المتشبّهون بحركة فتح والحاسدون

المواضيع المتعلقة بحركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح تستأثر دوما بالضجيج والإثارة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالخلافات الداخلية، التي يتم التعامل معها من الجهات الحاقدة أو الحاسدة أو المغتاظة بالكثير من المبالغات والتضخيمات أو الكثير من الحقد أيضا، أو الكثير من التشفي أحيانا.

وفي معرض الطعن في حركة فتح –وباستخدام البعض لصراعاتها الداخلية أو بعض اختلافاتها- فانك تحس في ردود أفعالهم إضافة لما سبق بشيء من التمني المكتوم أن يكون بعض هؤلاء المتصيّدون جزء من نسيج حركة فتح برحابتها الواسعة، وبقدرتها على التعامل مع الاختلافات والصراعات الحادة، وقدرتها الفذة على الخروج من المشاكل والأزمات أكثر قوة. هم لا يعرفون سحرها ولا يدركون سرها الذي يخشونه ويتمنونه في آن واحد فيصرخون ويضجّون ويبدأون بالعواء .

إن الضجيج حول أمور حركة فتح الداخلية -لو أخرجنا العامل الإقليمي والدولي منها هنا فقط لغرض التركيز وليس لإهماله- أمر ليس جديد على هذه الحركة التي رفعت فوق أكتافها الكثيرين ليعود قلّة منهم مسددين لها الخنجر المسموم بدل أن ينسحبوا بهدوء كما فعل الرواد الأوائل، أم إنهم لا يستطيعون أن يكتبوا فيها تاريخا مجيدا عاشوا جزء منه فيردّون بعض الجميل كما فعل معها الكثير من المنصفين أمثال الشيخ هاني فحص أو د.سعود المولي من لبنان الشقيق، أو كما فعل د. محمد حمزة و د. عمر محبوب من مصر الشقيق’ أو أو … والقائمة تطول..

التضخيم والمبالغات ومشاعر الغضب أو الحسد، وحالات التشفي وتمني الموت للآخر، هي من المشاعر السلبية التي امتلأت فيها النفوس من تيارات مختلفة على حركة فتح ومنها في فصيل “حماس” نتيجة التعبئة البغيضة ضد الآخر، ما عبر بالاعتذار عنه علنا محمد نظمي نصار من قادة القسام التابع لحماس إذ قال في منشور له على صفحته بالفيسبوك نصا:(اعتذر للشعب الفلسطيني،في الداخل والخارج،ولرئيس الشعب الفلسطيني الخالد ياسر عرفات أبو عمار، اعتذر لحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح) ولكل الفصائل ثم أضاف (اعتذر لكم عن هول الكراهية التي كانت تسكنني لكم، وعن العمل الدؤوب لكي لا يكون لكم مكان على خارطة الوطن الجغرافيه والسياسية، اعتذر لكم عن حلمي الأكبر وهو أن تكونوا جميعا راقدون تحت الأرض أمواتا بلا حراك، وارجوا أن يغفر الله لي علي هذا التلبيس من إبليس، من أن هذه الكراهية ستوصلني إلى الحور العين، والفردوس الأعلي).

أنها مشاعر سلبية أشعلت مواقف سياسية بل ودينية استندت لتعبئة فكرانية (=ايديولوجية) حاقدة وفاسدة درج عليها البعض من الشخصيات والأحزاب لنقص في التروية في العروق، ولانقطاعات الهواء عن أجسادهم فيحيلون التبر إلى تراب أو هكذا يتمنون.

أقول في هذه المقالة أن حركة فتح الفكرة وحركة فتح المباديء، وحركة فتح هواء الحرية النقي، وحركة فتح الديمقراطية الصاعدة، وحركة فتح الفكر العروبي الاسلامي الثوري العقلاني المدني بأطرها -على كثير خلل فيها وبعدد من شخوصها ورغم عدم تخلصها من كثير من الشوائب والعوالق- هي مفتاح العشق المفضي إلى فلسطين.

حركة فتح كما قال فيها المفكر العربي الإسلامي هاني فحص: “تشبه فلسطين بل هي أخت فلسطين أو بنت فلسطين”، وكان صادقا كل الصدق في ذلك، لذا تمتد مساحة الحوار الديمقراطية والتعددية فيها لتصل أحيانا إلى حالات قصوى تقترب من الفوضى والتشتت والانحدار .

يحتاج الأمر منا دائما عدم التولي أثناء زحف قطار التحطيم والتهشيم والرعب الداهم تجاه الحركة، وإنما علينا حينها أن نرفع مشعل النقد و التطور والاستنهاض والعقلية المؤسسية، ونرا كم الانجاز بكل الطاقة، لان فلسطين تستحق منا الكثير .

لن أضيف في بوتقة واحدة أولئك الكارهين الحاسدين الحاقدين للحركة أو المتمنين أن يكونوا شبيهها سرا ، ولن أذكر منهم الأحزاب أو الأسماء، وذكرت من مواقفهم في مقالاتي الكثير بكل أدب واحترام، وحتى مودة في الأخلاق معهم.

في نفس إطار الحديث فان الناقدين للحركة –وحتى من أبنائها-عبر ما يظهر ذلك في عباراتهم وكتاباتهم ولقاءاتهم مهما كانت شدة كلماتهم وانتقاداتهم، فان هذا حق لهم نصونه قطعا كأحرار وثوار وديمقراطين، ولا نضعهم في نفس الزمرة، أي زمرة الكارهين والحاسدين والمتشبهين، فشتان بين هؤلاء وأولئك.

ولمن لا يفرقون بين النقد والطعن نحيلهم لإحدى الفضائيات المتخصصة ب”أقصى” البنداءة فيستغفرون الله العلي العظيم، ويمسحونها من أوقاتهم الثمينة، ليضيفوا الترددات الجديدة لتلك القنوات التي تبغي قول الحق، فلا تلجأ للكذب أو التزوير أوالتضخيم أو الاتهام أو التخوين.

يستطيع العاقلون أن يميزوا بين قنوات “يوتيوب” ذات المحتوى الحزبي الدعائي الأسود وأحيانا الرمادي (الذي يموه بالاجتزاء والخلط، وتلبيس الحق بالباطل) وبين تلك التي تشير لمواضيع الخلل والزلل والخطأ كما تعرض مواضيع النجاح والفوز والتقدم بكل موضوعية وصدق ورغبة في الإصلاح أو التطوير.

في حركة فتح تعلمنا الكثير، ومما تعلّمناه الاحترام والمحبة، وعدم الانحناء أبدا إلا لله سبحانه وتعالى.

وما تعلّمناه ألا ننتمي أو نوالي مَن يستخدم فلسطين أو سيف الدين أو سيف القومية العنصرية المسار، أو سيف العشيرة ضد إخوانه أو ضد مصلحة بلاده.

في حركة فتح تعلمنا أن نتقصى الحقائق، والصدق أبدا فلا نتوه مع السيل العرِم من الشائعات والأكاذيب، ومواجهات الرأي والرأي المشاكس في ظل التدفق الإعلامي المستفيض اليوم.

في حركة فتح لا ندعي الكمال ولا الصواب المطلق ولا ندعي الرأي الأوحد أو المقدس، ولا نصنّف الناس بين وطني وخائن أو مؤمن وكافر أو غيره، فلسنا قضاة ولسنا أوصياء على عقول الناس أو قلوبهم أبدا.

في حركة فتح قد تجد عديد مثالب ومساويء وسلبيات نعم، وقد ترى متسلقين وطفيليات صحيح، لذا عليك التوقف عندها وخوض الصراع الداخلي ضدها بكل شجاعة ومحبة وعنفوان ونظام، إلا أن حركة فتح تظل البيت الذي يحتضن كل من فيه ليلا مهما كان سعيهم بالنهار.

في حركة فتح لم نتعلم الكذب أبدا، فيما أتقنه أولئك الذين جعلوا الشعارات مركبهم ، والألسنة الحداد والسيوف أدواتهم، ولم نتعلم “الميكافيلية” فيما جعله أولئك كتابهم الذي يهتدون بهديه.

في حركة فتح لم نتعلم الكراهية أو الحقد أو النفي للآخر فيما درّسوه هم، بل وأشربوه لصغارهم، حتى غدا الحقد والحسد والتمني والتشبُّه يظهر واضحا في كثير مواقف لم يستطيعوا حتى الآن أن ينعموا بسببها بسكينة الإيمان بالآخر المختلف، ولا سكينة الاهتداء لمشاعر ومنطق الأخوة والرفاقية الجميلة.

حركة فتح وادي ذو زرع، يستطيع أن ينمو ويترعرع بمختلف أنواع النباتات والأشجار المثمرة والأزهار، وكلما كان السماد والماء والهواء والرعاية كافية، كلما استنشقنا عبير الزهور المختلفة، فنفرح لرائحة القرنفل والياسمين والفلّ والطيون، ولا نعادي الورد الجوري أو الخزامى أو الاقحوان.

بقلم: بكر أبو بكر

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا