المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الرجل غير المناسب .. حتى لو كان هيرش ظلم في حرب لبنان الثانية فلا يزال تعويضه مواتياً

المضمون:( يتحدث الكاتب عن اختيار غال هيرش مفتش عام للشرطة الاسرائيلية وكيف ان هذا الخيار الذي ياتي من خارج مؤسسة الشرطة هو خيار الرجل غير المناسب .)

في صيف 2002 اتفق رئيس الاركان في حينه موشيه بوغي يعلون مع قائد المنطقة الوسطى اسحق ايتان على تعيين العقيد غال هيرش قائدا للواء المظليين. غير أن ايتان، الذي لم يرفع إلى رتبة نائب رئيس الاركان، تسرح واحتل مكانه في قيادة المنطقة الوسطى اللواء موشيه كابلنسكي. وقرر هذا التحفز في مواجهة رئيس الاركان ـ فألغى تعيين هيرش، رغم أنه كان ضابط عملياته في قيادة المنطقة.
من وقف في حينه إلى جانب كابلنسكي هو قائد الذراع البري في تلك الأيام، اللواء احتياط يفتح رون طال، اليوم رئيس مجلس ادارة شركة الكهرباء ومن كان مرشح رئيس الوزراء نتنياهو في المعركة الحالية على منصب المفتش العام. «لا يمكن فرض قائد لواء على قائد المنطقة»، قال في حينه رون طال، فنفي هيرش إلى وحدة «لبهد 1».
معارضة كابلنسكي ـ الضابط الذي ينال التقدير، كثير الحقوق وبالاساس صاحب العلاقات الانسانية الممتازة ـ كانت شاذة وكان ينبغي لها ان تشعل اضواء حمراء لدى وزير الأمن الداخلي.
معارضة كهذه من قائد منطقة رائدة لالغاء تعيين مميز، دون أن يكون سجل اخفاق قيادي أو قيمي، غير مسبوقة في الجيش الاسرائيلي في الجيل الاخير. ومع ذلك، فانها لم تكن مفاجئة للكثيرين. فقد ادعى رفاق هيرش في حينه بان «قبيلة جولاني» تنكل به، ولكن هذا كان هراء تام. شيء ما في سلوك هيرش الشخصي خلق عداء تجاهه على مدى كل طريقه. صحيح ان المسار كان فاخرا واجتاز المفترقات الصحيحة، ولكن اسلوب القيادة والشخصية لديه اثارا معارضة شديدة حتى عندما نجح.
هكذا، مثلا، عندما قاد وحدة شلداغ في عهد حملة عناقيد الغضب. فقد نالت الوحدة وسام الشجاعة، ولكن المقاتلين في الاحتياط لم يحبوا قائدهم وفي خطوة استثنائية في وحدة مختارة نظموا ضده تمردا، لم يتوقف الا بضغط من بعض الضباط. وفي صالح هيرش يسجل التغيير التنظيمي الذي قاده في الوحدة، ولكن سلوكه عندما انزل بالمظلة إلى الوحدة من الخارج يدل على الاشكالية التي في الانزال الحالي بالمظلة.
سطحيا، تعيين ضابط اخضر لقيادة الازرق يفترض ان يؤدي إلى اصوات فرح في اوساط الجنرالات المتقاعدين. اما عمليا فنشأ وضع عبثي يضطر فيه مقربو هيرش إلى التوجه إلى الضباط السابقين كي يقفوا للدفاع عنه. ضباط يرفضون اجراء المقابلات معهم باسمائهم اعترفوا بانهم في صدمة. كل واحد يسأل بدوره: ما الذي مر على الوزير حين اتخذ القرار بالتعيين. حتى لو كان تجاهل العلاقات الانسانية، فان الاطار الاكبر الذي قاده هيرش كان فرقة ـ وحتى منها نحيَّ. لا قيادة منطقة، لا ذراع، ولا حتى فيلق.
السؤال ما الذي يثير موقف «الضد» الكبيرة تجاه هيرش سيبقى لبحث الخبراء في مجال آخر. كما أن قصة التنحية من فرقة الجليل في اعقاب اختطاف ايهود غولدفاسر والداد ريغف كان يمكنها ان تنتهي بشكل مختلف مع ذات المعطيات. بينه وبين رئيس لجنة التحقيق، اللواء احتياط دورون الموغ، كانت علاقات مركبة. دان حلوتس لم يرغب في قبول التوصيات ولكنه بات رئيس اركان ضعيف بعد حرب فاشلة ولم ينجح في التصدي للموغ.
قبل شهر من ذلك كان اختطف في جبهة اخرى جلعاد شاليط. وكان يقود الفرقة العميد افيف كوخافي. على رأس لجنة التحقيق كان غيورا ايلند الذي نظفه، واليوم كوخافي مرشح لرئاسة الاركان. من ناحية مقربي هيرش لو انهم فقط غيروا رؤساء اللجان لكان اليوم هو المرشح لرئاسة الاركان وكوخافي لمنصب المفتش العام.
وزير الدفاع يعلون يعتبر الجواد المتقدم لهيرش في الجيش، وهو بالذات اصدر بيان تأييد له. ومع ذلك، واضح ان هذا لن يكفي ليمنحه الشرعية اللازمة في انزال مفتش عام من الخارج.
هيرش ضابط هام، ابداعي، مثقف. الرجل الذي اخترع اللغة التي حظيت بالتسمية السيئة «الشبللة» (تعابير متداخلة غير مفهومة للمقاتلين). صحيح أنه رجل وحدات خاصة ولكنه ليس رجل اركان. صحيح أنه يمكنه أن يطور تفكيرا ابدعيا، ولكن لا يفرض إمرة. هيرش لم يدخل كسلطة مرجعية. مشكوك ان يتمكن من أن يتعلم عقيدة حفظ النظام، التحقيقات ومكافحة الجريمة ومشكوك اكبر أن يتمكن من الوقوف في صف واحد مع غادي آيزنكوت، تمير باردو ويورام كوهين. فرصه للنجاح هزيلة، سواء بسبب انعدام تجربته أم بسبب حقيقة انه لن يحظى بالمساعدة. حتى لو كان ظلم في حرب لبنان الثانية، فلا يزال لا يعني هذا ان من الصحيح تعويضه بمثل هذا المنصب. «مستشار للامن القومي» سيناسبه اكثر ـ ويناسبنا نحن ايضا.

بقلم: يوسي يهوشع،عن يديعوت

Exit mobile version