رأي “الوطن” العمانية: هل حان الوقت لتدفع إسرائيل الثمن؟

لا يمكن فهم مبررات استخفاف كيان الاحتلال الإسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية، والإصرار على محاولة وضعها تحت أرجل احتلاله بمعزل عن فهم مدى عمق الجرح الذي أصاب نفسية الإسرائيليين جراء الهزيمة الدبلوماسية المدوية التي تلقاها كيانهم الاحتلالي في مجلس الأمن الدولي مؤخرًا بالتصويت الساحق لمشروع القرار الذي يطالب بوقف الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أبرزت المواجهة الدبلوماسية مع المجتمع الدولي نقاط ضعف في بنية الدبلوماسية الإسرائيلية والبنية السياسية بصورة عامة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، تشي بعدم قدرتها على الصمود أمام قوة الحق والتاريخ، مهما حاول الكيان المحتل وقادته ومستوطنوه تزوير الحقائق التاريخية وطمسها، وأنه مهما حاولوا تزيين الباطل أمام حلفائهم الاستراتيجيين وداعميهم ومناصريهم، وتشويه صورة الحق الفلسطيني والعربي، وتصوير المناضلين الفلسطينيين وداعميهم من العرب من أجل استرداده على أنهم “إرهابيون”، وتوظيف ماكيناتهم الإعلامية، فإن قوة الحق تبقى هي الأقوى والأمضى، وأن العالم لا يزال به أحرار لم ينحرفوا عن جادة الحق، فيداهنوا وينافقوا ويجاملوا في قضاياه على النحو المخل الممتد لأكثر من ستة عقود، حيث سيادة النفاق وسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير لصالح باطل الاحتلال الإسرائيلي وجرائم حروبه وظلمه وفساده وانتهاكاته.
وفي رد فعل على صدمة التصويت الساحق لقرار وقف الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي رقم (2334) وامتناع الحليف الأميركي الاستراتيجي الأبرز عن التصويت، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن خطط جديدة لنهب الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة لبناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية الاستعمارية الإضافية، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بأنه استخفاف واضح بالشرعية الدولية، وتنكر بيِّنٌ للعدالة الدولية، وتمرد على القانون الدولي، وهو إعلان ـ كما في كل مرة ـ ليس مفاجئًا، وإنما محاولة لقياس ردة الفعل الدولية بعد القرار من ناحية، ومحاولة رد الإهانة التي تلقاها كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي توقع أنه بات في ذرى القانون باغتصاب المزيد من الحقوق الفلسطينية من جهة أخرى.
إن هذا المشروع الاستعماري الاستيطاني الجديد في القدس الشرقية المحتلة يعبر عن غطرسة وغرور هذا الكيان وتحديه السافر لإرادة المجتمع الدولي، ومحاولة لقتل كل أمل لدى الشعب الفلسطيني في استعادة حقه يومًا من الأيام، ويكشف حقيقة ما يدعو إليه اللص الإسرائيلي من مفاوضات ودون شروط مسبقة بأنها عبثية ترمي إلى إعطاء الوقت الكافي للاستيطان ليجهز على ما تبقى من الأرض الفلسطينية ليحقق أفكاره التلمودية العنصرية البغيضة فيما يسميه “دولة يهودية” للشعب اليهودي عاصمتها القدس الموحدة الأبدية، حيث ممنوع على الفلسطينيين البناء والذين تتعرض منازلهم للهدم على يد بلدية الاحتلال التي تقوم بعد ذلك بإرسال فاتورة العملية إليهم لتسديدها، وبالتالي لا يبقى أمام العائلات أي خيار سوى إعادة بناء البيوت المهدمة أو الانتقال للعيش مع العائلة أو مغادرة مدينتهم. إلا أن ما لا يريد أن يستوعبه كيان الاحتلال الإسرائيلي وقادته ومستوطنوه هو أن مواصلة الاستخفاف بالشرعية الدولية والاستمرار في اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وعدم احترام المعاهدات وقرارات الشرعية الدولية لن تدوم، ومثلما تفاجأوا إلى حد الصدمة بالقرار الأممي الجديد وحجم مؤيديه، فبالتأكيد سيجدون أنفسهم يومًا خارج حركة التاريخ وصيرورته، بالنظر إلى طبيعة كيان الاحتلال الإسرائيلي ككيان طارئ وقوة قائمة بالاحتلال، وإلى طبيعة تركيبة الشخصية الإسرائيلية الخاوية من أي قيم ومبادئ وأخلاق وقوة حق يمكن أن تمدها بقوة البقاء والنضال، فالطارئ معروف عنه أنه وقتي وإلى زوال، والثابت ثابت وإن كدرته ظروف الزمان والمقادير فهذا الكيان الغاصب طارئ وزائل وفلسطين هي الثابت الأزلي حتى قيام الساعة.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا