غربلة لا بد منها

كتب: عمر حميد

يعتقد الكثير من أبناء حركة فتح أن ما أقدم عليه ناصر القدوة و الأسير مروان البرغوثي قد يؤثر سلبا” و بشكل خطير على وضع حركة فتح بما يخص الانتخابات التشريعية القادمة و على تماسك الحركة و استمرارها بنفس القوة في أدائها كحركة قائدة للمشروع الوطني الفلسطيني ، خصوصا” في ظل وجود من يتربص بحركة فتح من أزلام الدحلان و حماس و بعض قوى اليسار على الساحة الفلسطينية حيث يعتبر كل من هؤلاء الفرقاء ان الانتخابات التشريعية هي فرصة لضرب حركة فتح و الحصول على أغلبية في مقاعد المجلس التشريعي.
إلا أن المعطيات على أرض الواقع تشير أن ما حصل مؤخرا” على مستوى اللجنة المركزية هو نقطة قوة للحركة و دفعة قوية لها لتستمر في موقعها الحالي في قيادة المشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني و أعوانه ، و يتوضح ذلك من خلال النقاط التالية :
*إن اللجنة المركزية بكامل أعضائها الفاعلين متماسكة و على قلب رجل واحد في كل ما يصدر من قرارات و خطوات تخص استحقاق الانتخابات و همهم الأوحد هو تعزيز مكانة حركة فتح و تماسك أطرها و التحامها مع جماهير شعبنا في مختلف المجالات ، على العكس من أعضاء المركزية غير الفاعلين الذين آثروا واهمين البحث عن أمجاد شخصية بعيدا” عن حركة فتح و نظمها الداخلية معتقدين أن لأسمائهم رمزية و حظوة لدى ابناء الحركة و جماهيرها و لكنهم كانوا غافلين عن أن حركة فتح هي من صنعت رمزيتهم و بالخروج عن أدبياتها و نظمها ستذهب تلك الرمزية و ربما تنقلب و تصبح وصمة عار ستلازمهم إلى الأبد.
* منذ المؤتمر السابع و قبل وصول مركزية فتح إلى تفاهمات مع حماس و معظم الفصائل الأخرى حول الانتخابات كان أعضاء المركزية و على رأسهم الأخ الرئيس ابو مازن كخلية نحل على مدار الساعة كلٌ في مهامه المكلف بها و معهم أعضاء المجلس الثوري و من خلفهم أعضاء المجلس الاستشاري وصولا” لجميع أقاليم الحركة بهدف تعزيز وحدة الحركة و التأكيد على دورها النضالي في مواجهة كافة المؤامرات التي تستهدف قضيتنا الوطنية و التي تجسدت بالتفاف جميع الأطر حول موقف الأخ الرئيس أبو مازن في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية و مشروعها التصفوي الذي كاد أن ينال من مشروعنا الوطني لولا صلابة الحركة و موقفها الثابت الذي مثله الأخ الرئيس أمام شعبه و أمام العالم وعلى منبر الجمعية العامة في الأمم المتحدة و مجلس الأمن بكل ثقة و صلابة إلى أن ذهب ترامب و انهزم مشروعه أمام صلابة الموقف الفلسطيني.
* و بعد الوصول إلى التفاهمات حول الانتخابات تحول أعضاء المركزية و من خلفهم جميع الأطر التنظيمية لخلية عمل استثنائية حيث توزع أعضاء اللجنة المركزية على جميع المناطق وفق الدوائر الانتخابية و التحم اعضاء المركزية مع الاقاليم مع فعاليات المجتمع الأهلية و الشعبية للوصول إلى أفضل المرشحين البعيدين كل البعد عن المناصب و المحسوبيات وفق معايير صارمة فرضتها اللجنة المركزية و التي تمنع ترشح أي من أعضائها أو أعضاء المجلس الثوري أو المجلس الاستشاري و أمناء الأقاليم و الوزراء و منتسبي الأجهزة الأمنية و السفراء من ابناء الحركة ، و ذلك لإتاحة الفرصة لاختيار كفاءات حركية و جماهيرية من أبناء شعبنا البطل ، تلك الجهود التي أثمرت عن إعلان قائمة حركة فتح التي تضمنت نخبة من رموز شعبية و نضالية و علمية و ثقافية يفتخر بهم كل من عرفهم و عمل معهم.
* إن المعايير التي وضعتها اللجنة المركزية للمرشحين في قائمتها وجدت طريقها إلى قلوب كوادر و جماهير الحركة ، لكنها أثارت حفيظة القدوة و البرغوثي لأنها تمنع ترشح البعض من أقربائهم و أعوانهم من المعاقبين أو القائمين على رأس عملهم ، الامر الذي دفعهم لتشكيل قائمة ضمت فيها أنصارهم ليس بقصد الحصول على أغلبية كما يتوهمون في التشريعي فحسب بل ليكونوا ركيزة أساسية لهم في الإنتخابات الرئاسية لأن كل من القدوة و البرغوثي يعتقد بأنه الأحق بأن يصبح رئيس بالإضافة إلى الدحلان الذي يعتقد أن دولا” إقليمية قادرة أن تعيده إلى الواجهة كرئيس قادم .
* إن تساقط هذه الأوراق مبكرا” عن شجرة الفتح المتجذرة في الوجدان الفلسطيني هو حالة صحية لتستمر بالنمو و العطاء ، و ما أقدم عليه القدوة و البرغوثي هو إعلان لما كان مستتر للعموم سابقا” لكنه معلوم من قبل أعضاء المركزية و المتابعين للشأن الحركي الداخلي عن قرب ، و لكن أعضاء اللجنة المركزية تعاملوا مع الأمر سابقا” بأخلاقياتهم الحركية ليحافظوا على كرامة إخوة لهم و مكانتهم و رمزيتهم سواء بالأسر أو بصلة القرابة مع الشهيد الرمز ياسر عرفات ، وشكل أعضاء المركزية درعا” واقية لزملائهم و رافعة للعمل النضالي بعيدا” عن الاتهام و التشهير لمن يعمل منفردا” بعيدا” عن الإجماع … و جسدوا مقولة أن (فتح لجميع كوادرها إلا من أبى) ، فعندما جاء الاستحقاق العلني و أعلن القدوة تشكيله للتجمع الديمقراطي بعيدا عن حركة فتح و سلمت زوجة البرغوثي(قائمة الحرية) إلى لجنة الإنتخابات بعيدا” عن (قائمة حركة فتح)، و بهذا يكون كل من القدوة و البرغوتي قد أبى أن يستمر في صفوف الحركة و خرج كل منهم عن لوائح الحركة الداخلية و عن قواعد الإلتزام و الإنضباط و أعلن تجنحه إلى أطر خارج الحركة و عندها يكون قرار الفصل هو تحصيل حاصل لرغبة كل من وجد له مكانا” خارج صفوف الحركة و إجماعها
* نقطة القوة الأهم لحركة فتح هو إلتفاف كافة الأطر و الكوادر حول اللجنة المركزية و قراراتها و حول قائمة حركة فتح و على رأسهم الحركة الأسيرة التي أعلنت موقفها بشكل واضح بالتزامها بما يصدر عن قيادة الحركة و تبرؤها من أي إعلان صادر عن البرغوثي و غيره ، هذا الموقف الذي أعلنته جميع أقاليم الحركة في الوطن و الشتات و في داخل القدس المحتلة و من داخل سجون الاحتلال إنما يدل على نضج الوعي لدى الجميع بضرورة الوحدة الداخلية و الإلتزام بقائمة الحركة لتجنب ما حصل في انتخابات ٢٠٠٦ مع ضرورة التذكير أن الحركة الأسيرة في ذلك الوقت هي من أطلقت مبادرة لتوحيد قوائم الحركة لخوض الانتخابات بشكل موحد و كانت الخسارة بسبب عدم التزام البعض بها و الترشح تحت مسمى مستقلين .
* إن حركة فتح الآن أكثر ألقا” و احتراما” أمام كوادرها و جماهيرها و ستكون أفضل بعد هذه الغربلة ، و نتمنى أن يكون هناك مفاصل قادمة كهذا الاستحقاق ليتساقط العديد من الانتهازين و المنتفعين و المتملقين الذين علقوا في جسم الحركة لغايات شخصية و يصعب التخلص منهم ما لم يكونوا على المحك أمام مكاسبهم الشخصية.
*في الختام لا بد من الإشارة إلى أن مصلحة حركة فتح أكبر من مصلحة أي من كوادرها الشخصية لأن فتح تعمل من أجل فلسطين و من أراد العمل لشخصه و مكانته فقط فمكانه الأمثل خارج الفتح و سيكون لاحقا” خارج التاريخ و الأمثلة كثيرة .

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا