الرئيسيةأخبارالرئيسية"جلبوع" .. درس آخر في الحرية

“جلبوع” .. درس آخر في الحرية

يطلق على سجن “جلبوع” (الخزنة)، ويقع شمال منطقة بيسان داخل أراضي 1948 قرب سجن شطة، وافتتح عام 2004، ويعد ذو طبيعة أمنية مشددة جدًا، ويقبع فيه أسرى يقضون أحكاماً عالية ومؤبدة، والبعض منهم لديه محاولات فرار سابقة.

لكن ماذا تعني عملية الهروب من سجن إسرائيل الأكثر تحصيناً؟، وماذا يعني تمكن ستة أسرى من الهروب منه؟ يجيب على ذلك المتابع للشأن الإسرائيلي والأسير المحرر عصمت منصور، حيث يقول، إن ذلك يعني التغلب على منظومة أمنية من عدة طبقات (بشرية، والكترونية، وكلاب حراسة) مع إجراءات فحص وتعقب وكاميرات على مدار الساعة.

ويضيف: إضافة إلى ذلك كله القدرة على إبقاء العملية، التي يستغرق التحضير لها أشهر، سرية تحت عين هذه المنظومة المعقدة والمتطورة، كما يعني حفر الأرضية المصنوعة من اسمنت مقوى وشبكات حديد ضخمة وأنظمة ومجسات، بأدوات بدائية ربما (ملعقة او مسمار).

“يحتاج الحفر وكتمان الصوت وإخفاء التربة ومعرفة الاتجاهات والمخارج رغم أنك حبيس الزنزانة إلى عبقرية وإرادة وحس أمني نادر جدا، وكل تفصيل في العملية يحتاج إلى منظومة عمل وتفكير وإخفاء معقدة”، يقول منصور.

وتعيد عملية الهروب من “جلبوع” الذاكرة إلى عدد من عمليات الهروب الناجحة التي حصلت في تاريخ السجون، والتي كان أضخمها في تموز/ يوليو عام 1958 عندما تمكن 66 أسيرا من الهروب من سجن شطة، حيث استشهد خلال هذه العملية 11 أسيراً، وقُتل سجانان، وبعد ذلك تم اعتقالهم جميعا، وفي ذات السجن أحبطت محاولة هروب أسرى من خلال نفق عام 2014.

وفي السادس عشر من شهر تموز/ يوليو عام 1938 هاجم نحو 200 من الثوار الفلسطينيين سجن عتليت جنوب مدينة حيفا الخاضع في ذلك الوقت للاحتلال البريطاني، وتمكنوا بعد معركة استمرت ثلاث ساعات من تحرير جميع الأسرى وقتل 20 بريطانياً وضابطا يهوديا وأسر نائب مدير السجن.

وفي السابع عشر من أيار/ مايو عام 1987، حدث الهروب الكبير من سجن السرايا الذي كان وقتها تحت السيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث تمكن الشهيد مصباح الصوري ورفاقه صالح شتوي وعماد الصفطاوي، وخالد صالح، والشهيدين محمد الجمل، وسامي الشيخ خليل من النجاح في قص قضبان نافذة زنزانتهم بعد سبعة أيام من العمل المرهق، لينفذوا واحدة من أكبر عمليات الهروب الجماعي من سجون الاحتلال موجهين من خلالها ضربة نوعية لمنظومة الأمن الإسرائيلية.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1969 وجه محمود حامد من بلدة سلواد شرق رام الله، ضربة إلى أحد السجانين أسقطته مغشياً في ساحة سجن رام الله، ليبدأ رحلة الهروب والمطاردة التي استمرت لمدة تسعة أشهر لينتهي به المطاف في الأردن.

وفي السابع عشر من نيسان عام 1964، بدأت رحلة قاهر منظومة السجون الإسرائيلية حمزة يونس من بلدة عارة داخل أراضي 48 في مسلسل الهروب من سجونها لثلاث مرات، وفي المرة الأولى تمكن مع رفيقه مكرم يونس وحافظ مصالحة من الهرب من سجن عسقلان نحو قطاع غزة بعد عراكٍ بالأيدي مع حراسه، ومطاردة طويلة شارك بها المئات من جنود الاحتلال.

وعن هذا الهروب يقول يونس: “وانا في سجن عسقلان قررت أن اهرب، وقلت ذلك لبعض المساجين عندما اقتربت ساعة الصفر، خفت وكنت أدخل الحمام باستمرار وارغب ان أتقيأ، ولكن ماذا يقول زملائي الذين عرفوا عزمي على الهروب، وأنا في صراع مع نفسي وكنت أتحدث مع زميلي مكرم يونس عن الهروب، وكيف يمكننا دون معرفة وتدريب التغلب على الحراس الذين يتفوقون في التدريب العسكري والعدد ومعهم سلاح، وأنا أمام هذا المجهول، حتى أقسمت أمام زملائي وقلت: أقسم بالله العظيم لن أنام الليلة بالسجن سأنام في غزة أو المستشفى أو أموت ، وبعد القسم ارتحت ليس أمامي سبيل غير الهروب”.

وفي المرة الثانية كانت من المستشفى الذي كان يعالج فيه بعد إصابته ووقوعه في الأسر خلال حرب حزيران عام 1967، ومنها اتجه إلى العاصمة اللبنانية بيروت عبر الأردن ملتحقاً بقواعد الفدائيين.

أما ثالث عمليات هروبه كانت من سجن الرملة عام 1971 بعد أن اعتقل مع مجموعة فدائية حاولت دخول فلسطين عبر البحر.

ويقول حمزة يونس عن تجربة الهروب الثالثة: “اختلفت مع مدير السجن في غرفة الطعام وأمام جميع المساجين قال لي “اعلم يا حمزة لن تخرج من السجن دون موافقتي”، وعندما قال ذلك ارتحت وكنت على يقين من نجاح الهروب، ولكني في أول يوم من دخولي السجن قلت للأسرى وللسجانين سأهرب خلال سنتين”.

وفي فجر الثاني عشر من أيار/ مايو 2003 تمكن أمجد الديك، ورياض خليفة، وخالد شنايطة، من الهروب من سجن عوفر بعد نجاحهم في حفر نفق طوله 15 مترا خلال 17 يوما، ولجأوا إلى معالق الطعام لحفر النفق، وساعدهم على ذلك طبيعة الأرض غير الصخرية، وبعد خمس ساعات على هروبهم اكتشف السجانون ذلك خلال العد الصباحي.

وتمكن ثلاثتهم من التخفي لمدة سبعة أشهر، لكن ليلة الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر من ذات العام انتهت فيها حريتهم المؤقتة بعد العثور عليهم قرب قرية كفر نعمة غرب رام الله، وفي اشتباك مسلح استشهد رياض خليفة، واعتقل أمجد الديك الذي أفرج عنه عام 2018، وخالد شنايطة وأفرج عنه بعد سنوات، لكنه ارتقى شهيداً في اشتباك عام 2006 شمال بيت لحم.

وفا- إيهاب الريماوي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا