مياه مسلوبة

الحارث الحصني

منذ احتلال إسرائيل لأراضي الضفة الغربية عام 1967، عمدت لإحكام سيطرتها على منابع المياه السطحية والجوفية في الأغوار، ولعل أشهرها وادي المالح، الذي يعد من أهم مصادر المياه، التي يعتمد عليها المواطنون في تلك المنطقة.

أصبح مجرى وادي المالح يقتصر على فصل الشتاء، الذي تتفاوت نسبة هطول الأمطار فيه من عام لآخر، ورغم أن مياه الينابيع التي تغذي الوادي أصبحت موسمية، إلا أنها لا تدوم طيلة أيام السنة، وسرعان ما تختفي لأسباب بشرية وأخرى طبيعية.

وقال رئيس مجلس وادي المالح عارف دراغمة: إن مياه الوادي كانت قبل عشرات السنين جيدة ومنسوبها عال طيلة أيام السنة، إلا أنها أخذت بالتناقص شيئا فشيئا حتى أصبحت في الوقت الحالي تعتمد على مياه الأمطار في فصل الشتاء.

وأضاف: انعدام المياه في مجرى الوادي لم يتأثر بالتغير المناخي فقط، بل أن إسرائيل جففت الينابيع المزودة للوادي بالمياه من خلال حفر أبار ارتوازية، ويعتبر بئر عين الحلوة من أهم الآبار التي حفرتها إسرائيل في السنوات الماضية.

ويمتد وادي المالح من الأغوار الفلسطينية وصولا إلى نهر الأردن، وكانت المياه تسير إلى ذلك المدى قبل نضوبها، وتغذيه عدة أودية فرعية، منها: الديك، وتياسير، وعينون، وغيرها.

تجري المياه في وادي المالح في فصل الشتاء سنويا، وتصب في نهر الأردن، وتمنع إسرائيل المواطنون القاطنين في تلك التجمعات من الاستفادة منها بشكل قطعي، من خلال إنشاء برك ضخمة وآبار لجمع المياه وسحبها من الوادي لصالح المستوطنات، في الوقت الذي تمنع فيه السكان من القيام بذلك.

ولفت دراغمة إلى أن إنشاء إسرائيل عدة معسكرات في منطقة الأغوار كمعسكر ‘ناحل’ التدريبي، كانت سببا آخرا في انعدام المياه الجارية في وادي المالح.

وقبل تجفيف إسرائيل الينابيع المغذية للوادي، كانت المنطقة مزارا للمواطنين، خاصة في فصل الربيع، كما كان الوادي من المصادر الرئيسية، التي يعتمد عليها السكان في الشرب والزراعة وتربية المواشي، لكن أصبح اليوم وجود الفلسطيني في تلك المنطقة مرهونا بكمية المياه مدفوعة الثمن، التي تزوده إسرائيل بها.

وقال دراغمة: إن إسرائيل اتخذت إجراءات عديدة لمنع الفلسطينيين من الاستفادة من مياه الأغوار، كتحريم حفر الآبار الارتوازية أو ترميمها، وإنه بفعل سياسة احتكار المياه لصالح شركة ‘ميكروت’، فقد زادت أوضاع المواطنين سوءا في المنطقة، مؤكدا أن ’26’ قرية لا يوجد فيها نبع للمياه.

وأضاف: بحسب الاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي، يجب أن يحصل السكان في الأغوار على نصف كمية المياه الموجودة، لكن فعليا لا تتعدى النسبة أكثر من 18% منها، ما يدفع عشرات العائلات في الأغوار إلى شراء المياه بأسعار باهظة.

اليوم صادرت إسرائيل مضخات مياه تعود ملكيتها لمواطنين في منطقة الدير في الأغوار الشمالية.

وأوضح مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين في الشمال سامي داوود، أن معدل الاستهلاك اليومي للمواطن الفلسطيني في بعض التجمعات لا يتعدى 35 لترا يوميا، بينما يصل معدل الاستهلاك اليومي للمستوطن الإسرائيلي إلى نحو 400 لتر يوميا.

وأضاف داوود: كون المنطقة، منطقة عسكرية وتقع ضمن تصنيف ‘ج’، لا يوجد ينابيع خاصة بالمواطن الفلسطيني، ولهذا يبقى نصيبه من المياه دون الحد الأدنى.

وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، فإن منظمة الصحة العالمية أوصت بـ100 لتر من المياه يوميا كحد أدنى للفرد، إلا أن بعض التجمعات السكانية يكون نصيب الفرد فيها لا يتعدى 20 لترا، وهو الحد الأدنى للمقدار الذي توصي به المنظمة للاستجابة لحالات الطوارئ.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا