الرئيسيةمتفرقاتثقافةناهض زقوت يقرأ رواية "اليهودي الأعرج" بين الواقع والتخيل السردي

ناهض زقوت يقرأ رواية “اليهودي الأعرج” بين الواقع والتخيل السردي

تحدث الكاتب والباحث ناهض زقوت رئيس مركز المستقبل للدراسات الثقافية في الندوة الثقافية التي نظمها منتدى ينابيع الأدب الثقافي لقراءة رواية “اليهودي الأعرج” للكاتب هاني السالمي وذلك في مقر مكتبة ادوارد سعيد في بيت لاهيا بحضور شخصيات أدبية وثقافية.
قال الكاتب ناهض زقوت أن الكاتب يحاول أن يتقارب مع الواقع في روايته وفق رؤيته التخيلية، وليس انعكاساً فوتوغرافيا لهذا الواقع. وقد كانت الرواية من أقدر الفنون على تقارب الواقع لما تمتلكه من فضاء واسع لصياغة الأحداث وحركة الشخصيات. وأضاف، تأتي رواية “اليهودي الاعرج” متوافقة مع الواقع ومتقاربة من دلالات أحداث وقعت بالفعل في مجري تاريخ قطاع غزة، إلا أن الكاتب هاني السالمي استطاع اعادة صياغة هذه الاحداث وفق رؤيته الأدبية التخيلية، فليس بالضرورة أن تكون أحداث الرواية متطابقة تماما مع أحداث الواقع.
وأشار الكاتب زقوت إلى استخدم الكاتب ضمير الأنا المتكلم في بناء السرد الروائي، فهذا الضمير يبرز شخصية المتحدث العليم بكل شيء. أما بالنسبة للفضاء الزماني يتحدد بزمن الانتفاضة وقدوم السلطة الفلسطينية، ويغوص أحيانا في الماضي حيث القرية الفلسطينية المهجرة، وأما الفضاء المكاني فقد حصره في المخيم دون أن يسميه، فهذا المخيم يمتد على مساحة قطاع غزة.
في تحليله للرواية قال أن شخصية غسان تمثل دور البطولة في السرد، في زمن الانتفاضة والسلطة كان يقوم بإصلاح قطع السلاح ويتاجر بالسلاح والطلقات النارية، كل ما كان يشغله هو البحث عن الربح، ولكنه في لحظة من الزمن يتحول من مصلح للخردة إلى كاتب، وذلك بعد أن ذهب مع صديقه “آسر” إلى بيت قصفه جيش الاحتلال للبحث عن أسلاك نحاسية وفوارغ الطلقات النارية، وهناك يجد قدم خشبية، فيحملها ضمن الأشياء التي جمعها من المكان، ويلقيها في ورشته. وكانت القدم الخشبية تشغله دائما لذلك بدأت تأتيه في الأحلام شخصية، وأثناء محاولته التخلص منها وقعت منه وتناثرت من داخلها أوراق صفراء قديمة وصور، فحملها إلى الورشة ووضعها أمامه يقلب فيها، فوجد عليها كتابات عبرية وأختام بنجمة داوود وكتابات أخرى بلغات مختلفة. أثارت الأوراق خياله، وقرر أن يبحث عن سر هذه الأوراق، وبلغ اهتمام غسان بالأوراق أنه سعى لتحويلها إلى قصة، وطلب من صديقه آسر أن يبحث له عن كاتب يساعده في كتابة القصة، فدله على كاتب يبيع القهوة على الرصيف اسمه نسيم الكرتاوي.
يعود غسان إلى الأوراق ليقلبها ويصف ما بها من صور ورسومات وأختام، ويبني حول القدم الخشبية رواية اليهودي الأعرج. هذا اليهودي الذي عاش في فرنسا مضطهدا زمن الاحتلال النازي، يدفعه سيد المعبد اليهودي إلى الذهاب إلى أرض الميعاد حاملا التوراة الحقيقية التي لا يعرفها إلا الاخصاء من اليهود، وهي غير التوراة المنتشرة التي تعبر عن توافق اليهود مع المكان الذي يقيمون فيه. يخرج عزرا مع صديقه للاحتفال بالتكليف في احدى الحانات وهناك يقع في مشكلة بسبب فتاة أعجبته، فيطلق حراس الحانة النار على قدمه، فيأخذه صديقه إلى المعبد لعلاجه. يكشف رجال المعبد لصديق عزرا الذي حمله أن عزرا أخطأ في الذهاب إلى الحانة، وأن الفتاة التي أعجب بها هي راحيل وتعمل لصالحهم بهدف ابتزاز صاحب الحانة. كان علاج القدم صعبا نتيجة تهشمها من الرصاصة، فقام دكتور المعبد ببتر القدم، وأمر بصناعة قدم خشبية له، وأكد أن حالة العرج ستبقى ملازمة له. خلال فترة العلاج طلب منه أن يقرأ كل الكتب والمخطوطات الموجودة في عيادة الدكتور، وبعد انقضاء الثلاثة شهور فترة العلاج أصبح طبيبا في علم الأعشاب، وتعود أن يمشي بالقدم الخشبية. وأشار عليه رجال المعبد أنهم سوف يرسلونه طبيبا يعالج المرضى بالأعشاب.
رتب له رجال المعبد طريقة السفر إلى مصر، ومن ثم إلى حارة اليهود في غزة، ومنها إلى المعسكر اليهودي في الشمال، وأوصوه أن يعالج الناس مجانا حتى يحصل على المعلومات مجانا. عاش عزرا في الحارة سنوات حتى أصبح الناس يعرفونه ويأتون إليه للعلاج.
يتوقف غسان عن سرد روايته، لكي يبني تفاصيل جديدة. في هذه الفترة يعرض عليه صديقه آسر العمل مع وكالة الغوث عامل نظافة بشكل مؤقت، وخلال عمله يتعرف على شخصيات من العمال يعرف منهم أن ثمة شخصيات يهودية عاشت في قطاع غزة. فيثيره الموضوع ويسعى للتعرف على تلك الشخصيات لعله يجد بينهم اليهودي الأعرج، الذي عاد إلى قطاع غزة مع المهاجرين إثر نكبة عام 1948، وسكن القطاع حسب الأوراق التي بحوزته. ومن خلال عمال النظافة يتعرف على عدد من اليهود الذين عاشوا في القطاع وكانوا جواسيس للاحتلال، ولكنه لم يصل من خلالهم إلى التعرف على شخصية اليهودي الأعرج مما أدخله في متاهة البحث عن هذه الشخصية الغامضة التي لم يتعرف عليها أحد. يبقى في حيرته إلى أن يلتقي “سعد أبو حجر” هاوي الدراجات الذي يتعرف على صورة أحد اليهود بأنه كان صاحب ورشة لإصلاح الدراجات وكان اسمه “أبو طنطا” ويتحدث اللهجة المصرية، ولم يعرف أنه يهودي إلا بعد اختفائه، ويذكر أنه شاهد الأعرج مرة عنده، ولكن لا يعرف عنه شيئا.
وعندما يعجز غسان عن الوصول إلى شخصية الأعرج يذهب إلى نسيم الكرتاوي ليطلعه على ما كتب، وبعد أن قرأ نسيم، يدله على أن شخصية الأعرج تجدها في المكان الذي وجدت فيه القدم الخشبية. فعلا يذهب غسان هناك حيث البيت المدمر إلا أنه يجده متغيرا بفعل عمليات التعرية التي يقوم بها الفتيان، لكنه وجد بعض الأشياء التي تدل على شخصية الرجل الأعرج، وجلس في المكان متأملاً حركة الفتيان في نقل الردم والحديد.
أثناء جلوس غسان في المكان يأتي عامل النظافة “معالي حسن”، ومنه يعرف أنه كان يتردد على صاحب البيت وأنه رجل كريم، ويأخذ منه أكياس الزبالة، وحين وصفه معالي حسن عرف غسان أنه الشخص المقصود، وذكر أنه شاهد كل الشخصيات التي ذكرها عمال النظافة كانت تأتي إلى هذا المكان، مما يدل على أنه المركز الرئيس لعمليات التجسس داخل قطاع غزة. وعندما اكتشف المسلحون حقيقة المكان والشخص الذي بداخله، قام الطيران الاسرائيلي بقصف البيت لكي يخفي آثاره.
ويؤكد السارد أن اليهودي يظل ذكرى إلى أن يأتي أحد وينبش الماضي، وأن كل ما يحدث للفلسطينيين من مأسي سببه هذا اليهودي. فدلالات اليهودي الأعرج، هي دلالات جسدية وفكرية.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا