بينيت يرتجف

عشية زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل يزداد التوتر بين اركان الائتلاف الحاكم. وزاد من حدة التوتر التصريح، الذي أدلى به الجنرال هربرت مكماستر، مستشار الأمن القومي الأميركي يوم الجمعة الماضي، وجاء فيه:” أن الرئيس ترامب قد يعلن تأييده لحق تقرير المصير للفلسطينيين”، خلال زيارته لإسرائيل وفلسطين الأسبوع القادم، ما حدا بنفتالي بينيت، وزير التعليم لإطلاق تصريح امس الاول، دعا فيه إسرائيل إلى المبادرة “بطرح رؤيا خاصة بها، وإلا، كما يبدو مجددا، فإن مصيرها سيتم تحديده من قبل الآخرين.” ولم يكتف زعيم حزب “البيت اليهودي” بذلك، بل هاجم رئيس الحكومة، نتنياهو، وطالبه بـ”التخلي عن خطاب بار إيلان.” الذي القاه عام 2009، وتبنى فيه شكليا تأييده لخيار الدولتين للشعبين. ووفق بينت فإن ذلك الخطاب “والموافقة عليه، جر على إسرائيل المقاطعة، والإرهاب، والتهديد الديمغرافي الخطير.” ودعا إلى إلغاء ذلك الخطاب. وخلص الرجل الأكثر تطرفا في الائتلاف الحاكم إلى نتيجة مفادها، ان إسرائيل امام طريقين: الأول هو “استمرار سياسة بار إيلان، التي تسعى لإقامة دولة فلسطينية ثانية (حسب وصفه) إلى جانب دولة غزة (….) الخيار الثاني هو “ان ترسم إسرائيل أفقاً خاصاً بها لمستقبل المنطقة: التطوير الاقتصادي الإقليمي المبني على المبادرات، منع إقامة دولة فلسطينية .. ، فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق “الإسرائيلية” في “يهودا والسامرة (الضفة الفلسطينية) ، إعادة تنظيم الوضع في قطاع غزة، تعزيز دولة إسرائيل باعتبارها ركيزة أمنية، استخبارية، واقتصادية في المنطقة”. ما جال عليه وزير المعارف اليميني المتطرف كثير، وكثير جدا، ويحتاج إلى قراءة اعمق وأوسع من حدود الزاوية هنا. مع ذلك هناك ما يستوجب التوقف المباشر وهو ملاحظة الارتجاف وردة الفعل الإسرائيلية، التي عكسها رئيس البيت اليهودي من مجرد تصريح لمستشار الأمن القومي الأميركي. الذي احتمل دعم الرئيس ترامب لحق تقرير المصير للفلسطينيين، ولم يجزم مكماستر. ومن يعود للأمس القريب بعد فوز الرئيس الجمهوري بالانتخابات الرئاسية وعشية توليه مقاليد الحكم دستوريا، يلحظ الفرق الشاسع بين ما كان يردده بينيت أمس، وبين ما يعلنه اليوم حول ذات الرئيس الأميركي نفسه. هذا الفرق، الذي لم يلحظه بعض الفلسطينيين الأوسلويين. ومع ان خطاب بار إيلان، تراجع عنه نتنياهو، فضلا عن انه خطاب ملتبس وغامض، ولا يفي بالحد الأدنى المطلوب فلسطينيا. غير ان بينيت وأقرانه في الائتلاف لم يتحملوا شعارا ديماغوجيا تضليليا من رئيس ائتلافهم. كما انه لم يستطع تحمل مجرد إمكانية تبني ودعم الرئيس الأميركي حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني.
وهو ما يعكس حجم القلق والارتباك الإسرائيلي مما قد يحمله الرئيس ترامب. وهم يعلمون بينيت وحزبه وحلفاؤه، ان واشنطن لا تسمح بالانتقاص من مكانة اسرائيل وأمنها وتفوقها الإستراتيجي في الإقليم. ومع ذلك لا يريد بينيت سماع اي كلمة او مقولة تتضمن حق الفلسطينيين في دولة مستقلة لهم. ثم ان زعيم البيت الإسرائيلي، عليه ان يعلم علم اليقين، ان الشعب والقيادة الفلسطينية لن يسمحوا باستمرار الإمارة في غزة. وسيعيدون الاعتبار للوحدة الوطنية كمقدمة لبناء الدولة الفلسطينية الواحدة والموحدة والمتواصلة جغرافيا وسياسيا وإداريا وقانونيا على حدود الرابع من حزيران /يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194. وان فلسطين هي وطن الفلسطينيين ولا يوجد لهم وطن غيرها. وبالتالي كل ما عرضه من مبادرات اقتصادية وأمنية، لا مجال لتسويقها في اوساط الشعب الفلسطيني. وسيبقى الفلسطينيون شعبا وقيادة يواصلون الكفاح حتى تحقيق أهدافهم في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وضمان حق العودة للاجئين لديارهم. وقبولهم المساومة، لا يعني التسليم بالرواية الصهيونية الكاذبة والمفضوحة، وتمرير قانون “القومية” بالقراءة التمهيدية مؤخرا في الكنيست، لا يلزم الفلسطينيين بشيء نهائيا، ولا يفهم منه، انه مقبول منهم. وبالتالي على بينيت وأضرابه من المتطرفين تدوير الزوايا والقبول بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67، لأن في ذلك مصلحة له ولحزبه ولإسرائيل برمتها، وليس فقط للفلسطينيين والعرب عموما والمصالح الأميركية والغربية عموما.

بقلم:عمر حلمي الغول

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا