الرئيسيةمختاراتمقالاتنتنياهو ومؤتمر باريس

نتنياهو ومؤتمر باريس

بقلم: د. إبراهيم البحراوي

قبل يومين من انعقاد المؤتمر الدولي للسلام، والذي دعت له فرنسا بباريس يوم الجمعة أول يونيو، شن نتنياهو حملة ضد فكره المؤتمر وانعقاده. وتمحور كلامه حول مفهومين: الأول مفهومه لعملية السلام، والذي يرفض المؤتمرات الدولية على أساس أنها تفرض إملاءات لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني من ناحية، وتأكيده من ناحية ثانية على أن الطريق للسلام يمر من باب واحد، وهو باب المفاوضات المباشرة بين الطرفين من دون شروط مسبقة. أما المفهوم الثاني، فيعتبر المؤتمرات الدولية عنصراً غير بناء لقضية السلام. لماذا؟ لأنها من وجهة نظره تشجع الفلسطينيين على التصلب في مطالبهم، وبالتالي تبعد فرصة تحقيق السلام. هنا نعلق بالقول إن المبادرة الفرنسية انطلقت أصلاً بعد أن فشلت الجولات العديدة للمفاوضات الثنائية بين الطرفين تحت رعاية أميركية منذ عهد الرئيس كلينتون، والتي تأكد فشلها في عهد الرئيس أوباما نتيجة لتعنت نتنياهو في رفض الحقوق الفلسطينية. معنى هذا أن المبادرة، جاءت في جوهرها لمواجهة التعنت الإسرائيلي على مائدة التفاوض الثنائية والتوسع الاستعماري الاستيطاني في الضفة الغربية. من هنا يصبح تصميم نتنياهو على رفض المؤتمرات الدولية في حقيقته تصميماً على التهرب من أسس القانون الدولي التي تفرض عليه إنهاء احتلال الضفة والتملص من رؤية حل الدولتين. إن وعد نتنياهو للناخبين الإسرائيليين أثناء حملته الانتخابية الأخيرة بأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية طالما بقي في الحكم له بعدان يجب الالتفات إليهما: الأول أن لدى نتنياهو قناعات أيديولوجية وسياسية وأمنيه تدعوه لرفض «حل الدولتين»، الذي سبق وأعلن قبوله نظرياً في خطاب جامعة «بار إيلان» للتهرب من ضغوط أوباما.

والثاني أنه إذا حاول لأية أسباب الخروج عن هذا الوعد، فإن جمهوره اليميني وحلفاءه اليمينيين المتطرفين في الحكومة لن يسمحوا له بهذا. من هنا سيبقى الطريق المفضل لدى نتنياهو لإدارة عملية السلام هو طريق المفاوضات المباشرة الذي يمكنه من التملص من القوانين والقرارات الدولية، وهو الطريق الذي يمنحه في ذات الوقت صورة رجل السلام المنخرط في مساره التفاوضي من دون أية تكلفة تنال من قناعاته الأيديولوجية التي تعتبر الضفة جزءاً من (أرض إسرائيل).

وهناك توجه جدير بالتأمل في أداء نتنياهو وحكومته، وهو يعكس درجة من الذكاء والمكر السياسيين لإيجاد مخرج ينقذ إسرائيل من التهم الدولية الموجهة إليها، وبأنها تتمسك بمسار التفاوض الثنائي للتهرب من استحقاقات السلام. جاء هذا التوجه في تصريح صدر عن «دوري جولد» أمين عام وزارة الخارجية الإسرائيلية قبل افتتاح مؤتمر باريس بساعات، والذي قال فيه إن إسرائيل تتطلع إلى عملية سلام إقليمية تشارك فيها دول عربية لإقامة سلام حقيقي في المنطقة. إن المحللين الإسرائيليين يرون أن خطة نتنياهو لإفشال الجهود الدولية تقوم على الترويج لفكرة المؤتمر الإقليمي كبديل للمفاوضات الثنائية وللمفاوضات الدولية متعددة الأطراف. هنا يجب أن نكشف زيف هذا التوجه الذي يتعلل فيه نتنياهو – كما ترى معظم المصادر الإسرائيلية-بمبادرة بلير، وبالنداء الذي وجهه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسلم، وطالب فيه الأحزاب الإسرائيلية بالاتفاق على أهمية تحقيقه، ذلك أن نتنياهو استجاب فعلياً استجابة عكسية للنداء المصري، رغم ترحيبه به لفظياً، وذلك عندما فضل أن يدخل إلى حكومته حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف بقيادة ليبرمان بدلاً من أن يضم المعسكر الصهيوني المعتدل والمطالب بالسلم والمستعد لإقامة الدولة الفلسطينية بقيادة هرتزوج. وهنا أيضاً نشير إلى أن الدول العربية كانت ممثلة في مؤتمر باريس الذي رفضه نتنياهو، كما أن وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي حضر مؤتمر باريس، طالب المجتمع الدولي من على منصته بالالتزام بما قطعه من وعود لإخراج الدولة الفلسطينية من الإطار النظري والقانوني لتصبح واقعاً ملموساً.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا