الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمالمأمول في خطاب السيد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس

المأمول في خطاب السيد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس

بقلم الكاتب والباحث في الشأن السياسي احمد عيسى

من المتوقع ان يوجه السيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس، عصر الغد، اي يوم الاربعاء الموافق 5/7/2017، من احد قاعات فندق المشتل “الموفمبيك” شمال قطاع غزة، خطابه الاول للشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية والمجتمع الدولي بصفته الجديدة، وذلك وفقاً لدعوات رسمية كان مكتبه قد وزعها على وجهاء القطاع ونخبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية.
وفي هذه اللحظة من الزمن تعيش المنطقة والاقليم وضع لا تحسد عليه، فالموت والمصائب والازمات بأنواعها جميعا تفرض نفسها او احد معانيها في كل قطر، بل في كل شارع وزقاق من وطننا الكبير، لا سيما في وطننا الحبيب فلسطين، والاهم ان رائحة الدم واصوات طبول الحرب تؤرق الطفل قبل امه وابيه و تذهب النوم من عيونهم ، الامر الذي يعني ان كثير من الملفات المعقدة و الشائكة والبحث عن معالجات لها تواجه الجميع من القادة والمسؤولين، بما فيهم السيد هنية الرئيس الثالث للمكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس. وتجدر الاشارة هنا ان حركة حماس ليست حركة عابرة في التاريخ الفلسطيني، اذ ان وجودها في المشهد الفلسطيني وجوداً اصيلاً ثابتا، الامر الذي يفرض عليها ان تكون ذخرا استراتيجيا للشعب وسيفا ودرعا حاميا له، لا عبئا استراتيجيا على كتفيه وسيفا مسلطا على رقبته.
ولكونها تؤمن انها ذخراً استراتيجياً للشعب والامة، كانت حركة حماس قد امضت كثيراً من الوقت وبذلت كثيراً من الجهد والمال، بعد ان حلت النكبة بالشعب الفلسطيني في العام 1948، في اعداد وتربية الشعب او بعض منه، تربية اسلامية اخوانية، تبدأ بصوغ الفرد المسلم وفق التعريف الاخواني، وصولا لصوغ واعداد المجتمع المسلم دينيا ليصبح قادراً على مواجهة ومقاتلة الاحتلال وجنوده دون خوف عليه ان يهن ويضعف او يفرط او يتنازل كما غيره، في اشارة منها لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، الامر الذي كرره السيد هنية بقوله بعد فوز حركة حماس الساحق في انتخابات العام 2006، اذ كرر في اكثر من مكان ومناسبة أنه “لن تخترق الحصون ولن تسقط القلاع”. لن تتناول مقالتي هذه كل الملفات التي من المحتمل ان يتطرق اليها هنية في خطابه غدا، وفي المقابل ستركز على الملف الذي يبدو انه اسخنها وأكثرها اثارة للشعب لا سيما في قطاع غزة، وهو ملف التفاهم والتقارب مع دحلان وتياره، لما لهذا الملف من اثار يرى فيه البعض انه سيضع حداً لمعاناة اهلنا في قطاع غزة، تلك المعاناة التي آمل وكذلك كثيرين غيري ان تنتهي وتزول، الامر الذي اشك فيه لأسباب كثيرة ومتعددة. وعلى ضوء ذلك ارى ان من واجبي الانساني والوطني اثارة هذه الاسباب ومناقشتها لتفويت الفرصة على من يسعى ربما لتغطيتها وابعادها عن النقاش المجتمعي الجدي والعلني، لإجبار المسؤولين عن نتائجها لا سيما هنية ودحلان وكل ذي صلة بها، تقديم اجابات وافية مقنعة لضمان معالجة اسباب ما حدث في العام 2007، مرة وللأبد.
وفي هذا السياق يدرك السيد اسماعيل هنية بصفته رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس، كما تدرك مؤسسات التقدير حول العالم بما فيها العرب والمسلمين، كما يدرك كل صاحب عقل ومعرفة ودراية بجماعة الاخوان وفكرها وغاياتها من الفلسطينيين بما فيهم دحلان وجماعته، أن انقلاب العام 2007، في غزة بما تضمنه من جرائم قتل وجرح وتدمير ومطاردة لم يكن إلا مظهراً خارجياً للفلسفة الناظمة لعلاقة حركة حماس بالآخر الفلسطيني. ما تقدم يعني ان السيد هنية يقينا، وأظن ان دحلان كذلك يدركان، ان ما حدث في قطاع غزة في العام 2007، من احداث قاسية ومؤلمة لا زالت اثارها فاعلة ومؤثرة على شعبنا ووجدانه حتى يومنا هذا، لم تكن عوامل منشئة للمرض الكامن في العلاقة الفلسطينية – الفلسطينية الداخلية، بقدر ما كانت كاشفة لهذا المرض. ولذلك فإن اختصار المصالحة المجتمعية في ارضاء ذوي شهداء وجرحى الانقلاب، وإعمار ما دمرته احداث العام 2007، من ممتلكات ثابتة او منقولة، أو المعالجة النفسية لكل من تضرر من هذه الاحداث القاسية والمؤلمة، او اعادة الآلاف ممن ابعدوا عن بيوتهم وعائلاتهم قسراً نتيجة لذلك، وعلى الرغم من اهمية ذلك ووجاهته وضرورته وحاجتنا اليه، إلا انه ليس اكثر من معالجة الأعراض المرضية دون معالجة الاسباب الحقيقية، أي كمن يعالج المرض العضال بالمسكنات.
وفي هذا السياق لا يختلف اثنان في الشعب الفلسطيني وكذلك لا يختلف اثنان حول العالم بما في ذلك في الامة العربية والاسلامية ان السبب المنشئ لأحداث العام 2007، في قطاع غزة يكمن في الفلسفة المحركة لعلاقات حماس بالمجتمع الفلسطيني ومشروعه الوطني الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية.
وما لم يتم عبر اية مصالحة مجتمعية أي كان من يرعاها التطرق لهذه الفلسفة، فإن تعويض عائلات وابناء الشهداء والمتضررين رغم ضرورة ذلك ليس اكثر من مكافأة للقاتل وترضية للضحية، الامر الذي يعني انها ليست اكثر من تأجيل للانقلاب القادم، الذي أمل ويأمل كل صاحب عقل وقلب فلسطيني ان لا يحدث او يتكرر مرة اخرى. وفيما يتعلق بالفلسفة المحركة لرؤية حركة حماس (جماعة الاخوان) بالآخر الفلسطيني والعربي، فكانت قد عبرت عنها حركة حماس “جماعة الاخوان المسلمين في حينه” في رفضها الاستجابة لمذكرة احد اعضاء الجماعة حين ذلك، امير الشهداء خليل الوزير في العام 1957، بالانضمام اليه ورفاقه في حركة وطنية مسلحة جامعة للكل الفلسطيني تواجه المشروع الصهيوني في فلسطين “حركة فتح لاحقاً”، لإعداد جيل مسلم كما جرى توضيحه اعلاه، الامر الذي استغرقها ثلاثين عاما أي حتى العام 1987. وكما عبر عنها ميثاقها الصادر في العام 1988، والمفارقة هنا ان تلك الفلسفة لم تتغير في الوثيقة الاخيرة التي صدرت عن الحركة في العام 2017، أي ان الكل الفلسطيني بما فيهم دحلان لا زال في فكر حماس من “القوم” الذي لا يمكن الثقة به لعدم تجاوزه وغيره للتربية الاسلامية التي اتمتها الاجيال في الجماعة “حركة حماس”، وليس من “الامة” التي بايعت قيادة الحركة وفق نص البيعة المعمول فيه في صفوف الجماعة أي حركة حماس.
وفي سياق انقلاب حركة حماس والمصالحة المجتمعية المرتبطة فيه، الملف الذي سيتناوله هنية يقيناً في خطابه غدا، فقد كانت حركة حماس قد صممت روايتها الاعلامية والدعوية في العام 2007، أي خطابها الذي برر انقلابها على الكل الفلسطيني في ذلك العام من منطلق انها تريد تخليص الشعب والمجتمع من التيار الاسرائيلي “الدحلاني” في حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وها هي اليوم تسقط هذا الخطاب وتعيده وتياره قائدا وشريكا وطنيا لغزة المنكوبة. ومقابل ذلك كان دحلان قد صمم خطابا منفردا له، يشرح فيه ردة فعله على فوز حركة حماس في انتخابات العام 2006، بعنوان “خمسة بلدي” الذي لا زال متوفراً بصوته الشخصي على شبكة التواصل الاجتماعي “الانترنت” والذي قال فيه حرفيا وانا هنا اقتبس من قوله “من سيتحالف مع حركة حماس سأقل قيمته”، وها هو اليوم وبعد مرور اكثر من عقد على ذلك في طريقه للتحالف معها!.
وتأسيساً على الفقرتين اعلاه، ألا تعني تفاهمات الطرفين اليوم سقوطاً لخطاب كل منهما؟ ثم ألا يعني هذا السقوط حجم استخفاف واستهتار كل منهما بمصير ومستقبل فلسطين وشعبها؟ ثم ألا يكفي ذلك لتجريم كل منهما ومحاكمتهما على ما ارتكب من جرائم بحق من سقطوا وشردوا من الشعب الذي يريدون مصالحته بالمال؟ ثم ألا يعني هذا السقوط لخطابهما وهذا الاستهتار بالشعب ومصيره انهما لا يملكان اهلية القيادة؟ وأخيراً هل سيقبل الشعب الفلسطيني لا سيما ذلك الجزء من الشعب المرابط في غزة تحمل اثار واعباء ومعاناة العقد الماضي من الانقسام دون محاسبة المسؤولين عنه؟ ادرك شخصيا ان كثيرين من الطيبين سيعلقوا سلبا على ما كتبت وربما سيتهمني بعضهم بأنني اضع العصي في الدواليب امام انجاز المصالحة لا سيما في غزة، وظني ان بعضهم سيتهمني بأنني احد المسحجين او المطبلين او المستفيدين من استمرار الانقلاب والانقسام، وقد يذهب البعض اكثر من ذلك، وهنا اقول ان الشمس لا تغطى بغربال والحلال بينٌ والحرام بين، وفي هذا السياق ادعو كل صاحب ضمير وكل صاحب قلم غير مأجور ان يدلي برأيه ويُعمل قلمه في انقاذ ما تبقى من وطن بالتركيز على الاسباب المنشئة للانقلاب والانقسام وليس على مظاهره الخارجية واعراضه، وهذا اقل ما نقدمه للشهداء والجرحى، وحتى لا نكون أغراراً او نسمح للغر بخديعتنا مرة أخرى فنفقد بذلك الصواب والحقيقة مرتين.
وهنا آمل ان يتحلى السيد هنية بجرأة توازي قدرته على الخطابة، وبحكمة تساوي قوة مكانته الجديدة، وبصراحة وصدق يفرضهما عليه صحيح تدينه، ويعلن اعترافه بخطيئة ما اقدمت عليه حركته في العام 2007،علاوة على اعلانه تحمله وحركته مسؤولية ما اصاب الشعب واهل القطاع من مصائب وويلات نتيجة لسوء تقديره وحركته لواقع غزة والمنطقة وحركة حماس، اذ لا زالت كل فئات الشعب تعاني وتدفع ثمن خطأ تلك التقديرات والقرارات من حاضرهم ومستقبلهم حتى يومنا هذا. واخيرا أمل أن يضع في خطابه هذا مصيره ومصير شركائه بما اقترفوا من مسؤولية تجاه شعبهم وامتهم في يد الشعب ليحكم عليهم وحتما لن يخطئ الشعب في هذا الحكم.

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا