عندما تفكر الإدارة الامريكية بنقل سفارتها من تل أبيب الى القدس، فإنها تعبر عن جهالة و صلف و استهتار برد فعل شعبنا، و ردود الشعوب العربية و الاسلامية، و ردود القوى الدولية المحبة للحرية و السلام ، و مواقف الدول التي تمثل غالبية ساحقة في الامم المتحدة ، نادت و مازالت تنادي ، بضرورة إنهاء الاحتلال الاسرائيلي عن أرض فلسطين، و منح شعبها حريته و استقلاله و تطبيق القرارات المتعلقة بقضيته و صراعه مع اسرائيل، و في مقدمتها قرار 194 ، الذي يضمن عودة اللأجئين الى الاماكن التي أجلوا عنها، و تعويضهم عن كل ما تكبدوه من خسائر مادية و معنوية.
و هي بهذه الفكرة إنما تعرب عن عدائها للارادة الدولية و لقرارات مجلس الامن و الجمعية العامة ، التي تؤكد أن الارض التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس، هي أرض الدولة الفلسطينية ، العضو المراقب في الهيئة الدولية و الساعية قيادتها الى جانب شعبها و أصدقائها في العالم، لانتزاع عضويتها الكاملة في الامم المتحدة ، في أقرب وقت أن شاء الله .
ان الادارة التي تحدد موقفها بعيدا عن المواقف التقليدية الثابتة لبلادها، و لاداراتها المختلفة ديقراطية و جمهورية ، إنما هي إدارة جاهلة ، لا تتحدى العالم فحسب ارضاءا لاسرائيل ، و انما تتحدى مواقف بلادها ، و تنغلب عليها ، دون حساب لاي مردود سلبي ، قد يطال سمعتها و علاقاتها و صورتها أمام الشعوب كلها.
انها إدارة يتصرف رئيسها و كأنه في حلبة مصارعة، لا يلتزم بأي قوانين أو ضوابط أو أصول أو أنظمة يجب أن تحكم الحلبة ، و يود أن يمارس ذلك النهج و السلوك حتى في العلاقات الدولية ، و على حساب الشعوب التي قد تندفع في هذه الحالة الى حافة اليأس ، الذي قد يولد نارا لا يمكن اطفاءها.
اننا نأمل أن تتراجع الادارة و الرئيس الجديد دونالد ترامب عن هذه الافكار المدمرة، و المتناقضة مع موقف العالم كله ، فالقدس عاصمة فلسطين و مدينة جرى احتلالها عام 1967 ، يجب أن ينسحب الاحتلال منها ، كما أنها مدينة صنفها قرار منظمة اليونسكو الاخير، بأنها جزء من التراث العالمي له أصالته الاسلامية ، و لا علاقة لليهود به من قريب أو بعيد، و لا حتى بما تسميه اسرائيل ” حائط المبكى” ، فهذا الحائط أكدت اليونسكو بأنه حائط البراق الاسلامي ، و أن المسجد الاقصى بكل بناياته و ساحاته و مساحاته أثر اسلامي خالص.
إضافة لذلك ، فإن ما على الادارة الجديدة أن تفهمه، هو أن القدس بشقيها الغربي المحتل عام 1948 و الشرقي المحتل عام 1967، لم تمنح اسرائيل فيها شبرا واحدا ، ضمن قرار التقسيم 181 للعام 1947 الذي طالب بإقامة دولتين ، اسرائيل و فلسطين .
لا يمكن لهذه الادارة ان تدير ظهرها لكل مواقف بلادها السابقة التي امتنعت عن مجاراة اسرائيل، و الاستجابة لرغباتها و نزواتها العدائية بنقل السفارة الى القدس، و الا فإنها ستكون ادارة حمقاء ، تتلقى الانتقادات و الاعتراض حتى من سياسي بلادها ، و قادة فكرها، و مسؤولي وسائل إعلامها ، و ما مجرد تفكيرها بهذا الامر ، سوى مخاطرة بكل فرص السلام ، التي أضاعتها اسرائيل و سعت دوما الى إفشالها ، و لن يتمكن حينها الرئيس الجديد دونالد ترامب من تحقيق ما أعلن بأنه يتمنى ان ينجزه من سلام بين الاسرائيلين و الفلسطينيين.
الامر يتطلب من الرئيس الجديد إذا أراد أن يحقق شيئا جديا ملفتا للانظار في عصره، و مميزا و مخلدا له في التاريخ ، و يستحق عليه كل الجوائز ، هو أن يضغط و أن يقنع صديقته اسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية ، و إقامة سلام عادل ، يخدم شعبها مثلما يخدم شعبنا كذلك.
رسالة المفوض الاسبوعية الصادرة عن مفوضية الاقاليم الخارجية لحركة “فتح”