تحديات ومطبات في طريق ترامب

بقلم: غازي السعدي

يدخل الرئيس الأميركي المنتخب “دونالد ترامب” البيت الأبيض، وسط مشاكل وإشكالات عديدة، ومظاهرات في الشارع الأميركي للنيل منه، ومقاطعة عدد كبير من النواب ومن المدعوين لحضور مراسم تتويجه للرئاسة، وتأديته اليمين الدستورية رئيساً، وانخفاض شعبيته في الولايات المتحدة إلى 40% -حسب جريدة “واشنطن بوست”- تعتبر من أدنى المستويات التي حصل عليها ، وهناك أربع مطبات حرجة وصعبة وخطيرة، سيقوم الرئيس “ترامب” بمواجهتها في مستهل ولايته .
المطب الأول: فضيحة الأشرطة الجنسية التي وثقتها المخابرات الروسية، وصورها الروس سراً منذ عام 2013 أثناء زيارته إلى موسكو، وأكد تقرير عن موقع “بازافيد” الروسي، أن بحوزة الجهات الروسية أشرطة فيديو للرئيس “ترامب” خلال تواجده مع مومسات في فندق “ديتش كارلتون” في موسكو، وأن “ترامب” طلب من المومسات أن يتبولن أمامه في الغرفة التي سبق ومكث فيها الرئيس “باراك أوباما” وزوجته، حينما تواجدوا في موسكو، وأفاد تقرير الموقع المذكور أن الفندق كان مغطى تماماً بكاميرات وميكروفونات من المخابرات الروسية “F.S.B” الذين التقطوا كل مشهد وكل كلمة في الغرفة.
فضيحة الأشرطة الجنسية هي أسهل المطبات المتعود عليها “ترامب” والتي أثيرت أثناء الحملة الانتخابية، فروسيا التي تتآمر علناً ضد المصالح الأميركية وغير الأميركية، في جميع الساحات، هي معتادة على مثل هذه الأساليب، فالرئيس المنتخب واقع تحت التأثير والابتزاز والضغوط الروسية، وهذا هو سر تأييد “ترامب” العلني للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، فوسائل الإعلام الأميركية أطلعت الرئيس المنتخب على وجود هذه الملفات المحرجة لدى المخابرات الروسية، جمعتها على مدى سنوات بهدف الابتزاز، وحسب جريدة “يديعوت احرونوت 14-1-2017″، فإن روسيا تمتلك وسائل ضغط على “ترامب” لإخضاعه، وهناك شبهات بوجود روابط غير معلنة بين “ترامب”- أو بعض مساعديه- مع الكرملين، حتى أن مجلس الشيوخ الأميركي أعلن عن فتح تحقيق في الشبهات بعلاقة الرئيس مع الكرملين، والتحقيق بتدخل موسكو في انتخابات الرئاسة الأميركية لصالح “ترامب”، وأن المجلس سيستدعي مسؤولين كبار من إدارة “ترامب” الجديدة، ومن إدارة الرئيس “أوباما” المنتهية ولايته، لاستجوابهم في هذه القضية.
أما المطب الثاني: فقد ذكر راديو إسرائيل باللغة العبرية بتاريخ “11-1-2017″،وجود تحذير لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي تتبادل المعلومات، وتنسق مع المخابرات الأميركية، وإلى المسؤولين الإسرائيليين ذوي العلاقة، بوجوب الحذر من تزويد المخابرات الأميركية بمعلومات حساسة، خشية أن تصل إلى المخابرات الروسية، حيث وضعت المخابرات الأميركية على طاولة الرئيس “أوباما” المنتهية ولايته، والرئيس المنتخب “ترامب”، خلاصة تقرير يقوم على معلومات وتحقيقات شخصية توثق العلاقات الحقيقية للرئيس “ترامب” مع حكومة “بوتين” الروسية، والأخطار الكامنة باحتفاظ روسيا بمعلومات هامة مؤثرة عن “ترامب”، يمكنها أن تكون وسيلة لابتزازه، وحذر التقرير المخابراتي كلا من “أوباما” و”ترامب”، من وجود قناة اتصال مفتوحة بين الرئيس المنتخب والكرملين، حيث أن “ترامب” ومساعديه ساعدوا الكرملين، بتزويدهم بمعلومات طلبها الروس، عن شخصيات روسية الأصل تقيم بالولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن كلا من “بوتين” و”ترامب”، ينفيان هذه المعلومات، غير أن الروح المعنوية في وكالة المخابرات الأميركية “سي.آي.ايه” ستؤدي إلى رحيل أفراد من أجهزة المخابرات، وتدفع بالمتبقين إلى اتخاذ قدر من المخاطر لمواجهة التهديدات الأمنية.
في إسرائيل التي ترتبط مع الولايات المتحدة باتفاق استراتيجي كامل، ومع روسيا باتفاقات وتنسيق أمني خاصة بالنسبة لسورية، فإن القلق يساورها من صعوبة وحساسية التنسيق الأمني مع كلا الجانبين الأميركي والروسي، وهي بانتظار التطورات وانجلاء توجهات الإدارة الأميركية الجديدة.
المطب الثالث: يتعلق بموضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، فقرار نقل السفارة هذا جرى اتخاذه من قبل الكونغرس الأميركي منذ سنوات، وحسب القانون الأميركي فإن من حق الرئيس الأميركي تأجيل هذا الانتقال كل ستة شهور، وفي هذه الأيام ومع انتهاء الستة شهور الأخيرة، وقع الرئيس “باراك أوباما”، قبل أن تنتهي ولايته الأمر بعدم نقل السفارة لستة أشهر أخرى، غير أن الإسرائيليين نفذ صبرهم من كثرة الوعود الأميركية في كل انتخابات لنقل السفارة، وهم بانتظار تولي “ترامب” مهامه الرئاسية، لمعرفة إذا كان سيفي بوعوده، ويلاحظ من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية بداية تراجع من قبل إدارة “ترامب” بالنسبة لنقل السفارة إلى القدس، فقد أفادت المعلومات، أن السفارة الأميركية قد تبقى في مكانها بتل-أبيب، ويتم إرسال طواقم صغيرة من موظفي السفارة للعمل من القنصلية الأميركية في القدس، هذه القنصلية التي تعمل من قصر المندوب، بالقرب من فندق دبلومات، وحتى إذا قرر “ترامب” نقل السفارة إلى القدس، فليس من الواضح إذا كانت ستقام في غرب المدينة أم في شرقها، مع العلم بأن السفير الأميركي الجديد، يملك ثلاثة منازل في حي الطالبية في القدس، فطواقم “ترامب” ما زالت في مرحلة دراسة أفكار عديدة بالنسبة لنقل السفارة، منها وضع حجر أساس للسفارة في القدس، مع تجميد البناء.
المرشح لمنصب وزير الدفاع الأميركي “جيمس متيس”، سئل أثناء استجوابه من قبل مجلس الشيوخ: ما هي عاصمة إسرائيل؟ أجاب أن العاصمة الإسرائيلية التي أزورها هي تل-أبيب، والتي يوجد فيها كل أعضاء الحكومة، وسئل: هل توافق على أن القدس هي عاصمة إسرائيل؟ فرد قائلاً: أنا أتمسك بموقف الولايات المتحدة، وسئل: هل أن أقوال “متيس” تعكس تغييراً في موقف الإدارة الأميركية الجديدة من نقل السفارة إلى القدس؟ فنقل السفارة الأميركية إلى القدس، يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية.
أما المطب الرابع والذي قد يؤثر جداً في قوة ومكانة أميركا في العلاقة مع أوروبا، حيث أدلى “ترامب” بتصريحات أكد فيها علناً على عدم أهمية حلف الناتو، مما يعني فك الشراكة الأمنية مع أوروبا، مما قد يخلق تعارض مصالح، وهو الأمر الذي وصفه الرئيس الفرنسي “هولاند” بالكارثة، كما أثنى “ترامب” على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مما يعني أنه سيعمل على تفكيك الاتحاد الذي بناه الأوروبيون منذ عشرات السنين بالكثير من الجهد والعمل والمال.
إن فك الشراكة الأمنية الأميركية الأوروبية عبر حل حلف الناتو يعني سحب القيادات الأميركية والقوات الأميركية من أوروبا، مما يعرض اوروبا أكثر للضغوط الروسية، ويدفع بها نحو سباق تسلح لمواجهة الأخطار التي كانت تعتمد على الولايات المتحدة لمواجهتها، بكل الانعكاسات المترتبة على ذلك.
على صعيد آخر، فقد أعلنت القيادة الفلسطينية أنها في حال نقل السفارة الأميركية إلى القدس، فإن الفلسطينيين سيعيدون النظر باعترافهم بإسرائيل، وحذرت القيادة الفلسطينية أن نقل السفارة سيكون بمثابة إعلان حرب على المسلمين، وسيخلق سيناريوهات لا يأمل أيا منا رؤيتها، وستعرض المنطقة كلها للخطر، فموضوع نقل السفارة تفاقم في أعقاب رسالة الرئيس “محمود عباس”، إلى الرئيس “ترامب”، ناشده فيها بعدم نقل السفارة، وتحذير ملك الأردن “عبد الله الثاني” من أن اتخاذ هذه الخطوة، سيكون بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء، وإشعال النار في الشارع الإسلامي، واعتبر وزير الإعلام الأردني د. محمد المومني، أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء، وسيكون لها أبعاد كارثية، وقال وزير الخارجية المنتهية ولايته “جون كيري”، إن نقل السفارة سوف يحدث انفجارا في كل المنطقة، ونقلت جريدة “هآرتس18-1-2017″، عن “كيري” أن مثل هذه الخطوة ستفضي إلى اندلاع أعمال عنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وفي الشرق الأوسط كله، وتؤثر تأثيراً سيئاً على علاقات إسرائيل مع مصر والأردن، وأنه سمع من الأردن والفلسطينيين ودول عربية أخرى، أن نقل السفارة بمثابة عملية استفزازية خطيرة، وأن الإدارة الأميركية المنتهية صلاحيتها تعارض نقل السفارة من جانب واحد، دون حل لباقي القضايا، وأكد سفير أميركا السابق في إسرائيل “ايندك”، أن الرؤساء الأميركيين السابقين امتنعوا حتى الآن عن نقل السفارة لإدراكهم خطورة مثل هذه الخطوة، وخشيتهم من ردود الفعل العربية والدولية، ويبقى السؤال: هل سيرتكب الرئيس “ترامب” حماقة بنقله للسفارة من تل-أبيب إلى القدس؟ الأيام القادمة ستعطي الجواب.
انتهى…

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا