الرئيسيةمختاراتمقالاتالاحتلال ماضٍ في مخططاته ومشاريعه لتهويد القدس ونحن نكثر من الشعارات!

الاحتلال ماضٍ في مخططاته ومشاريعه لتهويد القدس ونحن نكثر من الشعارات!

بقلم: راسم عبيدات

وتائر المشاريع والمخططات الإسرائيلية الاستيطانية المترافقة مع سلسلة طويلة ولا منتهية من التشريعات والقوانين والقرارات العنصرية تستهدف تغيير كل معالم المدينة التاريخية والأثرية وطمس هويتها وإخفاء حضارتها والسطو على تاريخها وتزوير رواية الوجود العربي – الإسلامي فيها لصالح رواية تلمودية توراتية تفتقر الى المصداقية والتماسك.
كل ذلك يتواصل والحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة التي تضم المكونات الدينية والعلمانية من يمين مغرق في العنصرية والتطرف، توفرت لها فرصة تاريخية لكي تزيد من ” توحشها” و”تغولها” تجاه المقدسيين، منذ تولي الإدارة الأمريكية المتصهينة بقيادة المتطرف ترامب للحكم في أمريكا قبل اربع سنوات، تلك القيادة التي شاركت الى جانب حكومة الإحتلال في العدوان المباشر على شعبنا وحقوقه، ولتصل البلطجة والوقاحة الأمريكية حد نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس والاعتراف بها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال وتشريع الاستيطان في الضفة الغربية، ضمن ما عرف بصفقة القرن الأمريكية، تلك الصفقة التي أرادت أن تشطب قضيتنا بشكل نهائي وتصفي مرتكزات مشروعنا الوطني الأساسية القدس واللاجئين .
وضمن هذه المشاريع التهويدية يأتي الشارع الأمريكي الذي يجري شقه جنوب شرق المدينة، وبما يعزل مدينة القدس بشكل نهائي عن القرى والبلدات والمدن الفلسطينية الواقعة جنوب المدينة على وجه الخصوص في صلب تلك المشاريع الاستراتيجية، وهناك مجموعة اهداف متوخاة من شق هذا الشارع، يقف في مقدمتها ربط المستوطنات الشرقية ووسط القسم الشرقي من المدينة بالمستوطنات مع القدس الغربية وبالداخل الفلسطيني غرباً وبغور الأردن شرقاً، وضمن خطة الضم، مما يوفر تحركاً لوجستياً ضمن حركة الطرق والقطارات الخفيفة والثقيلة بالقدس الكبرى حتى عام 2050 وفق الرؤية الإسرائيلية، وكذلك فان هذا الشارع بعد شقه واختصار المسافة والوقت سيعمل على تسهيل تحرك المستوطنين وقوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية في محيط القدس وأرجاء الضفة الغربية، إذ إن المسافة بين التجمع الاستيطاني في الجنوب (كفار عتصيون) والكتلة الاستيطانية “معاليه أدوميم” شرق القدس يحتاج الوصول إليه اليوم نحو ساعة وبعد شق هذا الشارع الالتفافي تصبح المسافة لا تتجاوز ال 20 دقيقة فقط ودون عوائق وفي خط مستقيم بين حاجزي (مزموريا) و(الزعيم).
وليس هذا فقط، بل المتوقع عند فتح الشارع الأمريكي أن تنتقل 50٪ من حركة المواصلات على شارع القدس الخليل الحالي ومنطقة جنوب القدس الى هذا الشارع، أي أن آلاف السيارات ستتنقل عبر هذا الشارع الالتفافي مما سيؤثر على البيئة بشكل ملحوظ خلال المرحلة المقبلة.
ومن المهم القول أن سلطات الاحتلال تعمدت عدم تنظيم كل المناطق التي يمر بها هذا الشارع الالتفافي، وذلك لخدمة المشاريع الاستيطانية، ولا ننسى هدفا مركزيا لشق هذا الشارع وهو تفتيت وفصل وتدمير أراضي قرى صورباهر وام ليسون وجبل المكبر على وجه التحديد، بحيث يحد من تطورها العمراني وتوسعها السكاني، وتحويل كل قرية منها الى وحدات اجتماعية مستقلة، بحيث يصبح الهم الذاتي يطغى على الهم الوطني العام، وكذلك المستوطنات المقامة على أراضي هذه القرى او الواقعة بينها، تمنع تواصلها الجغرافي والديمغرافي.
وليس هذا فقط، بل سيقام على أطراف هذا الشارع مداخل ومخارج للقرى الفلسطينية التي يمر منها هذا الشارع، بحيث يمكن السيطرة والتحكم في حركة السكان دخولاً وخروجاً، في حالة حدوث هبات شعبية أو احتجاجات شعبية ضد اجراءات وممارسات الاحتلال القمعية والإنتقامية بحق السكان لأسباب وطنية او دينية وغيرها.
بعد هذا المشروع التهويدي الضخم ،وقفنا أمام مشروع تهويدي أخر لا يقل خطورة عن الشارع الأمريكي ،حيث اقرار اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الإحتلال ما يسمى بمشروع وادي السيلكون،والمطروح للتنفيذ خلال ثلاثة شهور وإنجازه خلال ثلاث سنوات، وهذا المشروع الذي يستولي على أرض خاصة في منطقة واد الجوز،يعني هدم حوالي 200 منشأة تجارية وصناعية ذات ملكية خاصة واقامة 900 غرفة فندقية على انقاضها ومجمعات تجارية وصناعية حديثة ” هاي تيك” على أكثر من 250 ألف متر مربع وبتكلفة مالية تصل الى 2.1 مليار شيكل ،والمشروع يتضمن كذلك شق طرق وشوارع من الأراضي الفلسطينية وتسيير للقطار الخفيف بما يربط البؤر الإستيطانية مع بعدها البعض ويفتت وحدة البلدات والأحياء المقدسية الجغرافية وبما يعزلها عن بعضها البعض،ويهدف أيضاً الى ربط القسم الشرقي من المدينة مع قسمها الغربي،وبما يكرس السيادة الإسرائيلية على المدينة.
هذا المشروع سيكون عامل جذب للسياح والحركة التجارية والاقتصادية وبما يجعلها بديل عن البلدة القديمة من أجل شلها سياحيا واقتصاديا وتجاريا وبما يخدم التهويد وسياسات التطهير العرقي.
منذ ما لا يزيد عن عشرة أيام أعلنت بلدية الاحتلال عن إيداع مخطط تنظيمي ضخم تحت اسم مشروع “مركز القدس شرق” وهذا المشروع يحدد الوضعية التنظيمية للعقارات والشوارع والمباني العامة والأراضي الفارغة في مركز المدينة من القسم الشرقي منها، وسيكون لهذا المشروع انعكاسات سلبية وخطيرة على أصحاب العقارات والأراضي في شمال البلدة القديمة.
بلدية الإحتلال عملت على هذا المشروع منذ عشرين عاماً دون ان يكون أي مشاركة لأصحاب الأرض والمكان في بلورة وتحديد الوضعية التنظيمية للأحياء والأماكن التي يسكنونها والمحال التجارية التي يشغلونها،وفي حالة إقراره سيضع قيود كبيرة على البناء في تلك المنطقة،وكذلك فهو يتضمن تغييرات جوهرية في كل ملامح ومعالم المدينة، وبما يغيير من هويتها وطابعها العروبي الإسلامي…ولذلك هذا المشروع الضخم وبكل تفاصيله والذي يمس حياة 300 ألف مواطن، لا تكفي مدة الشهرين التي حددتها بلدية الإحتلال للاعتراض عليه والتي تنتهي في 23/12/2020، فمشروع بهذه الضخامة والمخاطر بحاجة الى دراسة معمقة من قبل مهندسين وخبراء وأخذ رأي مختصين في القانون والتخطيط بمختلف مستوياته قبل صياغة الإعتراضات عليه، ومن الهام والضروري تقديم الإعتراضات على هذا المشروع التهويدي الضخم من قبل أفراد ومؤسسات ولجان وتجار، وتجنيد طاقم مختص يتولى الرد على هذا المشروع والإعتراض عليه،وبما يمكن إن لم يكن إفشاله لكونه يتعارض مع القانون الدولي والإتفاقيات الدولية،تعديله بما يحقق أعلى قدر من المصلحة للسكان والتجار.
هذا المشروع التهويدي الجديد يبدأ من المصرارة على الشارع رقم واحد مرورا بشوارع السلطان سليمان وصلاح الدين والزهراء والأصفهاني والرشيد وشارع عثمان بن عفان في واد الجوز وصولا إلى منطقة الشيخ جراح وفندق “الأمريكان كولوني” وامتدادا على الشارع رقم واحد الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي.
الاحتلال مستمر في عبرنة الشوارع ومداخل وبوابات مدينة القدس وقلاعها التاريخية، قلعة باب الخليل وبوابة باب العامود التي اطلق اسم مجندة صهيونية قتلت في عملية نفذها مقاومون فلسطينيون عام 2017 على اسمها،ليصبح اسمها ساحة “هدار فهداس”ـبدلاً من بوابة باب العامود الممتد تاريخها وتسميتها لما قبل الإحتلال الصليبي.
المحتل ماض في تنفيذ مشاريعه ومخططاته لتهويد المدينة وخلق وقائع وحقائق على الأرض تغيير ملامحها ومعالمها وتاريخها وحضارتها وروايتها وتقلب واقعها الديمغرافي والجغرافي لصالح مستوطنيه، ونحن نواصل إطلاق البيانات والشعارات حول عروبة المدينة وإسلاميتها، دون أن نسند ذلك بخطط وبرامج وآليات وخطوات عملية تمكن من تعزيز صمود المقدسيين وتثبيتهم في قدسهم وعلى أرضهم.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا