الرئيسيةأخبارعربية ودوليةاثنان لا يخافان من الحرب "الموعودة"

اثنان لا يخافان من الحرب “الموعودة”

إذا صحت مقولة الفيلسوف الصيني سون تزو” تواتر الوفود تنذر باقتراب الحرب” فإن الجولات المكوكية لقادة الغرب بين موسكو وكييف، تنبأ بتصعيد قد يصل حدّ المواجهة، وفقا لأهداف بوتين.

والى الآن يبدو أن الكرملين حقق هدفين رئيسين خارج ساحة الحشود العسكرية إرغام التحالف الانغلوسكسوني على التباحث مع موسكو، عبر زيارات لم تنقطع خلال الأيام القليلة الماضية. والهدف الثاني الاستماع بانتباه الى المطالب الروسية، والتعامل معها بجدية، وإن كانت مرفوضة، كما يؤكد ممثلو البيت الأبيض.

في سياق متصل، أجبرت الحشود الروسية على الحدود مع أوكرانيا، حلف شمال الأطلسي، على إدراك مدى خطورة الوضع في حال واصل التحالف الانغلوسكسوني تجاهل المخاوف الروسية من تمدد حلف الناتو نحو الشرق.

يدرك صانع القرار في الكرملين أن شروط الانضمام الى حلف شمال الأطلسي لا تنطبق على أوكرانيا وجورجيا؛ لأن الدولتين متورطتان في نزاعات على الأرض، وتعانيان من تفشي الفساد، ولا تجريان الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المطلوبة للانخراط في المنظومات الأطلسية، السياسية والعسكرية والاقتصادية؛ إلا أن مشروع تحويل أوكرانيا إلى قاعدة غير معلنة لحلف شمال الأطلسي والتحالف الانغلوسكسوني لم تتوقف. واكتسبت في الأسابيع الأخيرة زخما قويا بإرسال أطنان الأسلحة والعتاد التي لم تحلم كييف بالحصول عليها فيما مضى، الأمر الذي يفسر الى حد بعيد الهستيريا الإعلامية المرافقة للتحركات الدبلوماسية والتي لم يتردد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الاعتراف بأن الهدف الأساسي منها ” مشاغلة روسيا”.

ويأتي الاتصال الهاتفي الثالث منذ بدء الأزمة بين بايدن وبوتين، السبت، قبل يومين من موعده المقرر سلفا، في إطار التصعيد الرامي الى خلق أجواء ترقب بوقوع الحرب بين لحظة وأخرى، بل إن تسريبات البيت الابيض تحدد يوم 16 الجاري موعدا لما يصفونه بالعدوان الروسي على أوكرانيا، دون الالتفات إلى النفي الروسي المتكرر بأن موسكو لا تخطط لعمل عسكري ضد جارتها السوفيتية السابقة، مع تمسكها بشروط التسوية التي تضمن تخلي حلف الناتو عن التوسع شرقا وحل مشكلة إقليم دونباس بأغلبيته الروسية وفق وثائق مينسك التي تضمن حكما ذاتيا، بصلاحيات واسعة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانتسك المستقلتين من جانب واحد، الأمر الذي تعتبره سلطات كييف خطا أحمر رغم أن الرئاسة الأوكرانية السابقة وضعت تواقيعها على معاهدة مينسك.

خلافا لأجواء الحرب المشتعلة في الوكالات وداخل البيت الأبيض و10 داون ستريت والاليزيه وكل البيوتات الحكومية في التحالف الغربي، يبدو الشارعان الروسي والأوكراني هادئين تماما، ولا توجد أية مظاهر قلق أو خوف من حرب وشيكة، يلّوح بها خبراء “سي اي ايه”، و ” M6″، وتسحب إسرائيل موظفي سفارتها من كييف مع موظفي عشرات السفارات الأخرى الصاغية لطبول الحرب المتناهية من وراء الأطلسي، فيما يقرع عازفو الغيتار في شارع أربات الروسي الشهير للمشاة وسط العاصمة موسكو، ألحانا راقصة، ويدعون السياح والمتسوقين إلى التبضع من محلات السوفنير والأنتيكات.
ولعل الصورة ذاتها في ساحات وشوارع كييف القديمة.
بل إن رئيس أوكرانيا، الممثل الشهير في أحد أقدم خشبات الكوميديا بكييف فلاديمير زيلينيسكي، لا يكف صباح مساء عن التصريح، بأنه لا يرى حربا قادمة، بل غضب من حليفه بايدن ولامه بشدة على التبشير بالحرب والتشويش على السلم الاجتماعي في بلده الذي يعاني من أزمات اقتصادية.

لا أحد يريد الحرب، ولايصدق الشارع الروسي، أن قيادة بلدهم المحمل بآلاف الرؤوس النووية؛ ستتخذ قرار الحرب هكذا ببساطة، فيما تشهد الأسواق، بما فيها أسواق العملة استقرارا نسبيا، ولم تتاثر بهستيريا الحرب، علما بأن الشائعات الأقل أهمية من شائعة الحرب في أوقات سابقة، دفعت المواطنين إلى سحب الودائع، وأدت الى تذبذب في الصرف، والى انهيار العملة مراتٍ ومرات.

ويبقى السؤال ما الهدف من هستيريا الحرب؟

يبحث التحالف الانغلوسكسوني، عن ذرائع جديدة، لإحكام الطوق والحصار على روسيا، وفرض مزيد من العقوبات على مصالحها التجارية والاقتصادية في العالم.

ويتجاهل التحالف الانغلوسكسوني برأسيه في لندن وواشنطن، مصالح الحلفاء الأوربيين، المتضرر الأكبر من المواجهة المتصاعدة في شتاء بارد، يصعب على أوروبا العجوز معاشرة الدفء، بدون غاز الدب الروسي، الذي تسعى الإدارتان الأمريكية والبريطانية إلى استفزازه، دون أن تحسب للحلفاء مصالحم في الأمن الاقتصادي، ولا تأخذ بنظر الاعتبار، مخاوف شعوب العالم مِن اندلاع حرب نووية؛ قد ينجو القادة من دمارها مختبئين بملاجئ محصنة، لكنها لن تبق ولن تذر.

ترى هل يروق لأصحاب الرؤوس الحامية، أن يحكموا دول الخراب، ينعق فيها غراب البين؛ إثر تساقط الرؤوس النووية على البشر، وتحديدا على المليار الذهبي المتنعم بالعيش بين، الشاطي اللازوردي، وناطحات السحاب؟

بعد صدمات كوفيد وعشيرته، تريد القبائل المالية المتحكمة باقتصاديات العالم، المزيد من اللعب بالأعصاب، والإبقاء على التوتر الدائم والقلق والخوف من المجهول.
سلام مسافر

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا