اغتيال الكاظمي

بقلم: هادي جلو مرعي

رئيس حكومة تصريف أعمال، ليس طرفا في معادلة الانتخابات، لم يرشح فيها، ليست لديه كتلة سياسية مدعومة منه بشكل واضح، ولا يؤثر في التحالفات السياسية المزمعة لتشكيل حكومة مقبلة بالرغم من محاولاته الابتعاد عن الإطار التقليدي لنظام الحكم السائد منذ العام 2003 وإلى يومنا هذا بجملة إجراءات منها الانفتاح أكثر على الدول التي لا تحتفظ بقناعات إيجابية عن النظام السياسي الذي تشكل بعد الإطاحة بالنظام السابق، وترى أنه يهدد أمنها القومي ودورها، ويتيح الفرصة لدول أخرى لتتحكم بالشأن الداخلي للعراق، وهو الأمر محل التنازع طوال عقد ونصف العقد من الزمن دفع العراق الثمن باهظا بسببه لجهة عدم الاستقرار، وتحقيق السيادة الكاملة دون تجاهل الأثر السلبي للاحتلال الأميركي الذي لم يساعد في صناعة نظام سياسي متوازن، وأضعف الهوية الوطنية لصالح الهويات الفرعية.
لا يبدو الكاظمي متماهيا مع قوى سياسية تقليدية شيعية، وبالرغم من زيارته لطهران وتبادله الابتسامات مع مضيفيه، وعدم تدخله لتقليل حجم التبادل التجاري الذي تميل الكفة فيه لطهران، إلا إنه ليس الرجل المفضل بالنسبة للإيرانيين الذين يرغبون برئيس وزراء لايشكل هاجسا مقلقا لأمنهم القومي خاصة وأنهم يربطون أحداث العراق بالأمن القومي لبلادهم خشية من تحولات في نظام الحكم تهدد العلاقة التقليدية التي نشأت عام 2003 ولا تزال مستمرة، إضافة إلى إن كلمات الغزل التي يبعثها الكاظمي لدول في المنطقة كالسعودية والإمارات اللتين تعملان على تقويض نفوذ طهران في المنطقة لا تريح طهران، يضاف إلى ذلك أن الكاظمي يميل إلى المحور الأميركي، وهذا ما يضاعف قلق طهران وحلفائها في المنطقة، وفي دول عدة في الشرق الأوسط.
لا تتردد قوى شيعية نافذة في توجيه الاتهام المباشر للكاظمي بضلوعه في إجراءات تضعف خصومه السياسيين، وتؤسس لأسلوب عمل مختلف عن المعتاد، كما أنها غير راضية عن تواصله مع دول ترى في الحشد الشعبي عدوا لها، وتعمل على تقويضه، وهي رؤية تتشارك فيها مع واشنطن التي استهدفت بمقاتلاتها مجموعات قتالية، ومواقع عسكرية في العراق وسوريا المجاورة، وبعد الاعتراض على نتائج الانتخابات، وخروج تظاهرات تطالب بإعادة عمليات عد الأصوات، وسقوط ضحايا، واتهامات لقوات الأمن بالضلوع في استهداف المتظاهرين، فإن الحديث عن الجهة التي استهدفت بالمسيرات منزل الكاظمي ليس محل تأكيد، ما لم يجر البحث في ذلك مليا، حيث كسبت قوى الاعتراض نقاطا عدة لا ترغب في التفريط فيها، كما أنها سارعت للتنديد بعملية الاستهداف تلك، وقد تحاول الإشارة إلى طرف مستفيد يعمل على خلط الأوراق للحصول على مكاسب في سباق المسافات الطويلة نحو حكم العراق، وبالتالي فالتسرع في الحكم وتحميل جهة بعينها مسؤولية الحادث لا يكون مفيدا بانتظار نتائج التحقيق.
————
كاتب عراقي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا