الرئيسيةمختاراتمقالاتالحرب على المورث والموروث

الحرب على المورث والموروث

بقلم: ربحي دولــة

طالعتنا الأخبار وشاهدنا صورة مُتسابقات ملكة جمال الكون والتي أقامتها دولة الاحتلال يلبسن الثوب الفلسطيني المُطرز، وذهبن الى أكثر من ذلك عندما شوهدن يقمن بلف ورق الدوالي .

أرى أن هذه الأفكار والتصرفات لم تأتي من فراغ، وإنما مخطط لها من قبل مُنظمي هذه المُسابقة اللجنة الاحتلاليه المُنبثقة عن حكومة الاستيطان، حيث الجميع يعلم الثوب الفلسطيني والمطرزات هي لأهل هذه المنطقة وهم أبناء كنعان الفلسطينيون، وليس مجموعة المُرتزقة من مكونات مجتمع دولة الاحتلال الذين يحاولون أن يُقنعوا العالم أنهم أصحاب هذه الأرض وهذا لبسهم وهذا طعامهم.

رسالة المُحتل خطيرة جداً ، خاصة أن العالم لا يزال يستمع الى الرواية الصهيونية، ومن مفارقات هذه المسابقة ” أن مُتسابقات من عدة دول ومنها اليونان قاطعت هذه المسابقة كونها تجري في دولة الاحتلال انتصاراً لشعبنا وحقوقه، ومتسابقة البحرين أصرت على المُشاركة وتحت مظلة دولة الاحتلال وكذلك مٌتسابقة عراقية متنكرين لحقوق أبناء جلدتهن .

إن مُحاولة سرقة تُراثنا هو جزء من مخطط كبير لمحو تاريخ هذا الشعب وبالتالي محو أي حق له في هذه الأرض التي استولى عليها هذا المُحتل بقوة السلاح وبالقتل والتدمير.

لكن أرى أن الاخطر من ذلك هو سرقة عقولنا وعقول أمتنا من خلال سرقة ثقافتنا وغزونا فكرياً وإفراغنا من مُحتوانا وقتل قيمنا وضربنا في العمق لإضعاف شعبنا فكرياً وجعله يستسلم للظروف ويسلم بالأمر الواقع ويرضى بالاحتلال من خلال انتشار المُخدرات والمُسكرات ودب الخلافات بيننا سياسياً واجتماعياً، فيما سيطر الانقسام علينا وتناحرنا وقتل بعضنا البعض وأرحنا الاحتلال منا، ونسيان الذي أوصلنا لهذه اللحظة.

انتصرنا للثوب والمطرزات وانتصرنا للمفتول و”أكلاتنا” من خلال تنظيم فعاليات تُظهرُ الثوب الفلسطيني وتُطهرُ “أكلاتنا”، وهذا جيد لكننا لم ننتصر للانسان ولم ننتصر للقيم والأخلاق التي هبطت بفعل هذا المُحتل، واعتقد أن ذلك أهم بكثير من الثوب والأكلات – على اهميتها – ، لأن الحفاظ على الإنسان وقيمه وأخلاقه أهم بكثير، كون من صنع التاريخ والموروث هو الانسان وليس العكس، لذا علينا جميعاً أن نُعيد حسابتنا ولنعود الى أخلاقنا الحميدة وقيمنا العالية نبني الأنسان القوي القادر على صد كل الهجمات والمُحاولات التي تهدف الى تزوير التاريخ وسرقة التراث، لنحمي تُراثنا ونحافظ على هويتنا، لأن ما يجري حالياً يُشكل حالة ضياع وتيه، واذا ما انتبهنا في هذه الأيـام سنصل الى مرحلة يكون العودة فيها صعب كثير ، وهنا علينا أن نُعيد بوصلتنا الى مكانها الصحيح من خلال تحمل كل واحد منا مسؤولياته اتجاه بيته ومجتمعه الصغير، وعلى كل مكونات الوطن السياسية والاجتماعية أخذ دورها الريادي في التعبئة السليمة لكافة الأجيال، نحتاج الى تعبئة وطنية نقية تقوم بها التنظيمات السياسية – التي فقدت جزءاً كبيراً من دورها في عمليات التعبئة الوطنية والفكرية الموجهة لعقول منتسبيها وتبدل دورها الى الشحن على الآخر وبالتالي ترانا كثيراً نُهاجم بعضنا وننسى المُحتل، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني والمراكز الشبابية والمدارس والمعاهد والجامعات يجب عليها العودة فوراً الى مُمارسة دورها الحقيقي في تربية الأجيال التربية السليمة، وكذلك يجب أن نوحد خطابنا في المساجد والمنابر ليُصبح خطابنا خطاب ديني تربوي يدعو لوحدة الصف ويُبين أهمية التوحد من الناحية الشرعية، وكيف نتصدى للغزو الفكري الذي يُمارسه الاحتلال علينا ، وكيف نُحصن شبابنا من كل الأفكار الدخيلة على مُجتمعنا ونصل الى مانصبو اليه، وهو مُجتمع قوي متين محافظ على وطنه وهويته وموروثه الثقافي طارداً الدُخلاء الذين يُحاولون إضعاف شعبنا وضربه في عمقه ومحتواه الوطني والفكري.

• كاتب وسـياسي

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا