الرئيسيةمختاراتاخترنا لكموثيقة حماس بين الحقيقة والواقع

وثيقة حماس بين الحقيقة والواقع

بعد الهالة الإعلامية التي رافقت ميلاد وثيقة حماس والتي عمل إعلام حماس طيلة الشهور الماضية من اجل تمريرها بهدف إكسابها زخما إعلاميا وسياسيا خرجت هذه الوثيقة التي طال انتظارها وانتشرت على الملأ عندما قدمها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مؤتمر عقد خصيصا لهذه الغاية.
وثيقة تعج بالتناقضات وغلب عليها الطابع الاستعراضي وتهدف في أساسياتها الى تجاوز حماس لهذه المرحلة التي أغرقتها في دوامة الأزمات وباتت تعصف بها وأصبحت تهدد وجودها سواء كانت على الصعيد المحلي او على الصعيد الإقليمي وفي علاقاتها مع إسرائيل فكان أن صدرت هذه الوثيقة في محاولة من حماس لتغيير جلدها السياسي وتسويق نفسها على كافة الأصعدة.
الوثيقة لم تحمل جديدا بما يعالج الوضع الفلسطيني وكانت أهدافها تتجاوز المحيط الفلسطيني وبقعته الجغرافية لترسل رسائل الى مراكز القوى الدولية صاحبة القرارات المؤثرة في السياسة الدولية بغية الحصول على شرعية تنطلق منها حماس فيما بعد ذلك من اجل العودة الى المشهد السياسي الفلسطيني لتكون هذه الوثيقة بمثابة محطة عبور للسيطرة على النظام السياسي الفلسطيني فهي لا تؤمن بالشراكة السياسية وان كانت اتخذت من مطالبتها بتلك الشراكة وسيلة طوال السنوات الماضية من اجل قبولها سياسيا ضمن الهيكلية السياسية الفلسطينية.
لكن هناك فروقات كثيرة بين الحقيقة والواقع فوثيقة حماس لم تحمل في طياتها تغييرا جوهريا على فكر حماس واستراتيجياتها واتسمت بالسطحية وهي ليست أكثر من عملية تجميل لوجه حماس لغزو الساحة الدولية ومن المؤكد أنها لن تلقى قبولا دوليا يساعد حماس في اختراق الساحة السياسية الدولية بحكم ان موقفها من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يتغير وهذا ما يعني المجتمع الدولي الذي ينظر الى المواقف السياسية من هذا الصراع لإنهاء أزمة الشرق الأوسط.
حماس حاولت التنصل من جذورها وامتداداتها الاخوانية بحكم ان الانتماء لهذه الجماعة يشكل عائقا أمام تطورها السياسي حيث ان المقبول لدى الأسرة الدولية بات فلسطينيا وليس اخوانيا ولذلك حاولت الخروج من رحم الإخوان المسلمين لكنها فشلت في إخراجها لهذا المشهد وتحولت بين عشية وضحاها الى تنظيم فلسطيني مستقل دون المرور بمحطات تؤكد على صحة نواياها لان كافة التنظيمات الفلسطينية يجمعهم جسم سياسي واحد وتحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وحركة حماس لا تعترف بتلك الشرعية وهذا ينفي بشكل قاطع تحول حماس الى تنظيم فلسطيني في الولاء والانتماء لفلسطين. ولما كانت السياسة تخلو من الجوانب العاطفية فقد أبرزت حماس في خطابها ان حماس جزء من المدرسة الاخوانية وان ارتباطهم معها هو ارتباط عاطفي وليس ارتباطا إداريا او تنظيميا لكن سياقة هذه المبررات لن تحرر حماس من فكر الإخوان المسلمين ولن يعزز موقفها لأنها لم تعطي انسلاخها الكامل عن جسم الإخوان فبقيت متمسكة بإستراتيجية الإخوان بالإشارة الى ان الوثيقة لن تكون بديلا عن أدبيات الحركة كما ان هناك تعارضا واضحا في ازدواجية مواقف حماس اذ ان الاخوان المسلمين ومنظمة التحرير الفلسطينية لن يلتقيا.
ثمة تناقض رئيسي واضح جاء في وثيقة حماس وهذا يعتبر جوهر القضية الفلسطينية وموقف المجتمع الدولي منه وهو ما يتعلق بعملية السلام والمفاوضات والاعتراف بإسرائيل اذ ان هذا الطرح الذي تقدمت به حماس لم يقنع أحدا في المجموعة الدولية عندما تأتي حماس وتبرر اعترافها بدولة فلسطينية بحدود 67 لكنها لن تعترف بإسرائيل وستبقى تسعى لتحرير الأرض. وإذا كانت حماس قد أبرزت هذا الخطاب فمن هي الدولة التي تجاور الدولة الفلسطينية في حدودها الغربية. مثل هذه المواقف لا يوجد لها تفسيرات في منظومة العلاقات الدولية وفي مفاهيم القانون الدولي إذ أن العلاقات الدولية تقوم على تحديد المفاهيم وتعريفها ووضع الأمور في نصابها الصحيح وليس على جملة من التحليلات ثم ان العالم يتعاطى ويتعامل مع أهداف إستراتيجية وليس مع رؤى تحمل تناقضات واضحة.
التفاوض والمفاوضات لا يخضعان لمفاهيم الثوابت بل إنهما وسيلة لتحقيق الأهداف المرحلية أو الإستراتيجية والثابت في قضيتنا الفلسطينية هو انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. لكن حماس ركزت على مسألة التفاوض وتدعو إسرائيل للتفاوض معها لكنها دعوة خجولة في تفسيرات هذا التحول أمام الجماهير الفلسطينية لكنها تحاول الحفاظ على وجهها بالإشارة الى ان الرسول “ص” قد تفاوض مع الأعداء لتجد لها مبررا في مفاوضاتها لكنها تعود لمقاييس التفاوض المباشر وغير مباشر وفي الأعراف السياسية لا فرق بينهما لكن حماس تتذرع بانها لن تفاوض مباشرة بسبب الاختلال في موازين القوى مع ان الزمن في هذه المعادلة يعمل لصالح إسرائيل ولن يحدث تحولات وتغيرات على هذه الموازين.

مركز الإعلام

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا