الرئيسيةمختاراتمقالات" في الذكرى السنوية الثانية لرحيل والدي"

” في الذكرى السنوية الثانية لرحيل والدي”

بقلم: فراس الطيراوي عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والراي والاعلام/ شيكاغو

في مثل هذا اليوم وقبل عامين رحل والدي طيب الله ثراه وجعل الفردوس مأواه، فما بين الذكرى والتذكر مسافات في الأزمنة تمتد من الأزل إلى الأزل.. وعندما نقف وقفة تأمل في ذكرى رحيلك عن دار الفناء إلى دار البقاء لا يعني هذا أننا نتذكرك.. فكيف نتذكر من لم يغب عن بالنا لحظة واحدة، بل كان حضوره يملأ الوجدان والعقل والقلب بتوجيهاته.. بمآثره.. وبكل خطوة نخطوها في حياتنا هي استكمال لخطاك وترسيخ لمبادئك المشبعة بالإيثار والعطاءات التي تعطي حياتنا معناها التي أرادها لنا الله سبحانه.. وفيها ومنها نستدعي لك الرحمة والدعاء من كل من عرفك بخير ومودة ومحبة وشهامة موقف.

نعلم يا والدي وبعد مرور عامين على انتقالك إلى رحاب الله عز وجل أن الموت حق، ونعلم أن لا راد لإرادة رب العالمين، ولكن فراق الجسد صعب، فارقتنا من هذه الدنيا الزائلة إلى الآخرة الدائمة، وكنا نعتقد انك تركتنا ونحن أحوج ما نكون إليك، ولكن عندما نسترجع أعمالك نعرف انك تركت لنا الكثير الكثير الذي إن تمسكنا به لا نضل بعده أبدا، فلقد كنت سندا، مرشدا، ناصحا وموجها أودعت فينا ما نحتاج اليه في مسيرة هذه الحياة.

إرشاداتك هي «سيوفنا وخيلنا» وديوان محبتنا في كل مقام مقال.

لكن أستميحك عذرا يا والدي بأن أقول في ذكراك إننا ونحن نسير على هديك أن الكلمات لا توفيك حقك، فهي أقل بكثير رغم صعوبة المناسبة مما تستحق مع أنها تخرج من الوجدان مشبعة بالمعاني.. لكن اقل ما فيها أنها ترسم في قسمات التاريخ خريطة طريق لا تذروها رياح من هنا أو عواصف من هناك. وهنا نذكر أنك كنت الملاذ إذا ما ادلهمت الخطوب، وبحث المرء عمن يجد لديه الرأي السديد، والنصح الصادق، فكان دوما موجودا لديك، عندما كنت تشارك الناس همومهم وأفراحهم، فكنت المصلح بين الناس.

تغيب جسدا يا أبي، لكن رحيلك لم يكن نهاية حضورك الحافل بالعطاء، لكل من حولك، تلك البذور التي لم تكف يوما عن غرسها، لتثمر يوما ما عملا صالحا وفضاءات من الحس الإنساني. أكتب لك هذه الكلمات إلى روحك الطاهرة – بإذن الله تعالى – لتهدئ لوعة أفئدتنا بعد أن حال بيننا وبينك عالم البرزخ، ولتكون مسلكا من مسالك التواصل الحميمي بين العطاء والوفاء، ولتكون نوعا من رد الجميل والاعتراف بالفضل بين الأبناء والآباء.

الموت واحد والبقاء لله، أما الحياة فيمكن للإنسان أن يتحكم في نوعيتها التي يحياها، وحياتك يا أبي كانت مرسومة كما أردت لها فلقد عشتها بما آمنت به من خلق وأخلاق، بعيدا عن الرياء والنفاق، فلم تزعج أحدا ولم تعتد على أحد، فابتسمت لك الحياة فلم تستأثر بها بل وزعتها على الآخرين، فطوبى لك على ما عشت من أجله.

غفر الله لك يا والدي وتجاوز عنك، وتغمدك بواسع رحمته، وجزاك الله خير الجزاء، يا من كنت لنا بحق الأب الحنون،والصديق الصدوق، ونحن في ذكراك نعاهدك بأن نسير على خطاك وجمعنا الله واياك في جنات الفردوس.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا