لمن يصوت اليهود في انتخابات الرئاسة الأميركية؟

بقلم: هديل عويس

مازال الوقت مبكراً للتكهن بنتائج الانتخابات الأميركية التي ستحمل المزيد من المفاجآت مع بدء المناظرات الرئاسية على الرغم من أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تراجعاً ملحوظاً لترامب إلا أن الشيء الأكيد الذي يمكن التنبؤ به هو عدم تصويت يهود أميركا لدونالد ترامب هذا الخريف.
منذ العام 1984 يصوت سبعة من أصل كل عشرة يهود في أميركا للحزب الديمقراطي إلا أن انتخابات العام الجاري تحمل من الاستثنائية ما يجعل الاصطفاف اليهودي إلى جانب الحزب الديمقراطي يحمل زخماً أكبر على الرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها الجمهوريون لتشويه سمعة هيلاري كلينتون مع إدراكهم الكامل أن أكثر من ثلاثة أرباع اليهود الأميركان هم من الديمقراطيين. تقول جينيفر روبين للواشنطن بوست وهي رئيسة «ائتلاف الجمهوريين اليهود» أن «الكثير من اليهود الجمهوريين يرفضون التصويت لدونالد ترامب»، وعلى الرغم من أنّ روبين من المحافظين العتيقين في الحزب الجمهوري إلا أنها تتوقع أن تكسب هيلاري كلينتون 90 بالمائة من أصوات اليهود الأميركان، وحتى أن قياديي «المحافظين الجدد» مثل بيل كريستول صاحب مجلة الويكلي ستاندرز أعلن في غير مرة رفضه ترشيح ترامب ومن المعروف أن المحافظين الجدد بغالبيتهم من اليهود ممن تحولوا إلى الحزب الجمهوري بعد أن كانوا ديمقراطيين.
التوجهات «المعادية للسامية» لدى أعضاء في حملة ترامب، وتصريحاته العنصرية بحق المسلمين والمهاجرين وإهاناته للمرأة وتهديداته الصريحة بالقتل لهيلاري كلينتون كل هذا لعب دوراً لكنه ليس السبب الأساس الذي سيمنع يهود أميركا من التصويت لترامب.. أعداد كبيرة من يهود أميركا سيصوتون في نوفمبر المقبل لهيلاري كلينتون لأنهم يرونها متزنة سياسياً، وصاحبة باع طويل في مضمار السياسة الأميركية إضافة إلى أنها صديقة للشعب اليهودي وإسرائيل، وهم على ثقة بهذا لتاريخها الزاخر بعلاقات طيبة مع إسرائيل وكذلك زوجها من قبلها على عكس دونالد ترامب حديث العهد في هذا المجال والذي بدا مراوغاً ليهود أميركا في أكثر الموضوعات التي تهمهم، وهو أمن إسرائيل حيث قال في تسجيل له «سأكون حياديا بشأن خلافات إسرائيل مع أعدائها» ثم ظهر في مؤتمر منظمة إيباك المدافعة عن إسرائيل وألقى خطبة فيها الكثير من المحاباة لإسرائيل لا تنسجم مع تصريحاته السابقة، إضافة إلى أن معظم اليهود الأميركيين سواء أكانوا ديمقراطيين أو جمهوريين يميلون أكثر إلى الليبيرالية، ويؤيدون دعم الطبقة المتوسطة العاملة في أميركا، ويتوقون لرئيس يحقق الاستقرار والتوازن في السياسات الأميركية ما يتعارض مع توجهات ترامب ورغبته بإثقال كاهل الطبقة الوسطى بالضرائب لصالح الأغنياء.
فضلاً عن أن يهود أميركا أنفسهم شعب اضطهد وهجر لمئات السنين وعرف تماماً ما تعنيه الديكتاتورية والديماغوجية التي يتحلى دونالد ترامب ببعض سماتها ما سيقلل من فرصه بين اليهود. سبب آخر يدفع بعض اليهود الأميركيين للخشية من حملة ترامب وهي الانعزالية الأميركية التي يدعو لها إذ لا يرى ترامب أي طائل من دعم أميركا لدول تعتبرها حليفة لها. هذه السياسة الترامبية تطال إسرائيل التي تقدم لها أميركا مساعدات سنوية طائلة. فالتيار الذي يدعو ترامب لتبنيه يراه اليهود الأميركان كحركة قومية أميركية مبنية على أساس الانتماء وتمييز كل من هو مختلف، فحين يرى اليهود عنصرية ترامب تجاه المسلمين والمكسيكان والسود الأفارقة لابد أن هذا السلوك يشعرهم بالقلق ويؤثر على وجودهم وانتمائهم لأميركا.
اليهود المحافظون الذين يصوتون عادة للحزب الجمهوري يبحثون عن حزب يعكس هويتهم ومصالحهم، محافظ في مسائل الإجهاض وزواج المثليين، حازم ومهيمن في السياسة الخارجية، تحرري ومنفتح في الاقتصاد ويعبر عن نفسه بأيديولوجيا مبنية على أسس فكرية وليس على أسس الانتماء والعرق. كل هذا لا ينطبق على حال الحزب الجمهوري ومرشحه الحالي دونالد ترامب مما ينبئ الجمهوريين بخسارة جديدة لا يستهان بها ستحدث فارقا كبيرا. فعلى الرغم من النسبة القليلة لليهود في أميركا والتي تبلغ 1.4% من إجمالي السكان بما يقدر بـ5.3 مليون نسمة إلا أن هذه النسبة الصغيرة بإمكانها أن تحسم الانتخابات وخاصة في ولايات متأرجحة كفلوريدا، أوهايو وبنسلفانيا. وكم من مرة حسمت الانتخابات الأميركية بعدد قليل جداً من الأصوات.

عن الوطن العمانية

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا