صحف عربية: مسلمو فرنسا أمام الصعب والأصعب

يتطلع المسلمون في فرنسا إلى تحقيق آمالهم بشأن قضاياهم ومنع الكراهية وظاهرة الاسلاموفبيا، وذلك مع انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون وترشحه مجدداً أمام منافسته ماري لوبان.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، يمكن أن تنجح الجالية المسلمة في دور الحكم الذي يؤمّن صعود الرئيس الفرنسي الجديد. لكن المشكلة أن المرشحين الاثنين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون وماري لوبن ينظران إلى هذه الجالية من زاوية مختلفة عن بقية الفرنسيين.

محنة حقيقية
وقال الكاتب السيد زهرة في صحيفة أخبار الخليج إن‭ ‬قضايا‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين احتلت‭ ‬مكانة‭ ‬كبيرة في‭ ‬حملة‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الفرنسية‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬يتنافس‭ ‬فيها‭ ‬ماكرون‭ ‬ولوبان، مؤكداً أن ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬وقضايا‭ ‬مثل‭ ‬الحجاب‭ ‬والأئمة‭ ‬والمساجد‭ ‬وأوضاع‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬عموما‭ ‬والموقف‭ ‬منها‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬أولوية‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭.‬
وتابع الكاتب زهرة أنه إذا‭ ‬كان‭ ‬الكثيرون‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬لوبان‭ ‬الأكثر‭ ‬تطرفاً‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬العدائية‭ ‬من‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬بحكم‭ ‬انتمائها‭ ‬إلى‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف،‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬ماكرون ليس أقل‭ ‬تطرفاً‭‭.‬

ثقل ألماني فرنسي
فيما تحدث الكاتب عبد الله الجنيد في صحيفة الاتحاد عن وعود ماكرون في انتخابات 2017 ليست من أوصلته إلى سدة الرئاسة، بل قلق الناخب الفرنسي من انزلاق فرنسا سياسياً باتجاه اليمين القومي نتيجة فشل الأحزاب التقليدية في الاستقطاب والاستحواذ على ثقة الناخب الفرنسي، والفضائح التي صاحبت عُهدة الرئيس نيكولاس ساركوزي عززت تلك القناعة.
وقال الجنيد إن الخارطة الانتخابية في الجولة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية، المقررة في 24 من أبريل(نيسان) الجاري ستبقى ضمن إطار (ثقل كتلة ميلينشون الانتخابية/ الهجرة/ فرنسا والأزمة الأوكرانية فرنسياً وأوروبياً/ الدولة والهويات الدينية/ الإسلامفوبيا بحسب التعريف الفرنسي سوسيولوجياً في هذه المرحلة).
وتوقع الجنيد أن اليسار قد يسجل حضوره المباشر في هذه الانتخابات حتى وإنْ خرج مرشحه جان لوك ميلينشون، فإن التوجه داخل حلقة صنع القرار هو البقاء على الحياد بين ماكرون ولوبان أملاً في الفوز بمنصب رئاسة الحكومة المقبلة في التوازن بين المعسكرين (وذلك بحسب مصدر خاص داخل دائرة صنع القرار في معسكر ميلينشون). سياسياً،
وأكد الكاتب أن الأزمة الأوكرانية القائمة ستبقى الملف المعياري لأي حكومة أوروبية قائمة أو قادمة، وكون فرنسا القوة النووية الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي، فإن الثقل الألماني الفرنسي أوروبياً سيصبح أكثر تنامياً وحضوراً في المشهد الأوروبي سياسياً.
كما أشار الجنيد إلى أن أحد أكبر الملفات الأوروبية المشتركة هو تعرفيها “للاسلامفوبيا” من المنظور السوسيولوجي أوروبياً، إلا أن فرنسا ماكرون كانت الأكثر جسارة في الفصل بين مستلزمات الهوية الوطنية والأخرى الروحية سياسياً، وكذلك محاكاة ألمانيا لذلك، ولكن بأدوات سياسية بدت أقل تصادمية. فوز ماكرون سيؤكد أن مدنية أوروبا قد تشيخ، إلا أنها لا تضمر قيمياً وسياسياً، وإن أوروبا باتت أقرب للتصالح مع تاريخها الخاص.

سقوط فرنسا
وفي صحيفة “الشرق الأوسط” قال الكاتب اياد أبو شقرا إن معظم استطلاعات الرأي تعطي ماكرون غالبية أدنى من الغالبية التي كان قد حصل عليها في الانتخابات الرئاسية السابقة ضد المرشحة اليمينية ذاتها، لكن العامل الحاسم هذه المرة قد يتجسد بنسبة الإقبال على الاقتراع أو الإحجام عنه.
وأوضح أن نتيجة الدورة الأولى من الانتخابات كشفت 3 حقائق مهمة الحقيقة الأولى هي استمرار تراجع التأييد الشعبي لكل من اليمين المعتدل (الديغولي/ الجيسكاردي/ الشيراكي) واليسار المعتدل ممثلاً بمدرسة فرنسوا ميتران الاشتراكية.
وأشار إلى أن لحقيقة الثانية هي تزايد نفوذ اليمين المتطرف، على مستوى البلاد، في ظل تعايش قطاع واسع من الفرنسيين مع العنصرية المكشوفة، بل واستيلاد التطرف اليميني العنصري شراذم وشعارات شعبوية ممعنة أكثر في طرحها الإقصائي والإلغائي والانعزالي.
وأوضح أن الحقيقة الثالثة أن القوة الأكبر في يسار الساحة السياسية الفرنسية باتت للراديكاليين الشعبويين… الذين يُشك – من واقع التجربة الملموسة في بريطانيا والولايات المتحدة، وحتى في ألمانيا – في قدرتهم على التعايش حتى مع معتدلي اليسار، وبالتالي جاهزيتهم للمشاركة في جبهات عريضة تتصدى لليمين.
أما الحقيقة الأخيرة هي أن الرئيس ماكرون يبقى ملاذاً وحصناً أخيراً ضد سقوط فرنسا في هاويتي العنصرية والتطرف، رغم أنه أثبت طوال خمس سنوات من توليه الحكم – بعكس شعارات مشروعه التقدمي – أنه لا يحمل عملياً أي قناعات فكرية، أو التزامات أخلاقية في السياسة الدولية. وكذلك لا يمتلك أي استراتيجية أو رؤية خارج نطاق مصالحه (أولاً) وما يظن أنها مصالح فرنسا (ثانياً). ومن ثم، فهو يمثل بأوضح صورة الاضمحلال التدريجي لمقومات القادة التاريخيين الذي نراه راهناً في عدد من القوى العالمية الكبرى.
وقال “قد يفوز إيمانويل ماكرون في الامتحان الانتخابي الفرنسي اليوم، إلا أن سجلّ “منجزاته” طوال سنواته الرئاسية الخمس الأخيرة لا يشجع المراقب إطلاقاً على تحقيقه نتائج باهرة في بيئة أوروبية مأزومة ومشهد عالمي مضطرب.

مشاركة المسلمين في الانتخابات
ومن جانبها تحدثت صحيفة “العرب” عن ضرورة تقديم وعود واضحة لتحسين أوضاع المناطق التي توجد فيها الجالية المسلمة بكثافة، أو تغيير القوانين لتسهيل اندماج شباب الجالية في الوظائف الحكومية المختلفة، فإن حملة ماكرون ولوبان حصرت الجالية في موضوع الحجاب والمساجد وأنشطة بعض المتطرفين، وكأنها طرف طارئ وليست جزءاً من الدولة الفرنسية.
ويقول متابعون لمسار الحملة الانتخابية لماكرون ولوبان إن الجالية في أغلبها تنظر إلى نفسها من زاوية اللباس والهوية الدينية وأن أغلب الناخبين يجدون أنفسهم أقرب إلى ماكرون منه إلى لوبن لهذا السبب رغم أن الرئيس المنتهية ولايته لم ينفذ من وعوده السابقة بشأن تحسن أوضاع الجالية أيّ شيء.
ويشير المتابعون إلى أن ماكرون يحاول أن يظهر التفهم للمسلمين كقوة اجتماعية وانتخابية دون أن يمنعه من خوض معركة قانونية قوية مع ما سماه بالانفصالية الإسلامية، التي لا تريد الاندماج في منظومة قيم العلمانية بالبلاد، متسائلين إن كان الرئيس المنتهية ولايته سيكون قادراً لو أعيد انتخابه على الاستمرار بالفصل بين الجالية والمتطرفين أم أنه لن ينجح في هذا الفصل، خاصة أنه لا يحتاج إلى ولاية أخرى ولا ضغوط عليه تجعله حريصاً على إيلاء الأهمية اللازمة لهذا الفصل.
وقال مدير معهد الاستشراق الأوروبي إيمانويل ديبوي مع طوسة “لم يحدث أبداً في فرنسا أن كان هناك تصويت أقليات أو تصويت مسلمين”.
ويضيف ديبوي “هذا مجرد سراب، كل المرشحين ظنوا أنهم قادرون على استقطاب أصوات الأقليات الدينية، لكن تشهد كل الدراسات أن هذا أمر يصعب تحقيقه”.
ويردف “كالعادة هناك من يصوت لليمين وآخرون لليسار ولظروف معينة صوت 94% من مسلمي فرنسا لصالح الرئيس السابق نيكولا ساركوزي عام 2008 وذلك لأن أحزاب اليسار لم تهتم بسياسة الهجرة آنذاك”.
ولم ينف ديبوي “وجود بعض المبادرات لاستقطاب الأصوات المسلمة، مثل ما حصل مع عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ الذي نظم إفطارا قبل أيام قليلة لصالح ماكرون تحت عنوان “إفطار لدعم إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون”.
وبحكم غياب أيّ إحصاء عرقي في فرنسا يقول ديبوي إنه “يصعب التأكد من عزوف المسلمين عن التصويت”.

موقع 24 الاماراتي

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا