الرئيسيةمختاراتمقالاتمعنى قانون شرعنة المستوطنات..

معنى قانون شرعنة المستوطنات..

بقلم: عادل شديد

بعد مداولات ومقدمات استمرت لسنوات عديدة، صادق الكنيست الاسرائيلي مؤخرا على قانون شرعنة ما يسمى بالبؤر الاستيطانية غير الشرعية من وجهة نظر القانون الاسرائيلي مع ان جميع المستوطنات اليهودية التي اقيمت على اراضي الضفة الغربية المحتلة في العام 1967 تعتبر غير شرعية وغير قانونية، ولكن تمرير القانون يعني بداية لمرحلة جديدة تشكل انجازا كبيرا للتيار الديني القومي الذي يؤمن بما يسمى ارض اسرائيل الكبرى وان هذه الارض هي توراتية وتعود ملكيتها لليهود فقط ولا منازع لهم على ملكيتها، وبالتالي فرض السيطرة والسيادة الاسرائيلية الكاملة عليها وأنه يجب فرض القوانين والتعليمات التوراتية عليها فقط.
وبذلك تكون اسرائيل قد تخلت عن تعريف الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية كمناطق فلسطينية محتلة ينطبق عليها القانون الدولي، كما يعني تخليها ايضا عن الاقرار بأن هذه الاراضي متنازع عليها ورفضها تحديد مكانتها ومستقبلها في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية مستقبلا.
يشتمل قانون شرعنة المستوطنات العشوائية ، وفق التسميات الاسرائيلية على اكثر من (4000) وحدة سكنية استيطانية تم اقامتها في عشرات المواقع الاستيطانية على اراض مملوكة لمواطنين فلسطينيين والذين تمكنوا من اثبات ملكيتهم لتلك الاراضي التي اقيمت عليها تلك الوحدات الاستيطانية عبر تقديم اوراق الملكية والطابو لتلك الاراضي للمحكمة العليا الاسرائيلية حيث يشجع هذا القانون أي مستوطن على الاستيلاء بالقوة وسلب اية قطعة ارض في الضفة الغربية حتى لو كانت تلك الارض موجودة في مدينة رام الله والتي تعتبر مركز السلطة الفلسطينية الحالي وان الحكومة الاسرائيلية ستعترف بشرعيتها وستقدم لها كل الاحتياجات المطلوبة.
اما بالنسبة لأصحاب الارض الشرعيين فلم يعد امامهم اية فرصة لاستعادة اراضيهم من خلال المحكمة العليا الاسرائيلية وما عليهم سوى القبول بتعويض مالي من الحكومة الاسرائيلية مقابل موافقتهم على سرقة اراضيهم، بمعنى قبولهم بيع اراضيهم للمستوطنين وفي حال رفضهم قبول التعويض المالي عليهم التسليم بالأمر الواقع وهو ان هذه الارض لن تعود اليهم.
طالما ان الكنيست الاسرائيلي قد صادق على شرعنة وتمرير هذا القانون المخالف لكل القوانين الدولية، بما فيها القانون الاسرائيلي والذي دفع المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية للإعلان انه لن يكون بمقدوره الدفاع امام المحكمة العليا الاسرائيلية عن القانون الحالي كونه مخالف لكل القوانين وقد يعرض قادة ومسؤولين سياسيين وعسكريين للمقاضاة في المحاكم الدولية في حال رفع قضايا فلسطينية ضدهم بسبب هذا القانون لذلك ستكون الخطوة القادمة هي الاعلان عن ضم تلك المستوطنات التي يشملها القانون الجديد للمستوطنات الكبرى القائمة في الضفة الغربية والذي يعني مصادرة آلاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية الواقعة ما بين هذه المستوطنات العشوائية وما بين الكتل الاستيطانية الكبرى خاصة وأن بعض المستوطنات التي شملها القانون الجديد تبعد آلاف الامتار عن المستوطنات الكبرى التي ستضم اليها وبالتالي مصادرة وضم كافة الاراضي الفلسطينية الواقعة بينها.
وبذلك تكون اسرائيل قد نجحت بتوسيع الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية الامر الذي سيمنع أي ترابط او تواصل جغرافي وسكاني فلسطيني حتى داخل محافظات الضفة الغربية نفسها مما يعني استحالة وجود أي ترابط ما بين محافظات الضفة الغربية.
يتعرض القانون الجديد لرفض من قبل شرائح مختلفة من النظام السياسي الاسرائيلي وخاصة تلك الشريحة التي ترى أن تمرير هذا القانون يعني نهاية المركبات القانونية والقضائية والديمقراطية لإسرائيل ، وسيطرة التيار الديني القومي الذي قطع شوطا كبيرا ليس فقط بإضعاف مؤسسات اسرائيل القضائية وخاصة المحكمة العليا الاسرائيلية ، بل بالتقدم سريعا اتجاه بناء مملكة داوود اليهودية التوراتية على كافة الاراضي بما فيها حتى المأهولة بالمواطنين الفلسطينيين حيث تنوي هذه الجماعات التقدم باعتراض للمحكمة الاسرائيلية من اجل الغاء القانون وعدم الاعتراف بقانونيته وبشرعيته، إلا انه حتى في حالة موافقة المحكمة العليا الاسرائيلية على اعتراضاتهم وإبطال قانونيته وشرعيته، وهذا احتمال وارد وقائم، ولكنه يبقى قرارا خاليا من كافة المضامين طالما ان الكنيست الاسرائيلي قد اصبحت تفرض قوانينها على الاراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يعني ان هذه الاراضي هي جزء من الجغرافية السيادية لدولة اسرائيل ولبرلمانها اليميني والذي يعني الغاء اية سيادة مستقبلية لأية جهة فلسطينية اخرى على تلك المناطق والذي سينتهي بالضم النهائي لكل المناطق الفلسطينية لإسرائيل وإبقاء الشعب الفلسطيني دون ابسط الحقوق السياسية والمدنية في مشهد سيتجاوز نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا سابقا.
لم يكن لهذا القانون ان يتم عرضه على الكنيست وإقراره لو ان الحكومة الاسرائيلية تتوقع او تخشى ردا فلسطينيا وعربيا قادرا على قلب الطاولة خاصة وأن اسرائيل تستغل التفكك والانقسام الفلسطيني، والانشغال العربي بما يحدث في المنطقة، كما ان نجاح الرئيس الامريكي ترامب ووصوله الى البيت الابيض قد شكل فرصة كبيرة لإسرائيل لاستغلالها بعد شعورها بتحسن مكانتها في البيئة الاقليمية والدولية ، مما دفعها لتمرير هذه القوانين العنصرية.
لذلك بات مطلوبا من القيادة الفلسطينية ان تقوم بعملية مراجعة جدية واستخلاص للعبر الضرورية لمواجهة عملية التهويد الشامل لكل فلسطين وأولها إعادة إحياء التعريف الاصلي لفلسطين بحدودها التاريخية وإلغاء اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل لإعادة تثبيت اسرائيل في الوعي الثقافي الفلسطيني والعربي انها كيان استعماري احلالي عنصري وبالتالي الغاء كافة مسؤوليات السلطة الفلسطينية والتزاماتها الوظيفية الامنية والاقتصادية وبالتالي تصويب مسار السلطة لتتحول الى سلطة مقاومة تعمل على تثبيت وتقوية الوجود الفلسطيني وصموده على تراب وطنه التاريخي ومواجهة المشروع الاسرائيلي بكافة الوسائل المتاحة سياسيا وقضائيا وشعبيا واقتصاديا.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا