الرئيسيةأخباراسرائيليةنتانياهو «قيصراً للإعلام» يهدد حرية التعبير

نتانياهو «قيصراً للإعلام» يهدد حرية التعبير

قد لا يستوعب المتابِع عن بعد حقيقة أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مستعد لفرط ائتلافه الحكومي والذهاب إلى انتخابات عامة مبكرة على خلفية قضية تبدو لأي مراقب هامشية، مثل من يحكم «هيئة البث العامة» في الدولة العبرية. لكن الإسرائيليين، وفي مقدمهم شركاء نتانياهو في الائتلاف الحكومي، باتوا مقتنعين بأن نتانياهو الذي يستحوذ على تفكيره موضوع الإعلام في الدرجة الأولى مستعد للذهاب إلى أبعد مما يمكن أن يتصوره العقل ويحل الحكومة إذا لم ينصاعوا لرغباته.

وهذا ما حصل لوزير المال، زعيم حزب «كلنا» موشيه كحلون الذي حاول لأيام تحدي نتانياهو ورفض طلبه إرجاء بدء عمل «اتحاد البث الجديد» الذي يخشى نتانياهو «مديريْه اليساريين»، لكنه (كحلون) سرعان ما تراجع و «انبطح»، بلغة منتقديه، أمام إصرار نتانياهو على أن لا يشمل «اتحاد البث الجديد» قسماً للأخبار إنما تتم إقامة مثل هذا القسم على حدة ليتمكن نتانياهو من تعيين مقربيه لإدارته.

ولعل كحلون، الذي انشق قبل أربع سنوات عن «ليكود» لخلافه مع زعيمه نتانياهو، وأقام حزباً جديداً حصل على عشرة مقاعد برلمانية، استعاد في ذهنه ما حصل لزعيم حزب يمين الوسط يئير لبيد، وزير المال في الحكومة السابقة، الذي جرؤ على تأييد مشروع قانون يحد من نفوذ صحيفة «إسرائيل اليوم» المجانية الداعمة في شكل مطلق لنتانياهو، فما كان من الأخير إلا أن حلّ الحكومة وبكّر الانتخابات وشكّل حكومة جديدة أبقى لبيد وحزبه خارجها، ودفن مشروع القانون.

أما الأكثر غرابةً في قضية «اتحاد البث الجديد» فهو أن نتانياهو كان المبادر الرئيس لإقامته للتخلص من «هيئة البث الرسمية» الحالية بداعي أنها «مهترئة ويسارية بل حمساوية»، واحتفظ لنفسه بحقيبة الاتصال (قبل أن يضطر لتسليمها لقريبه تساحي هنغبي)، وتم سن قانون لإقامة «اتحاد البث الجديد»، إلا أن الفائزيْن بمناقصة إدارته «يساريان»، برأي نتانياهو أو، كما يقول البعض، برأي زوجته سارة وابنهما يئير، لينأى رئيس الحكومة بنفسه فجأة عن مشروعه ويطالب بإبقاء هيئة البث القديمة، ما أثار احتجاج وزير المال بداعي أن في الأمر تكلفة باهظة لخزينة الدولة. لكن نتانياهو أصر على موقفه إبعاد المديريْن الجديدين، وإذ تبين أن ذلك غير جائز قانونياً، تفتق ذهنه وذهن كحلون عن إخراج قسم الأخبار من «اتحاد البث»، وهكذا يفقد المديران أي نفوذ لهما على مضمون البرامج الإخبارية.

وأثار هذا التفاهم ردود فعل غاضبة في أوساط موظفي الهيئتين القديمة والجديدة وعشرات الصحافيين والنواب من المعارضة، وتظاهروا مساء أول من أمس قبالة «قرية الحكومة» في تل أبيب ورفعوا شعارات تندد بنتانياهو وكحلون وتساوي بين الأول والرئيس رجب أردوغان في السيطرة على الإعلام الحر. وأعرب إعلاميون نافذون عن مخاوفهم من نتائج «هوس» نتانياهو على حرية التعبير في وسائل الإعلام.

واعتبر رئيس الحكومة السابق ايهود باراك الاتفاق بين نتانياهو وكحلون «اغتيالاً نفذه نتانياهو بحق الديموقراطية الإسرائيلية». وقال لإذاعة الجيش أمس إن ما حصل هو «محاولة هستيرية من جانب نتانياهو للقضاء على الإعلام الحر لاعتبارات سياسية وشخصية، وربما لقلقه من التحقيقات الجنائية معه، ويقينه بأن حكمه يقترب من نهايته». وأردف أن ما يحصل هو «عملية خصاء اتحاد البث من خلال فصل قسم الأخبار عنه ليبقى مع زاوية الطبيخ والترفيه».

وقالت رئيسة مجلس الصحافة القاضية سابقاً داليا دورنر إنها قلقة على «مستقبل الديموقراطية وحرية الصحافة» في إسرائيل، «كما أنني قلقة على استقلالية الجهاز القضائي حيال مخططات الائتلاف الحكومي الحالي لإضعاف محكمة العدل العليا».

وتحت عنوان «قيصر الإعلام»، كتب الإعلامي المعروف دان شيلون في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «نتانياهو، الغارق حتى عنقه في شبهات جنائية، يدوس، بل يخصي بفظاظة الإعلام المرئي والمسموع وحرية المعلومات وأسس الديموقراطية، وسيكون أول رئيس حكومة يعيّن المحرر الرئيس في هيئة بث… لديه الآن صحيفة مجانية تتحدث باسمه، وها هو يقيم محطة تلفزة، وقريباً سيهجم أيضاً على القنوات ووسائل الإعلام الحرة– التجارية، ولم يبق أمامنا سوى إلقاء التحية للقيصر ولزوجته… إن في الأمر مدعاة للاشمئزاز وإفساداً وفساداً».

من جهته، دان كبير الصحافيين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنياع صمت شخصيات نافذة في «ليكود» إزاء سلوك نتانياهو «على رغم انتقادها الشديد له في أحاديث مغلقة»، ملمحاً إلى تخاذل المستشار القضائي أفيحاي مندلبليت وكبار معاونيه حيال ما يحصل، «وفي غياب حماة الديار أو محاولتهم تبييض أفعال رئيس الحكومة، فإن هناك ما يدعو إلى قلق حقيقي».

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا