خامنئي يقول لأمريكا: شكرا .. الاتفاق النووي لن يغير أهداف إيران في المنطقة بل العكس هو الصحيح

المضمون: ( يقول الكاتب أن الاتفاق النووي مع إيران لم يغير ما تتطلع له إيران من استراتيجيات وسياسيات، وبذلك اعتبر الكاتب إيران منتصرة من خلال هذا الاتفاق)

منذ التوقيع على الاتفاق بين إيران والدول العظمى اهتزت الساحة الدولية وكتب الكثير من المقالات مع وضد. في إيران ايضا هناك اصوات يمكن اعتبارها ضد الاتفاق ـ لا سيما المحافظين الذين يزعمون أن إيران اضطرت إلى خلع ملابسها. ومن فوق رأس المحافظين يقف الزعيم الروحي علي خامنئي الذي بدا وكأنه غير راض في خطابه في نهاية الأسبوع عن القول وكأن إيران بعد الاتفاق ستكون خاضعة للاملاءات الغربية، سواء فوق اراضيها أو في علاقاتها الخارجية مع جهات حليفة لها في الشرق الاوسط.

الجميع يعرفون أن إيران هي التي انتصرت في المواجهة الدبلوماسية وخرجت من المفاوضات المتعبة ويدها هي العليا. وقد كتبت في مناسبة اخرى أن المفاوضات هي أحد مميزات الفارسيين، ولا سيما الدبلوماسيين. الحرب الإيرانية العراقية على سبيل المثال، كان يمكن أن تنتهي في الاشهر الاولى لو اعترف صدام حسين، الزعيم العراقي الدكتاتور في حينه، بأنه هو الذي بدأ الحرب (وبالفعل هو الذي بدأ). لكن سموه لم يسمح له بذلك، وقتل نحو مليون انسان في احدى أطول المعارك وأكثرها دموية في القرن العشرين.
في السياق الحالي لم تر إيران نفسها تقبل بأقل من رفع العقوبات واطلاق سراح مليارات الدولارات في البنوك الدولية، وتجديد علاقات التجارة والسياحة وغيرها. في المقابل ستبيع إيران الخداع للعالم الغربي والرئيس اوباما على رأسه ـ أن توجهها إلى مستقبل أفضل. إلا أن المستقبل أفضل بالنسبة لها وليس بالنسبة للعالم الغربي. فهو ليس المستقبل الذي ستفتح فيه منشآتها النووية أمام الرقابة، وأن تتعهد بأن برنامجها النووي لن يكون من أجل الحرب.
عندها جاء خطاب خامنئي الذي أعادنا إلى الواقع.

الواقع السياسي والاجتماعي في إيران معقد جدا. إيران تدين بهذا الاتفاق لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي نجح في تخويف الشرق الاوسط والعالم الغربي من الجرائم التي ينفذها يوميا. وفي المقابل فان إيران تظهر كدولة تسعى إلى السلام، وأن التنظيمات الإرهابية المختلفة التي برعايتها ـ حزب الله مثلا ـ تضحي بدمائها من اجل محاربة داعش وجبهة النصرة. لا أكثر ولا أقل من «المدافعين عن الغرب».

في هذا الواقع جاء خطاب الزعيم الروحي ليقول حقيقة واحدة مقلقة جدا وهي أن الاتفاق لم يأت لتغيير الاهداف السياسية والجيواستراتيجية لإيران في المنطقة، بل العكس. هذا الاتفاق بالتحديد يساعد إيران على الحفاظ على قوتها الاقليمية وزيادتها ـ على حساب الدول السنية التي أثبتت للغرب أن الإسلام الراديكالي السني لم ينشأ في إيران بل في تلك الدول الإسلامية مثل العراق والعربية السعودية. إيران تعرف جيدا أن ما يقلق العالم الغربي ليس السلاح النووي الإيراني وانما الإسلام المتطرف السني. ذلك الإسلام السني الذي لديه مدن كاملة في اوروبا ويسعى إلى فرض حضوره في الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية ايضا.

صراخ الجمهور اثناء خطاب خامنئي «الموت لأمريكا» أمر ثابت في خطاباته، بغض النظر عن موضوع الخطاب. وقد تعود الجمهور على الخطاب والصورة التي يقوم ببثها في وسائل الإعلام ـ وسائل الإعلام الإيرانية التي تعرف أن خطاب خامنئي كان متوقعا، وأنه هو المسؤول عن الحفاظ على قيم الثورة الإسلامية التي تسيطر على حرس الثورة والمحافظين. ذلك الشخص الذي عرف أن العالم الغربي يعترف بوجود البرنامج النووي ويقبله، يقول بلغته السياسية والدينية «شكرا يا أمريكا، شكرا لأنكم خلدتم الثورة والجمهورية الإسلامية بواسطة هذا الاتفاق».

بقلم: رونين أ. كوهين،عن إسرائيل اليوم

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا