الرئيسيةمتفرقاتثقافةعوج بن عناق (أبو العماليق) المتوكل طه

عوج بن عناق (أبو العماليق) المتوكل طه

ولدت ُ على سفحِ الماءِ

مع الأشجارِ،

وكان القمرُ الطفلُ يلاعبني قربَ العينِ ،

وينْعفُ في وجهي الفضّةَ ،

فأعودُ .. وثوبي يومضُ بحليبِ الليلِ ..

وكنت أطاولُ أغصانَ السّروِ،

فيقول أبي : انظرْ للجذْرِ المغروسِ ،

ومن ثم ّ ارفع ْ هامتَك كما أنتَ !

وكنتُ ألاحِظهُ يتأمّلُ عَمَّتَهُ النخلةَ ،

إذ يسَّاقطُ منها الرُّطب ُ جَنيّاً

عند بلوغِ الزلْزَلةِ ..

وكان صموتاً ؛لا يتكلمُ أو يتعلّمُ ..

لكنّي أدركت ُ

بأنّ الشيخَ شبيهٌ بالجبلِ الرّاسخِ،

ويردّ بأشجارٍ يزرعها – حيث يكونُ –

على الوسواسِ الخنّاسِ ،

ويطعم ُ مَوقِدَهُ ما شاءَ من الأضلاعِ

ليبقى للناسِ نداءً..

-لا يسألُ مَنْ يأتيهِ، ولا يسألهُ الضيف ُ –

فدربُ التّيهِ .. إلى الأقباس .

فَرَدْتُ ردائي ،

وجعلتُ سراجي مشتعلاً،

وأطَلْتُ التحديقَ بهذي الأرضِ،

وأيقنتُ بأنّ الغاباتِ هي الأوتادُ

لهذي الرَّخوةِ ،

حتى لا يُرْهِقُها الجَدْبُ

وليس تميدُ ،

فكان القَصْدُ إلى النبراس.

ولاعبتُ الذّئبَ بخيطِ قَصيدٍ راودني ،

إذْ عَقَصتْ قلبي امرأةٌ بجديلتها ،

فقصدتُ البدْرَ المُلتاعَ،

فصادفني الذئبُ ،

ولمّا سمعَ الإيقاعَ المجروحَ

بكى.. ومضى ..

فاقترب الشاطئُ ،

أعطاني وردَتَهُ المبلولةَ بالنّور،

وجاء البحر ُ وأهداني لؤلؤةَ الأعماقِ

– بكاملِ زينتها –

فَوَهَبْتُ له صوتي ،

فامتزجا شَهداً في أعْرافِ الخيلِ ،

وضوءاً حُرّاً للأفراس.

ودَبَّغَني الجَمْرُ الشَجَريُّ

فوزَّعْتُ قميصيَ في البلدانِ ،

وأسْرَجتُ الرّحلةَ،

كان حداءُ الخَبَبِ أنيسي ..

والشقراءُ ،عباءةُ جدّي ، تتهدّلُ

مثل الأعذاقِ على كتفي ..

ووصايا أُمّي لم تبرح أُذني ..

وصَبا الأمواجِ أمامي..

لم أرَ كثبانَ الرّملِ وريحَ القيْظِ

وأفعى الصّبارِ أو العوسجَ ،

كان الفردوس ُ، على مَهَلٍ ، يتشكّل

بين يديّ،

وكان الصقرُ الأبيضُ يهجسُ بالخَفَقانِ

على فَوْحِ اللّمّةِ والجُلاّس.

وناديتُ الماءَ ، فجاءَ ..

مددتُ يدي للحوتِ لأرفعَهُ في الشمسِ،

فطالعني الجانُ المحبوسُ ، بأمْرِ المَنْسَأةِ ،

وكان حزيناً، إذ هجرته الحورُ الزرقاءُ،

فأعْمَلْتُ الفاسَ

فَشَقّ المجدافُ الطينَ

وراقَصَ نورَسَهُ الميّاس!

ضممتُ القطعَ الرَيّانةَ في جسرٍ محمولٍ

فوق الغيمِ،

وكان الموقدُ أكبرَ من عتَماتِ الضّبعِ ،

وروحي مُطهَمةٌ بالهالِ

وقهوةِ أعمامي الحُرّاس.

وريمُ اللوزِ يلاعبُ ساحرةَ الكحْلِ

ويربضُ في ثوبِ الإيناس.

دفعتُ القَصْعةَ للأهلِ،

وأرْهَصْتُ بسورِ القلعةِ ذي الأبواب ِ السبعةِ،

فاكتملتْ

أركانُ البلدةِ والمتراس .

وصاحبني الجندلُ والآسُ

وزّهرُ الليمونِ ،

وكنت ُ المرويَّ لأطفئَ نارَ الّلاهوب

بكلِّ بيوتِ الخوصِ ،

وحيث ينام الظبيُ،

وتصحو الدبَكاتِ

على وَقْعِ الأرغولِ

ورَجْعِ الجَفْرةِ والإحساسِ .

قديماً ؛

منذ الغارِ المنحوتِ،

إلى الطوفانِ ..

ونحنُ مقاصدَ أهلِ اللهِ

على مدّ الساحلِ

والصّوفِ العابقِ بالمِحْماس ..

ومنذُ الغَمْرِ الأوّلِ ؛

يومَ شهدتُ زواجَ النخلةِ ،

وانصب ّ الشّهدُ على القنديلِ ،

وجِيءَ بكلّ ملائكة ِ العيدِ،

وهبّ العشّاقُ إلى العشّاقِ،

وفاض اللونُ على الكرّاسِ

وبيتي يحفلُ بالأعراسِ..

ولكن

ما يُقْلِقُ نَومي ،

ويقضّ حريرَ الغفوةِ في الأرماس..

بأنَّ الأرضَ وراءَ الرّيحِ ،

وغابت في القدسِ الأقداس .

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا