائمة والتي سادت ثم بادت، إلا أنه لا بد من الإشارة هنا إلى أن إستخدام فيسبوك وكذلك تويتر كان أمراً إستثنائياً، حيث إن وسائل التواصل الإجتماعي عموماً ليس لها أية هوية أيديولوجية تصلح لأن تشكل أساس سياسي أو إقتصادي محدد، أو مرجعية فكرية يمكن الوثوق بها أو الإعتماد عليها في أمر مصيري لمستقبل المنطقة العربية ومستقبل أجيالها الصاعدة، والذي أدى إلى إحداث تغييرات جذرية لن تزول آثارها بسهولة في المستقبل القريب.

وبعيداً عن نظرية “المؤامرة” فإن إستخدام فيسبوك وتويتر كان من أجل المساعدة على إحداث التغيير المطلوب إذا ما علمنا أن معظم الجيل الشاب يستخدم وسائل التواصل الإجتماعي بشكل كبير ويومي، مع التأكيد على سهولة تسويق الأفكارعبر تلك الوسائل بسبب ضعف المنطلقات الفكرية – مع الإحترام- لدى معظم الجيل الشاب في العالم العربي كنتيجة مترتبة عن العزوف عن القراءة والتزود باللغات وبالمعارف الضرورية الكافية التي تمكنهم من رؤية الأمور على حقيقتها دون إفراط أو تفريط.

تأسيساً على ما سبق، يتعين على الجيل الشاب في المنطقة العربية عدم الإفراط في إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي، خصوصاً فيسبوك وتويتر، والعمل على إكتساب معارف وعلوم وثقافات جديدة بواسطة القراءة، خصوصاً أن العلم في أمهات الكتب.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا