الرئيسيةمختاراتمقالات"صفقة الأمان المتبادلة" بين اسرائيل وحماس! كتب حسن عصفور

“صفقة الأمان المتبادلة” بين اسرائيل وحماس! كتب حسن عصفور

العلاقة الاسرائيلية – الحمساوية لم تعد “سرا” من الأسرار التي يتم البحث عنها، بل اصبحت مسألة يتم “التباهي” بها من طرفيها، كل بطريقته وما يخدم مصالحه، واهدافه، ولكن ما جاء مفاجئا للعامة والخاصة من أهل فلسطين، ان تصل القضية الى تلك “الثقة المتبادلة” حتى يعلن رئيس حركة حماس في قطاع غزة، اسماعيل هنية بأن اسرائيل “أبلغتنا بانه لا حرب جديدة على قطاع غزة”..

هذه العبارة كان لها أن تقيم “ثورة عامة” ليس في فلسطين فحسب، بل في كل مكان به فرع للجماعة الأخوانية، لو أن قائلها كان الرئيس محمود عباس، او حتى أي من أعضاء الاطار الأول في حركة فتح وجوارها الفصائليين، ولنال من التهم والصفات قد تعجز عنها اللغة المعروفة، فتلك هي المرة الإولى في تاريخ الصراع الفلسطيني مع دولة الاحتلال، ان يعلن مسؤول في فصيل تلك “النبوءة السياسية” بالغاء الطبيعة العدوانية للكيان، بل واسقاط تهمة الغدر عنه، بعد كل ما ارتكبه من “جرائم حرب”، باتت الآن في “ارشيف المحكمة الجنائية الدولية”، حتى لو تغاضت القيادة الرسمية الفلسطينية في اطار صفقتها مع نتنياهو وأمريكا عن تفعيلها..

ولأن الكلام السياسي ليس نزوة ، فما قاله هنية ليس سوى احد اوجه “الصفقة الاسرائيلية الحمساوية” التي وصلت الى نهايتها، بل وبدأت عمليا في التنفيذ منذ اسابيع، وجاءت تصريحات القيادي البارز في حماس د.غازي حمد لاذاعة اسرائيل، متحدثا لها بالعبرية، أن حماس لا تبحث شن “حرب على اسرائيل”، لتكمل الوجه الاخر للصفقة المكتملة..

ومن يقرأ بعضا مما نشر خلال الساعات الأيام الأخيرة، سيجد أن الحديث عن “التفاوض – الاتصال” بين حماس واسرائيل، هو سيد الخبر، أكملها الاعلام العبري بكشف توصيات قادة الجهاز العسكري الأمني الاسرائيلي بالموافقة على التوصيات السياسية للصفقة، ومعلنا المقابل الاسرائيلي لها، من “تسهيلات واسعة جدا تؤدي الى تغيير جذري” في العلاقة وترسيخ الثقة المتبادلة” بين طرفيها في غزة وتل أبيب..

قادة أمن اسرائيل أعربوا عن ضرورة قيام حكومة نتنياهو بالاسراع لـ”إنقاذ حماس” من أزمتها الخانقة، ونقلت “هآرتس” العبرية، تقديرات عن قادة الجيش الاسرائيلي تقول بأن “حركة حماس باتت بلا إنجازات جدية ومعزولة سياسيا وعلاقاتها مع مصر لا تزال متوترة”، لذا خلصت القيادات الأمنية إلى أنه بالإمكان “التوصل إلى “هدوء طويل الأمد” على طول الحدود مع غزة من خلال التسهيلات الاقتصادية الواسعة وإلغاء بعض القرارات، بما يتعلق بنقل البضائع التجارية وخروج السكان من القطاع”.

تلك “التسهيلات” تشمل فيما تشمل، فتح معبر بيت حانون – إيرز بشكل يومي، والسماح بعبور أعداد كبيرة نسبيا من الغزيين إلى الضفة الغربية والأردن، وذلك بدلا من عبورهم من معبر رفح المصري، لكن وفق إجراءات أمنية مشددة. كما أوصت القيادات العسكرية الاسرائيلية بإعادة فتح معبر “كارني” التجاري، والذي أغلق قبل 4 سنوات، وتوسيع معبر كرم أبو سالم، ومنح آلاف الغزيين تصاريح عمل في البلدات الإسرائيلية القريبة من غزة..ومع كل هذه “العطايا”، كشفت حماس أن هناك اتصالات خاصة بمسألة فقدان جثث جنود اسرائيليين..

الطريف ان تلك “التسهيلات الاسرائيلية” منحت لحركة حماس مباشرة، وعبر قناة تفاوضية خلفية، وبلا أي تنسيق مع جهاز السلطة الفلسطينية الخاص بالارتباط المدني، كرسالة سياسية من طرفيها، حماس واسرائيل، أن السلطة لم تعد طرفا فيما يخص “الشأن الغزي”، وباتت غير ذي صلة به، وأن دولة الكيان تعترف الآن بأن “مستقبل قطاع غزة” يتعلق بالعلاقة مع حماس، ومن هنا تبدأ رحلة “الفصل السياسي” ليس بين الضفة والقطاع فحسب، بل فصل في التعامل التمثيلي للشعب الفلسطيني، فإسرائيل تعلن الآن ان تعاملها مع الطرف الفلسطيني يتم عن طريق “جهتين ممثلتين”، وليس جهة واحدة، وبه تلغي عملي وسياسيا رسائل “الاعتراف المتبادلة بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية”..

دولة الكيان بدأت مع اعلانها السياسي الجديد، بتأسيس “إطار تمثيلي خاص” لقطاع غزة، مستفيدة من موقف الرئاسة والحكومة الفلسطينية في عدم القيام بدورها المفروض نحو القطاع، ومنحت حماس قدرة لأن تبدو أنها ضحية لإهمال السلطة وتعنتها في التعاطي مع مشكلات أهل غزة، خاصة بعد اتفاق الشاطئ وغياب الحكومة عن التواجد العملي، وقضايا بلا عدد استفادت منها حماس جيدا، وخطفتها دولة الكيان لتؤسس لتأطير “مشروع الانفصال السياسي” من بوابة “الأزمة الإنسانية”..

وأمام تلك التسهيلات الكبيرة جدا ستحصد حماس تعاطفا وتأييدا هائلا من أهل القطاع، خاصة لو التزمت فعلا دولة الكيان بتنفيذ معالم الصفقة سريعا، مع توفير “شبكة أمان” بلا حرب ولا عدوان، مقابل وضع مضطرب في الضفة، به ملامح انقلاب سياسي على القانون والنظام، ومأسسة لـ”حكم خاص”، مع تصعيد استخدام “القبضة الأمنية” في الضفة بعد نجاح الأمن الاسرائيلي بترويج اشاعات حول قوة حماس العسكرية ومخططها، وإختراع نظرية مستحدثة ساذجة جدا، تحت مسمى “مؤامرة الانقلاب لخلية الامارات”..

وساعد الأمن الاسرائيلي في ترويج ذلك تصريحات غبية وحمقاء ومتغطرسة من قبل بعض قيادات حماس ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية..وهو ما تخطط له اسرائيل لتمرير مشروعها بشقيه في الضفة بتقاسم وظيفي مع “بقايا سلطة”، وتمرير مشروع “الانفصال السياسي” في القطاع عبر “أزمة الخنق الانساني”!

نعم..حماس واسرائيل بدأتا العمل وفق ما يمكن اعتباره مرحلة ” الأمان المتبادل” بينهما، نحو مستقبل “كياني خاص للقطاع”، دون أي مشاركة للسلطة القائمة في رام الله، المنشغلة بتطويق “مشاكلها الخاصة” وتطويق “المؤامرات عليها”..تلك هي البداية ليس الإ..!

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا