الرئيسيةمتفرقاتالموقفحركة حماس والوعي المطلوب

حركة حماس والوعي المطلوب

تواجه حركة حماس اليوم، أكثر من مُشكلة، بل أكثر من مُعضلة.
على حركة حماس، ومن منطلق وطني فلسطيني خالص، أن تتعلم من كيسها المليء بالتجارب الفاشلة والمُكلفة.
بيت الشرعية الفلسطينية، مازال مفتوحاً للجميع، ولحركة حماس على وجه الخصوص، كي تنجو من مصير العزلة ومن الإصطدام بالجدار السميك الذي أوصلت نفسها اليه.
على حركة حماس القبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تمهيداً لإجراء انتخاباتٍ تشريعية ورئاسية.

من الواضح جداً أن حركة حماس، وحتى الآن، ليست بوارد أن تتعلم أي شأن من شؤون السياسة الوطنية الخاصة، بل والسياسة بصفة عامة، فهي تكادُ لا تفقه شيئاً من عِلمِها، ولا تَعرِف أنها فن المُمكن في إدارة المصالح الوطنية، والحفاظ عليها، ومراكمة الإنجازات، وفي الموقف، والرؤية، والعمل.
فقد بيّنت ودلّت التجربة، أن حركة حماس بعيدة كل البُعد عن السياسة بمعناها العلمي، حيث لا يَغلُبُ على تفكيرها سوى التقديرات الآنية، والشعارات العامة الفضفاضة، وإبتعاداً عن الواقع السياسي الملموس وتحولاته اليومية، والمتسارعة أكثر الأحيان.
هي الآن، وفي ظل الأزمات التي تتعرض لها، مافتئت تطلق خطاباً تحريضياً غير مُحترم، تتناول فيه السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها، علماً أن الرئيس محمود عباس، ردد مراراً وتكراراً موقفه من حركة حماس وحتى بعد انقلابها وسيطرتها على قطاع غزة صيف العام 2007 “أن حركة حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني”، كلاماً مسؤولاً يُسهم دوماً في تصفية الصدور من الغل، ومن حفر الوطن بقنابل التفتت والكراهية. لكن هذا الكلام الإيجابي للرئيس محمود عباس لم يوصل الإنقسام الى مدفنه، بل بقي كلاماً معلقاً في الهواء عند قيادة حركة حماس.
حركة حماس اليوم ـــ وهنا لاشماته على الإطلاق ـــ تواجه أكثر من مُشكلة، بل أكثر من مُعضلة، على ضوء ماحصل ويحصل الآن في الحالة العربية الخليجية، فنراها تحاول طَرقِ أبوابٍ للخروج من شرنقة الواقع الذي أدخلت نفسها فيه بفعل سياساتها القاصرة طوال السنوات الماضية، ونتيجة زج نفسها في صراعات المحاور العربية والإقليمية. فهي اليوم تعمل على إعادة ترتيب علاقاتها مع طهران، وتُطلق المظاهرات الشعبوية التي أخرجتها في قطاع غزة في الأيام الأخيرةِ، وتعمل على تهييج اعلامها تحت عنوان رسالة تضامن مع دولة قطر، وهي في حقيقتها، وفي مضمونها، رسائل تودد وتقرب الى طهران بهتافاتها وشعاراتها المناهضة للمملكة العربية السعودية…!. بينما على ضفة السلطة الوطنية والقيادة الشرعية الفلسطينية يحاول الرئيس محمود عباس، وبموقفٍ وطني ومسؤول، مابعد التوترات العربية الأخيرة، أن يَدخُلَ منطقة الحياد، متمنياً للأشقاء العرب تجاوز خلافاتهم.
إن من أخطاء حركة حماس الكبرى، أن البعد الأيديولوجي العقائدي كان، مازال هو الغالب في رؤاها، وتحالفاتها، وتكتيكاتها، وفي كل حساباتها، وحتى اللحظة، مع غياب البعد الوطني، فحاولت مؤخراً ــ ومن يَصل مُتأخراً خيراً من أن لا يصل ــ حاولت ومن خلال وثيقتها الجديدة التي أعلَنَت عنها قبل شهرين أن تُعيد الإعتبار للبعد الوطني بإعادة تعريف نفسها كجزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وهي المرة الأولى التي تدوّن فيها حركة حماس وفي أدبياتها تصنيف ذاتها كجزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ــ وهو تطور جيد على كل حال، لكنه لايكفي أبداً.
نحن نقول، على حركة حماس، ومن منطلق وطني فلسطيني خالص، أن تتعلم حتى من كيسها المليء بالتجارب الفاشلة والمُكلفة، ومن تمحورها في معادلة الإنقسامات العربية، وأخرها الحالة الخليجية، وقبلها بقليل “تجربتها السورية” التي خلفت الكارثة، ومئات الضحايا من أبناء شعبنا الفلسطيني اللاجىء في مخيم اليرموك وعموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية.
على حركة حماس أن تتعلم من تجربتها الملموسة، التي كلّفتها الكثير، وكلّفت شعبنا الكثير أيضاً، ومازال شعبنا يدفع اثمانها من خلال إستمرار الإنقسام التالي لعملية الإنقلاب الدموي التي نفذتها حركة حماس في القطاع صيف العام 2007، وهي عملية سوداء حظيت بدعم اقليمي من قبل بعض الأطراف العربية.
بيت الشرعية الفلسطينية، الشرعية التاريخية، والشرعية الوطنية، والشرعية الدستورية، المعترف بها عربياً وإسلامياً وأممياً، والتي تم بنائها بالدم والعرق والتعب، شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، هذا البيت مازال مفتوحاً للجميع، ولحركة حماس على وجه الخصوص، كي تنجو من مصير العزلة ومن الإصطدام بالجدار السميك الذي أوصلت نفسها اليه.
فعلى حركة حماس أن تتعلم من دروسها، وأن تعيش بجسدها وليس بظلها المتضخم، بإنعكاس الضوء، وعليها القبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وترميم العلاقات الوطنية الداخلية، والقبول التالي باجراء انتخاباتٍ تشريعية ورئاسية، وطي هذه الصفحة وفتح صفحة جديدة من أجل وحدة شعبٍ كُتِبَ عليه أن يعيش في صراع لاهوادة فيه مع عدوٍ لا مثيل له في العالم، وفي حصارٍ جائرٍ وظروفٍ معيشيةٍ تستنزفُ قدراته وطاقاته.
طريق الى فلسطين، والى الدولة والحرية والكرامة، وحق اللاجئين بالعودة، وبالفعل الكفاحي التراكمي طويل النفس، لا يمر من تلابيب الدخول في متاهات المعادلات الإقليمية وصراعاتها التي لاتتوقف. فطريق الخلاص نحو فلسطين، طريق المشروع الوطني، يُعبّد بالوحدة الوطنية الصلبة، وبإنهاء الإنقسام تحت راية الإطار الوطني الفلسطيني الجامع، الواحد، الموحّد.

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا