أم الشهداء في الميدان

زكريا المدهون وخضر الزعنون

أصرّت أم يوسف زغرة (54 عاماً) على المشاركة في فعاليات مسيرات العودة الكبرى السلمية شرق مدينة غزة، رغم فقدانها ثلاثة من أبنائها خلال الحروب الاسرائيلية الثلاثة على الشريط الساحلي المحاصر منذ أحد عشر عاماً.

“كلنا فداء لفلسطين نريد العودة الى بلادنا”، تقول “أم يوسف” وهي تضع كوفية فلسطينية حول عنقها.

منذ ساعات الصباح الباكر زحف آلاف المواطنين من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين صوب الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة للمشاركة في مسيرات العودة التي انطلقت في الثلاثين من الشهر الماضي.

فقدت “أم يوسف” خلال الحروب الاسرائيلية أحمد وخميس ومحمود، مؤكدة استعدادها للاستشهاد واللحاق بأبنائها في سبيل الحرية والكرامة.

سحب من الدخان الأسود الكثيف غطت الأجواء الشرقية لمدينة غزة بفعل اطارات مطاطية أشعلها شبان غاضبون.

على بعد مئات الأمتار من خيام العودة البيضاء كانت جرافة تضع سواتر ترابية في محاولة لحماية المواطنين من رصاص الاحتلال الإسرائيلي.

شاب يحمل مقصات حديدية وهو واحد من ضمن ما يطلق عليها “وحدة قص السلك” أكد أن مهمته قص السلك الحدودي الفاصل غير مكترث لقناصة الاحتلال الإسرائيلي.

على الجانب الآخر من الحدود، دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات اضافية من الفرق والآليات العسكرية ومئات القناصة للتصدي للمشاركين في المسيرات السلمية.

منذ انطلاق فعاليات مسيرات العودة الكبرى استشهد أكثر من أربعين مواطنا أكثرهم أطفال، وأصيب الآلاف بجروح مختلفة يعاني كثير منهم من إعاقات بسبب استخدام قوات الاحتلال أسلحة محرمة دولياً.

برفقة مجموعة من النسوة، أكدت أم سعد حبيب (60 عاما) من حي الشجاعية المتاخم للحدود الشرقية لمدينة غزة، “أنها تشارك اليوم لتوجيه رسالة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأن القدس هي مدينة عربية فلسطينية وكل اجراءاته باطلة.”

وأعلنت واشنطن أنها ستنقل اليوم سفاراتها في اسرائيل من مدينة تل أبيب الى مدينة القدس المحتلة ما أثار موجة من الغضب الفلسطيني والعربي والاسلامي.

وقالت حبيب: جميعنا مشاريع شهادة كلنا فداء لفلسطين”، وسط هتافات “على القدس رايحين شهداء بالملايين” التي كان يرددها دوما الشهيد ياسر عرفات “أبو عمار”.

طائرات اسرائيلية بدون طيار وأخرى صغيرة للمراقبة وإطلاق زخات من الغاز المسيل للدموع كانت تحلق بكثافة فوق المكان.

عربات تجرها الحمير ومركبات صغيرة بثلاثة عجلات تنقل بين الحين والآخر إطارات مطاطية للشبان لإشعالها في محاولة للتشويش على قناصة الاحتلال.

الطفل طه (15 عاما) غير مكترث لغزارة النيران الاسرائيلية، مؤكداً استعداده للشهادة من أجل فلسطين.

رغم سنه، وجّه طه رسالة الى ترمب قال فيها: “جئنا هنا على حدود غزة حتى نسير الى القدس التي ستظل عربية فلسطينية رغم كل الاجراءات الباطلة.”

فجأة انطلقت سيارة إسعاف مسرعة نحو الشرق لتقل شابا أصيب برصاصة قناص اسرائيلي بساقه اليسرى.”

نقاط وخيام طبية أقيمت في أماكن التجمع الخمسة على طول الحدود لتقديم الاسعافات للجرحى الا أنها هي الأخرى تتعرض لاعتداءات قوات الاحتلال.

محمد (20 عاما) اسم مستعار لشاب من “وحدة الكاوتشوك”، التي تقوم بمهمة نقل وإشعال الإطارات المطاطية، يقول: “منذ انطلاق مسيرات العودة وأنا أشارك فيها ومهمتنا اشعال إطارات المركبات للتشويش على الجنود وحماية المشاركين.”

بين الفينة والأخرى شبان يحاولون الاقتراب من الحدود الشرقية لكنهم يتعرضون لوابل من إطلاق النار الحي ما يوقع اصابات في صفوفهم.

زخات من قنابل الغاز المسيل للدموع أطلقتها قوات الاحتلال الاسرائيلي صوب تجمعات المواطنين الذين حاولوا اخمادها بالرمال.

ابراهيم أبو عبد الله (30 عاما) أخذ يفرك وجهه بعد استنشاقه للغازات السامة، يقول: “لن نرحل عن أرضنا مهما فعلوا بنا سنعود يوما الى أرضنا في فلسطين.”

وشدد على بطلان قرار ترمب بنقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة، داعيا العرب والمسلمين الى التصدي ووقف هذا القرار غير الشرعي.

الإضراب الشامل عمّ محافظات قطاع غزة، لمناسبة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين واحتجاجا على نقل السفارة الأمريكية الى مدينة القدس المحتلة.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا