الرئيسيةمختاراتمقالاتالطلاق مع ســنـة الـتـغـيـير كتب صادق الشافعي

الطلاق مع ســنـة الـتـغـيـير كتب صادق الشافعي

اعفاء السيد ياسر عبد ربه من موقعه اميناً للسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورغم احتفاظه بموقعه كعضو في اللجنة التنفيذية ذاتها، فتح ابوابا من التساؤلات والتأويلات وفتح حالة من الجدل، اوصلته الى درجة الحدث.
هذا الجدل يذكر، مع الاختلاف، بذلك الذي دار، ولا يزال، حول حدث تغيير الحكومة اوتعديلها.
الحدثان ، في الاوضاع العادية والطبيعية، ليسا اكثر من اجرائين عاديين يمارسهما اي نظام سياسي بهدف التغيير والتبديل الدوريين لضرورات واحتياجات مختلفة ومتنوعة، او لمجرد الانسجام مع سنة التغييرذات الاهمية القصوى لتطور الانظمة والمجتمعات وتقدمها.
نقاش الامر هنا لا يتعلق بالسيد عبد ربة لشخصه ولا بتقييم ادائه في موقع امين السر او بصحة قرار تغييره، ولا بطريقة اخذ القرار وخلفياته.
ولا يتعلق النقاش ايضا، بما بدأ يطرحه السيد عبد ربه من آراء حول النظام الفلسطيني وانتقادات لاوضاعه، وما قدمه من آراء للخروج به من وضعه الحالي، مع ملاحظة انها كلها طرحت على الجمهور فقط بعد قرار تغييره من موقعه،.
هذه الانتقادات والآراء من السيد عبد ربه وتوقيتها، يمكن ان تفهم كردة فعل على اجراء تغيير موقعه، بما يضعها في دائرة التساؤل، خصوصا انه كان من الحلقة الضيقة جدا التي تعرف وتساهم بادارة مفاوضات اوسلو السرية ، وانه استمر عضوا في اللجنة التنفيذية بعد اوسلو، كما قبلها.
ان النقاش هنا يقتصر على ما حمله الحدث من دلالات تتجاوز السيد عبد ربه واعفائه من موقعه المحدد، الى ما يتعلق باداء النظام الفلسطيني العام، وبالتحديد في تعامله مع سنة التغيير.
في الاوضاع العادية والطبيعية فان تغيير موقع السيد عبد ربه او غيره في اللجنة التنفيذية هو امر عادي سواء جاء انسجاما مع سنة التغيير كون السيد عبد ربة يشغل نفس الموقع لاكثر من عشر سنوات ويشغل عضوية اللجنة التنفيذية لاكثر من ربع قرن، او لأي اسباب اخرى ،لا تمس شخصه ولا ذاته الوطنية .
لكن لان اوضاعنا العامة ليست عادية ولا طبيعية، بشكل عام، ولان التغيير والتبديل في نظامنا العام ليس امرا معتادا، فان التغيير المذكور اخذ هذا الحجم من الجدل وجعل منه حدثا.
في تفسير هذا الحدث بالتحديد، تبرز الى المقدمة عوامل اساسية ثلاث:
العامل الاول، حال الطلاق بين نظامنا الفلسطيني العام وبين سنة التغيير، لصالح التمسك بالجمود والثبات، وبالهرم والشيخوخة ايضا. واي نظرة موضوعية ومنصفة، وليس ضروريا ان تكون متفحصة، للهيئات والمؤسسات العامة ،تؤكد وجود هذا الحال. كما تؤكد وجود علامة استفهام كبيرة حول شرعية معظمها، ان لم يكن كلها . هذا الحال يشكل واحدا من أهم الأسباب وراء ضعف النظام الفلسطيني العام، ووراء المركزة الشديدة في قمته من جهة والانفلاش في مكوناته من جهة اخرى .
لا يقتصر هذا الحال على مؤسسة السلطة والمنظمة واجهزتهما المختلفة، لكنه يشمل معظم حتى لا نقول كل، التنظيمات السياسية، بل وربما تكون بداية الحال ومنبته منها، وبالذات في هيئاتها القيادية والمقررة .
هذا الحال في التظيمات يضع سؤالا محوريا حول حيوية التنظيمات وحركة الجدل والحوار في صفوفها وديموقراطية الحياة الداخلية فيها، ودورية عملية الاحلال في هيئاتها.
ويضع سؤالا اهم، حول دور الشباب وحقهم في اخذ مواقعهم ولعب دورهم الطبيعي في تحمل المسؤولية وفي ضخ عنفوانهم وحيويتهم وتجددهم في اوصال التنظيمات.
وقد يكون السؤال هو مفتاح التفسير الاهم لحال التراجع الكبير في دورالتنظيمات وفعلها وحضورها وتأثيرها في الوضع الفلسطيني العام، وبين جمهرة الناس.
هل هو امر طبيعي، وكبف يمكن التقدم، و معدل العمر لقيادات التنظيمات الفلسطينية عامة يدور حول 65 سنة، بينما كان العمر المتوسط لكل تنظيمات الثورة الفسطينية في اوج تألقها وفاعليتها وانجازاتها يدور حول سن الاربعين.
العامل الثاني، وجود تدخلات وتأثيرات وحسابات من خارج النظام الفلسطيني العام تفعل فعلها فيه، تنفذ اليه من باب التباينات السياسية، ومن باب التحالفات الخاصة مع البعض الفلسطيني وتلعب على الخلافات السياسية والبرنامجية والمواقف المتباينة تجاه موضوعات اساسية . وتقوم بذلك من خلفيات مختلفة ومتباينة، وربما متصارعة .
هذا العامل ليس بجديد وكان موجود دائما. لكن كان هناك وضع فلسطيني متماسك يوقفه عند حدوده، ولا يشرّع امامه الابواب للتدخل، وكان يجيّر الايجابي والجيد والغالب منه في مسار التفاعل العميق والتكامل بين الوطني والقومي في النضال الفلسطيني العام.
اما العامل الثالث، فيبقى الانقسام الفلسطيني المقيت الذي يلقي بمفاعيله وتأثيراته المدمرة على كل اشكال وتعبيرات النضال الوطني وكل مناحي الحياة للشعب الفلسطيني .
اخطر ما في هذا العامل انه يلعب الدور الاهم – او يقدم العذر الناسب – في اعاقة مسار الحياة الديموقراطية ،ومنعها من فرض التغيير في هيئات ومؤسسات النظام الفلسطيني العام عن طريق راي واختيار جموع الناس عبر صناديق الاقتراع بانتخابات حرة ونزيهة.
لا يمكن الغاء المصالح والطموحات الخاصة والشخصية في تفسير الحال الفلسطيني الموصوف ، ولكنها لا ترقى الى تشكيل عامل اساسي خاص بذاته، وتبقى في حدود تعبيرات طفيلية تعتاش وتتغذى وتنمو في مناخ العوامل الاساسية الثلاث المذكورة ، وتضعف ويبهت دورها بالتوازي مع كل نجاح في معالجة تلك العوامل.

الايام

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا