الرئيسيةمختاراتمقالاتالضم لن يحقق السلام وله تداعيات على أمن واستقرار المنطقة

الضم لن يحقق السلام وله تداعيات على أمن واستقرار المنطقة

بقلم: جوزيف بورل

مفوض الاتحاد الاوروبي لشؤون الخارجية وسياسة الامن

بالنسبة للكثيرين منا في اوروبا، فان العلاقات بيننا وبين الاسرائيليين والفلسطينيين هي شخصية جدا. فبالنسبة لي مثلا، هذه علاقات تمتد لسنوات طويلة. بعد أن أنهيت دراستي في الجامعة في 1969 عملت في كيبوتس حين كانت اسرائيل لا تزال نامية، تجولت في طول وعرض اسرائيل وفي المناطق الفلسطينية المحتلة، من الجليل وحتى ايلات. بل اني تعرفت على زوجتي الاولى في كيبوتس غلئون.

كان هذا اتصالي الاول مع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني المتواصل. كاوروبي، تذكرت الطابع المأساوي للتاريخ الانساني، ولاهمية البحث عن حل سلمي للنزاع. زرت هنا مع عائلتي مرات عديدة اخرى، وفي 2005 القيت خطابا في الكنيست، بصفتي رئيسا للبرلمان الاوروبي ذكرت فيه التزام اوروبا بامن اسرائيل، بعد الانتفاضة الثانية. في ذاك الوقت كان أمل مشترك لدى الكثيرين بانه رغم العوائق، فان حل الدولتين لا يزال قابلا للتحقق. لقد عمل الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء فيه بثبات دعما للطرفين لتحقيق هذا الهدف. ساعدنا في بناء مؤسسات فلسطينية كاعداد للدولة، وفي مساعدة مالية تبلغ الان اكثر من 600 مليون يورو كل سنة. كما اننا نفهم مخاوف الاسرائيليين وملتزمون بامن اسرائيل، غير القابل للتفاوض من ناحيتنا. يستثمر الاتحاد الاوروبي بالتعاون، الذي هو في صالح الطرفين، من مكافحة الارهاب وحتى البحث، ومن السياحة وحتى البيئة. علينا ان نفحص السبل لتطوير هذا التعاون وتنمية علاقاتنا الى الامام.

عندما توقفت المسيرة السياسية اصبح النزاع والاحتلال المترسخ واقعا يوميا. لقد تحقق في السنوات الاخيرة تقدم طفيف للغاية، والوضع الراهن الحالي لا يوفر اجوبة مجدية ولا يمكنه أن يستمر الى الابد. الحقيقة القاسية هي ان العودة الى مفاوضات حقيقية فقط يمكنها أن تحقق للاسرائيليين والفلسطينيين ما يتمنونه حقا: السلام الدائم والامن.

لنا في اوروبا مؤلم ان نرى ان فرصة حل الدولتين – السبيل الوحيد الواقعي والدائم لانهاء النزاع – توجد في خطر. ان معنى خطة الضم، كما أعلنتها الحكومة، هو نهاية هذا الحل. تعتقد دول الاتحاد الاوروبي أن الضم يخرق القانون الدولي ونحن نستغل كل مناسبة لايضاح هذا بروح من الصداقة لحكومة اسرائيل.

الضم يؤثر على الناس. سيؤثر ليس فقط على الفلسطينيين، بل وعلى الاسرائيليين ايضا، على الدول المجاورة وحتى علينا في اوروبا. لكل خرق للقانون الدولي ولا سيما في ظل ضم للاراضي، توجد تداعيات على النظام العالمي القائم على اساس القانون وبالتالي من شأنه أن تكون له تداعيات سلبية على مناطق نزاع اخرى.

الضم ليس السبيل للسلام مع الفلسطينيين ولتحسين أمن اسرائيل. وهو لن يعزز مسيرة المفاوضات مثلما يدعي البعض. على المفاوضات ان تبدأ من المبادىء الدولية المقرة، والتقدم من هناك.

في نهاية المطاف فان الفلسطينيين والاسرائيليين على حد سواء لن يذهبوا الى اي مكان، بحيث أنكم ملزمون بايجاد السبيل للسلام بينكم. توجد نماذج للتعاون بينكم، وينبغي الاشارة اليها ايجابيا وتوسيعها وليس تقويضها.

إن المس بالساحة الدولية من خلال تقويض واحد من المبادىء الاساسية التي جعلت العالم اكثر أمانا، واعطاء شرعية لاكتساب الاراضي بالقوة سيكون دوما غير مقبول على الاتحاد الاوروبي. ستكون للضم من طرف واحد تداعيات سلبية على أمن المنطقة واستقرارها ايضا. وهو سيعرض للخطر اتفاقات السلام لاسرائيل مع جيرانها، وسيمس جدا بالسلطة الفلسطينية وبفرصة حل الدولتين. فهل يمكن لاسرائيل أن تأخذ المسؤولية عن ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية بكل ما ينبع عن ذلك من تداعيات سياسية واجتماعية؟

اوروبا واسرائيل قريبتان جدا ليس فقط جغرافيا، بل وايضا ثقافيا واقتصاديا. توجد علاقة قوية بين اسرائيل واوروبا ونحن نريد ان نعزز ونعمق علاقتنا أكثر فأكثر، لا أن نرجع بها الى الوراء.

ولكن هذا سيحصل بشكل محتم اذا ما تم الضم احادي الجانب. لا يمكن فرض السلام، يجب الوصول اليه بالمفاوضات، رغم المصاعب على الطريق. كما أن السلام يمكنه أيضا أن يؤدي الى فرص اضافية لتنمية علاقات الاتحاد الاوروبي مع اسرائيل – هذا هام بالنسبة لنا، وينبغي أن يكون في مركز مساعينا.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا