التقدير الإستراتيجي الإسرائيلي 2016 – 2017: نقاط على الحروف

بقلم: واصف عريقات

خرج التقدير هذه المرة عن المألوف، حيث تراجعت القضية الفلسطينية إلى مؤخرة المواضيع التي طرحت، ليس هذا فحسب، بل واستخدم منظمو التقدير مصطلحات تعكس المفهوم الإسرائيلي الحقيقي للموضوع الفلسطيني، كتسهيل حياة وقنوات فلسطينية مجتمعية، وتوسيع إعادة انتشار، وإعادة تنظيم خريطة الضفة الغربية، ومناطق مصلحة أمنية إسرائيلية، وأحرف جديدة لهذه المناطق مثل: P، وD، وS، والتمييز بين الكتل الاستيطانية والمستوطنات المعزولة، وربما سيصنفونها لاحقاً، A ،B ،C، وحلول لقضايا إشكالية من: كهرباء، وطاقة، ومياه، وسياحة بديلة، ومشاركة مجتمعية محلية، كما ورد في التقدير رسالة بوش واعتماد نهج الاتفاقات الانتقالية بالتدريج.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن حل القضية الفلسطينية بالنسبة لهم هو حل أمني ثنائي دون تدخل دولي عنوانه حكم ذاتي مقابل دولة يهودية، واستخدام القضية الفلسطينية كجسر عبور للعالم العربي والإسلامي وتضليل عالمي، هذا الحل يؤكد أن القيادة الاسرائيلية ما زالت تعتبر إسرائيل دولة عظمى إقليمياً والدول العربية ساحة خلفية لها وأنها جزيرة من الاستقرار والهدوء، لكن الرد جاء على لسان البروفيسور أفرايم رئيس مركز بيغن – السادات، حيث قال: “إسرائيل أكبر حاملة طائرات لأميركا وإنها جزء من مشروع غربي وليست جزءاً من المنطقة”، كما جاء الرد من نفس التقدير حينما تحدث عن التحديات ومنها: ضعف المناعة “القومية”، وتراجع التضامن بين شرائح المجتمع الإسرائيلي، والتوتر بين المتدينين والعلمانيين وبين الشرقيين والغربيين، والعنصرية ضد الأفارقة، وعدم تقبل اليهود الروس، إضافة إلى تعاظم الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، خاصة لدى المؤسسة العسكرية التي وصفها التقدير بجرها للجدل السياسي وضرب شرعية الجيش والحملات الدعائية في الشبكات الاجتماعية ضدهم.
ومن التحديات الأخرى التي أوردها التقدير: العجز الإسرائيلي عن تحقيق ما خططت له، وتراجع مكانتها على الساحة الدولية، ووصف الوضع الراهن بجمود العملية السلمية وتصاعد العمليات وتأثير ذلك على العلاقة الإسرائيلية الأوروبية، لكنهم لم يتحدثوا في تقديرهم عن معاناة الشعب الفلسطيني وصموده ورفضه لمخططاتهم.
ومن التحديات الإقليمية والدولية التي أوردها التقدير: تلاشي آمالهم وطموحاتهم في تقسيم سورية، وتراجع دور أميركا في المنطقة، وصعود روسيا، وتعزيز قوة إيران وحزب الله، والحد من قدرة إسرائيل على التحرك، والعلاقات مع أوروبا، وتراجع دعم الشرعية الدولية.
وعلى الصعيد العسكري فقد أقروا بعدم وجود أهداف وإنجازات سياسية لاعتداءاتهم السابقة، كما غيبت مفردات الحسم والجزم والردع التي كانت تستخدم في مثل هذه المؤتمرات، وحل محلها الحرص على منع نشوب مواجهات عسكرية، واستخدمت تعابير يلفها الغموض توصف في العلم العسكري بالتجاوز أو الالتفاف، وكثر الحديث عن تقييم دقيق للظروف ومشاركة أوسع للنقاش، إضافة للجيش من وزارات ومؤسسات مجتمع مدني وصناع القرار وقادة الرأي والمؤسسات الدبلوماسية وعن تطوير الإجراءات الدفاعية والقدرة المعرفية والتحليلية.
وجاء تراجع التهديد العسكري المباشر من الجيوش في المنطقة في هرم الفرص والإيجابيات بتقديرهم، إضافة إلى تأجيل الخطر النووي الإيراني بسبب اتفاق 2015 ووجود مساحة مشتركة بين دول عربية و”تل أبيب”، في ظل ما يجري في المنطقة والصراع السني الشيعي، وأخيراً التطور في قطاع الطاقة واكتشاف الغاز تجارياً.
وفي التوصيات، اعتبروا النافذة الإستراتيجية في ثلاثية القوة العسكرية والمرونة الاقتصادية مقابل ضعف الأعداء، وأوصوا بتعزيز العلاقات الإستراتيجية خاصة مع الولايات المتحدة، وتعزيز القدرة على إحباط اختراق إيران النووي، وتحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، والتحضير للمواجهات العسكرية، وتعزيز العلاقات مع الدول العربية السنية، ومواجهة مخاطر المحور الروسي السوري الإيراني، ومنع نقل الأسلحة لحزب الله، واستمرار المساعدات الإنسانية للمعارضة المسلحة السورية، والتحضير لمواجهة القوة الناعمة (الحرب القانونية، المحاكم، الاقتصاد، الدبلوماسية)، والسايبر، وخطة للقطاع العربي المحلي وتحسين آفاق الاندماج، وأخيراً إطلاق حوار سياسي واجتماعي داخلي.
مما تقدم نلاحظ الهواجس الإسرائيلية التالية:
أولاً. عدم الاستقرار الإقليمي.
ثانياً. ضعف تأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ثالثاً. ازدياد التوتر بين القوى الكبرى.
رابعاً. اختلال ميزان القوى في المنطقة.
خامساً. انخفاض الدعم الدولي والتغطية على الاعتداءات.
سادساً. تصعيد المقاومة الفلسطينية.
سابعاً. انخفاض المكانة السياسية لإسرائيل، إضافة لـ (بي دي أس).
ثامناً. التوتر في الساحة الداخلية وتناقص التضامن والشعور بالهدف المشترك.
تاسعاً. سيطرة رجال الدين والمستوطنين.
عاشراً. الانتصار بعيد المنال.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا