الرئيسيةمختاراتمقالاتالعرب معزولون......وليست اسرائيل....!!!

العرب معزولون……وليست اسرائيل….!!!

بقلم: راسم عبيدات

أنا لا اريد ان اتحدث عواطف وانشاء،أريد ان أحلل بشكل ملموس الواقع الملموس،فمن بعد ما يسمى ب “ثورات” الربيع العربي،ودخول العرب في واقع التشظي والحروب المذهبية والطائفية،والعرب يخرجون شيئاً فشيئاً من التاريخ،واحجامهم واوزانهم وقدراتهم على صنع الأحداث والتأثير في قضاياهم والقضايا الاقليمية والدولية تتراجع وتتآكل،حتى أصبحوا خارج البشرية العاقلة.
التطورات الدراماتيكية المرافقة لهذه الثورات وما يحدث من تطورات ومتغيرات اقليمية ودولية وعربية،تكشف بشكل جلي عن حجم السقوط المدوي للنظام الرسمي العربي،وما يعانيه من أزمة بنيوية عميقة،فهذا النظام متهالك وعاجز وغير منتج على أي صعيد،ولا يمتلك أي قدرة ليس لحل مشكلاته وازماته الداخلية والدفاع عن أمنه وسيادته،بل تراه يستحضر الغريب والأجنبي،لكي يحافظ على نظام حكمه،ومستعد للتضحية بسيادته وقراره المستقل واستمرار نهب خيراته وثرواته مقابل ذلك،وفي القضايا العربية والإقليمية ينفذ ما يطلب منه،حتى لو شكل ذلك مشاركة في دعم وتنفيذ مشاريع واهداف وأجندات تتعارض مع المصالح والأمن القومي العربي،حيث اندفعت العديد من الأنظمة العربية وبالذات المشيخات النفطية،للعب دور فاعل في مشاريع التدمير الذاتي والحروب المذهبية والطائفية،هذه الحروب التي أغرقت الأمة في هموم وقضايا داخلية وقطرية،قسمت وجزأت وفككت الجغرافيا والمجتمعات العربية،وحرفت الصراع عن أسسه وقواعده من صراع عربي- اسرائيلي الى صراع عربي- فارسي،والمترافق مع خوف الأنظمة العربية على عروشها دفعها الى نقل علاقاتها مع دولة الاحتلال من السرية الى العلنية،وحتى التحالف معه،وفي هذا السياق نشير الى العديد من الأحداث ذات الدلالة الكبيرة،على مدى حالة الإنهيار العربي والتخبط والتوهان الفلسطيني،وغياب الماكنة القيادية المنتجة والمبادرة والمبدعة، فلعل الجميع يعرف بأننا نبالغ دائماً في الرهان على المجتمع الدولي والنضال السياسي،نعزي انفسنا او نقنعها بأن اسرائيل تعاني من العزلة الدولية،واننا نحقق إنتصارات “عظيمة” تجعل الدولة قاب قوسين او ادنى،لكي نكتشف في التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة،ليس فقط مدى الإنهيار العربي والإسلامي،بل حجم العلاقات والنفوذ والإختراقات التي حققتها اسرائيل ليس عالمياً،بل في الجسم العربي- الإسلامي،حيث صوت لصالح مرشحها المتطرف “داني دنون” لتولي رئاسة لجنة قانونية تعني بمكافحة “الإرهاب” اربعة دولة عربية ودولة إسلامية،والتصويت كان له ساحقاً (109) دول،وهذا يدلل على الوزن الهاشمي للعرب المنهارين.
والتطور الأبرز واللافت بأن السلطة الفلسطينية بعد كل معاركها الدبلوماسية والسياسية،والتي يبدو لي انها لا تدار وفق منهجية واستراتيجية واضحة ومحددة،بل تاتي في إطار ردات الفعل والهمة والعمل الفردي،هو صدور التقرير عن اللجنة الرباعية،بعد الفشل المدوي في المؤتمر الإقليمي الذي دعت له فرنسا،والذي أفرغ مضمونه نتنياهو وكيري،بحيث لم يات بأي جديد فيما يتعلق بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا دولة ولا اعتبار الإستيطان بانه غير شرعي،جاءت الجائزة والمكافأة الكبرى لإسرائيل،والتي طالما انتظرنا ان يشكل تقرير الرباعية الدولية عقاباً وليس مكافأة لها،وما حدث في مؤتمر باريس الإقليمي حدث في تقرير الرباعية الذي تأخر صدروه وهندس فقراته ومضمونه كيري ونتنياهو،حيث صدر تقرير “الرباعية” منحازاً جداً لإسرائيل،ليس فقط مساوياً بين الضحية والجلاد،بل يناصر الجلاد على الضحية،بحيث يدعو الطرف الفلسطيني الى وقف العنف والتحريض،فهو يدعو الطرف الفلسطيني الى إدانة حقه المشروع في النضال ووصف ذلك ب”الإرهاب”،وهذا شكل هبوطاً غير مسبوق في الموقف الدولي،وبما ينذر بعواقب وخيمة في هذا التقرير وخسارتنا للشرعية الدولية اذا ما تبنى مجلس الأمن الدولي هذا التقرير السيء.
اسرائيل المعزولة يتهافت عليها العربان والمسلمين وتحقق اختراقات جوهرية في الجسد العربي – الإسلامي،تحت يافطة الخوف وإلتقاء المصالح من وضد “الإرهاب” الذي تمثله “داعش” والتي هو صنيعة جزء من هذه الدول،وكذلك “الخطر الإيراني” الذي يتهدد عروشها ومصالحها وامنها،وفي هذا السياق انتقلت السعودية وغيرها من المشيخات الخليجية في علاقاتها من الجانب السري الى الجانب العلني،وبات الغزل مع اسرائيل علنيا وعلى رؤوس الأشهاد،فوزير خارجيتها الجبير دعا الى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ووزير استخباراتها السابق تركي الفيصل رعى مؤتمراً لمجموعة من العملاء والمرتزقة الإيرانيين تحت مسمى المعارضة الإيرانية في باريس،واعتبر في كلمته بأن السلاح الذي امدت به ايران حماس والجهاد الإسلامي ساهم بنشر الفوضى في المنطقة،وأكثر من ذلك جلب وفد فلسطيني ليعزف على نفس النغمة ويتهجم على ايران،وسبق ذلك قيام عضو لجنة تنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية بحضور مؤتمر هرتسيليا الذي يرسم استراتيجيات الدفاع عن الدولة الصهيونية،وبعد ذلك من بعد تسع سنوات من سقوط نظام مبارك يقوم وزير خارجية النظام المصري سامح شكري بزيارة لدولة الإحتلال لتحقيق ما يسميه الرئيس المصري وفق مبادرته ب”السلام الدافيء” وفق مبادرته السياسية.
يضاف الى ذلك اقتراب اسرائيل من حصولها على عضوية دولة مراقبة في منظمة الوحدة الأفريقية،بعد الإختراق الناجح الذي قام به نتنياهو لتلك القارة السوداء.
امام كل هذه المعطيات التي تؤشر بأن ما يشاع من مناخات عن عزلة اسرائيل دوليا ليست صحيحة،وهذا يقودنا الى ان العزلة العربية والإنهيار العربي قد تدفع نحو تحقيق ما طرحه ويطرحه ليبرمان عن تحقيق السلام مع العرب كمقدمة لتحقيق السلام مع الفلسطينيين،وهذا يعني استخدم العرب كورقة ضغط على الفلسطينيين،وحملهم على تقديم تنازلات في أي مفاوضات جارية،بحيث يصبح التطبيع مع العرب له الأولوية عن الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،وهذا ما قاله ويقوله نتنياهو ليل نهار،التطبيع اولاً،وبما يعني أن المفاوضات التي تتحدث عنها المبادرة المصرية بالعودة الى المفاوضات المباشرة ما بين السلطة واسرائيل لحل القضية الفلسطينية ستوظف للتغطية على التطبيع العربي مع إسرائيل، وبالتالي لن يقود هذا الأمر إلى حل وطني أو متوازن، وإنما إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تنفيذ الحل الإسرائيلي أو إغلاقها حتى إشعار آخر.
ومن هنا بناءاً على كل هذه المعطيات نجد بان العرب ستزداد عزلتهم وانهيارهم وتذللهم واستجدائهم لإسرائيل التي تتمدد وتتوسع ليس على المستويين الدولي والإقليمي،بل في العواصم العربية وغرف نوم قادتها.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا