الرئيسيةمختاراتمقالاتهنية وغزة الرغيدة

هنية وغزة الرغيدة

بقلم: حسن سليم

إذا هي غزة، التي تعيش حياة رغيدة، بل التي لا ينقصها من الرغد شيء، وفق ما صدح به إسماعيل هنية في خطبة الجمعة الأخيرة من مسجد الميناء غرب غزة، وهو يحدث المصلين والعالم عن الأمن والأمان الذي يغمر قطاع غزة، واستقراره، وبأنه أفضل بكثير من حال الضفة الغربية، وبأن الحياة في غزة رغيدة، وان أهلها سعداء بها، نظرا لما يتوفر فيها من أمن وأمان، كونها أرض الإسلام والسلام، ولا يوجد فيها ظالم، ولا مظلوم، ولا يعيث فيها الفلتان الأمني، كما يصف حالها إسماعيل هنية.

” رغيدة ” التي تحدث عنها إسماعيل هنية، يبدو أنها لا تقطن في مختلف أحياء غزة، ولم تتجول في مخيماتها، بل تقيم فقط في دائرة ضيقة لا تتعدى مربع اقامة مجلس الشورى، الذي لم تنقطع عنه الكهرباء، ولم يعرف سكانه الحصار، بحكم سهولة الحركة لهم من القطاع وإليه.

فالحياة الرغيدة كما نفهمها ويفهمها العالم، هي التي يتوفر فيها الغذاء والدواء والأمان والاستقرار والحرية والحياة الكريمة بكل مكوناتها. والعيش الرغد، كما تعرفه معاجم اللغة العربية في الصحاح، بأنها الواسعة والطيبة. ولكم أن تتخيلوا تعابير وجه المصلين، وهم يتابعون الخطبة العصماء، التي يصدح بها هنية، وهم العالمون بأي حال يعيشون، ولسان حالهم يتساءل عن الكوكب الذي يقيم فيه.

الخطاب ذو المضمون الغيبي، والاستمرار بالتعاطي مع المشكلات والأزمات، هو ذاته الذي يرفض ان يغادر لسان الحاكمين لقطاع غزة، بالدعوة لمزيد من شد الأحزمة على البطون، حتى لو وصل الأمر بالتضحية بالحياة من اجل الجنة الموعودة، وفق صكوك الغفران، والثبات في العراء حتى لو أكل البرد أو الحر من جنباتهم، وهو استمرار لإدارة الظهر لما يعيش قطاع غزة من أزمات وضنك العيش على مدار السنوات التسع، التي فقد أهله خيرة شبابه ومنازلهم جراء حروب ثلاث متتالية، تسببت بتدمير 150 ألف منزل ما زالت شاهدة على بؤس الحياة، وما زال غالبية سكانها مشردين، إلا من حالفهم الحظ بالتحصل على كرفانات لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف، وما زال عشرات الآلاف من المرضى يعانون جراء عدم قدرتهم على السفر لأغراض العلاج ، وكذلك مئات الالاف من الخريجين الذين ينضمون سنويا لجيش البطالة.

إن استمرار محاولات التغطية على الحال الرث في قطاع غزة، لن يغير من سوء الحال شيء، ولن يستطيع معالجة مريض واحد، ولا منع حالة انتحار جديدة من الالتحاق بمن سبقها، هربا من ضنك العيش وحالة الإحباط التي أصبحت عنوان الحياة هناك، بل كلمة السر للموت.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا