الرئيسيةمختاراتمقالاتمحور المقاومة أم محور القدس؟

محور المقاومة أم محور القدس؟

تغييرات في المصطلح أم في توجهات تحكم سياسة المحاور

بقلم: صالح عوض

فجأة وعن غير سابق انذار طلعت علينا وسائل اعلام محور المقاومة بتسمية جديدة للمحور واستحسن ان يكون “محور القدس” لندخل من جديد في فوضى البحث عن المعاني والدلالات..

أجل أصبحنا نعيش معركة مفاهيم ومصطلحات وديماغوجية خطابات وفوضى أفكار أمام عدو يعرف بدقة ماذا يريد بل ينفذ بمنهجية ما يريد وصولا الى توسع الاستيطان وتهويد الأراضي واستباحة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والحرم الإبراهيمي.. ويبدو اننا في ساحتنا الفلسطينية نعود من جديد لمعارك المصطلحات التي انتهت مع تقدم الثورة الفلسطينية بعد نكبة حزيران 1967 لتسلم قيادة الشعب والثورة الفلسطينية حيث أصبحت المقاومة الفلسطينية المناخ الصحي لتولد الأفكار الحية كما أراد ان يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله. ومع تراجع المستوى السياسي الفلسطيني وارتباكه وضعفه ومع استفحال حالة الانهيار لدى النظام العربي عدنا الى مربع الفوضى من جديد، وعدنا الى الحديث عن المصطلحات وتناقضاتها وبدت المعركة من جديد في خارج السياق الطبيعي للصراع الحضاري مع القوى الاستعمارية المعتدية. عدم المسئولية وفوضى المصطلحات: عندما تغيب المسؤولية تجاه الموقف المحدد يتم التعويض عن القدرة بالكلمات الرنانة واللغة الصاخبة وهكذا تصبح النكبة قبيحة لا إمكانية لتدبرها والتخلص منها وتظل عملية التمويه مستمرة لأنها تدعي النصر في وقت الهزيمة وتغطي الحقائق بالكلام الاجوف. وقبل ان نتحدث عن المسلكية من المفيد بهدوء ان نتعرف على مصطلح محور المقاومة.. في هذا المحور عدة اطراف لكل منها معركة خاصة ينشغل فيها على صعيده الداخلي ايران: وهي تعتبر القاعدة الأساسية للمحور منذ انطلاقتها في 1979 شهدت الثورة الإيرانية تحولات أيديولوجية عميقة وتم استبدال مقولات جوهرية للخميني بل جوهر اطروحته السياسية.. فلئن كان الخميني يرفض الاعتراف بتقسيم الامة الى شيعة وسنة ويعتبر ذلك من فعل الشيطان والنفاق ولذا كان خطابه دوما موجها الى المسلمين ان يتوحدوا وان فرقتهم هي سبب هزائمهم وضعفهم وعمل الخميني بكل ما يستطيع الى ترجمة أفكاره الثورية لتكريس الرفض للطائفية والعرقيات مؤكدا على وحدة الامة مما دعاه الى تأييد العثمانيين السنة ضد الصفويين الشيعة ليس هذا فقط بل من المعلوم رفضه استقبال الرئيس السوري بعد مجزرة حماة.. وكان موقفه تجاه فلسطين بعيدا عن الحسابات ومحاولات تفسيخ الصف الفلسطيني.. من جاء بعده تم على يديه تحوير المشروع من إسلامي الى طائفي على الأقل في مرحلة ابتدائية كما صرح بذلك قائد قوات الحرس في كتابه الوحدة الإسلامية عندما اعلن صراحة ان المهمة الأولى على طريق الوحدة توحيد شيعة العالم وان تكون طهران هي عاصمة وحدتهم ومن ثم يمكن التحرك لوحدة الامة الإسلامية. هذا الانقلاب الأيديولوجي افقد ايران عنصر الإصلاح داخل الامة ودفعها الى دوائر الاشتباك والتناحر والاصطفاف طائفيا في لبنان والعراق وأفغانستان واليمن وهنا بدأت الحرائق في الوطن العربي ولن تجد من يطفئها وهي قد فرخت أوضاعا مأساوية في البلاد العربية ورغم ان شيعة العراق بدأوا يضعون اليات التخلص من الهيمنة الإيرانية وهيمنة منطق الطائفة الا ان هناك تقولبات طائفية قاتلة كما هو في اليمن ولبنان.. سورية: نظام سياسي في معركة دامية داخليه منذ اكثر من 10 سنوات تشابكت فيها المصالح بتداخل قوى إقليمية ودولية معقدة كانت نتيجتها 10 مليون سوري مشرد وقتيل.. وهو دون ان يستطيع لو أراد ان يكون مقاوما ضد المشروع الصهيوني موضوعيا وذاتيا.. ولا يمكن ان تغيب عنا سيرة النظام السوري منذ 1970 حيث تورط النظام السوري في مجازر ضد الفلسطينيين في لبنان كما تورط في اخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان واشترك مع حركة امل في محاصرة مخيمات الفلسطينيين بلبنان كما انه انتقل الى موقع المشاركة مع الامريكان عسكريا في الحرب على العراق.. وعلى الصعيد السياسي تجاه القضية الفلسطينية فلقد انخرط في عملية مفاوضات مباشرة مع العدو الصهيوني على أرضية الاعتراف بالكيان الصهيوني على حدود 1967 وتوصل الفريقان المتفاوضان الى اتفاق على كل شيء ولم يتبق الا روتوش افسدت الحكومة الإسرائيلية امره لانها ليست جاهزة للتصالح مع النظام السوري وانه ليس من داع لاعطائه هضبة الجولان بعد ان تم عزله عربيا.. ومن هنا كان حرص النظام ان يعلي من شأن علاقاته مع فصائل فلسطينية مقاومة كما مع حزب الله اللبناني لاستخدام ذلك أوراق ضغط في المفاوضات المعلنة والسرية. في العراق: الحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية تولدت بفتوى من السيستاني الذي لم يفكر بمثلها ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق.. وفي ظل حرب طائفية صنعتها أمريكا داعش كما قالت هيلاري كلنتون والقوى الطائفية الشيعية التي تسلمت الحكم مع بريمر.. تحرك الحشد في مقابل داعش تماما بما لا يخفى على أحد في مهمة محددة في إبادة المدن السنية الموصل والانبار لتعميق الشرخ الاجتماعي لبلد عاش قرونا لا يرى في التنوع المذهبي الا ثراء للبلد.. ولا يمكن ان ننسى كيف كانت طائرات التحالف الأمريكي تغطي عمليات الحشد ضد الموصل. الحوثيون: لايمكن توصيفها ضمن علوم السياسة الا انها حالة انقلابية مهما احتمت بشعارات ثورية فهي لم تقبل دولة الجميع اليمني المتنوع انما سارت الى تدمير الشرعية المتهالكة والانقلاب عليها وإعلان حكومة ثورية وتورطت في قتل سياسيين وقادة يمنيين والتمدد في الولايات الأخرى الرافضة لشرعية وجودها.. واستدعى ذلك لتحريك كل القوى الإقليمية والمحلية المتضررة من الانقلاب الحوثي.. فالاحزاب الإسلامية كالاصلاح وسواها لا تقبل بتمدد الحوثي كما القوى والأحزاب اليمنية القومية والوطنية وشكلت رادعا قويا ضد التمدد الحوثي المزود بسلاح متطور من ايران وكذلك من مخازن الجيش اليمني قبل ان يتمرد عليهم علي عبدالله صالح الذي اسرعت رصاصات الحوثي لقتله.. فالحوثي دخل معركته المحلية بضراوة وتسبب بروزه في تفسيخ اليمن وإعطاء الفرصة لخصوم ايران التقليديين لاسيما المملكة السعودية ان تضع كل ثقلها لاسقاط الحوثي وهنا توسعت معركة الحوثي وحوصر في مناطق ومن غير الواضح ان كان يستطيع احراز تقدمات استراتيجية على الأرض فيما تواصل المملكة السعودية تصميمها على قطع ايادي ايران من اليمن. الفاطميون: مجموعات شيعية أفغانية فرت من طالبان اثناء حكم طالبان واستوعبتها المخابرات الإيرانية وتم تدريبهم وتكوين مجموعات مسلحة تحت اسم الفاطميون.. وهؤلاء انتهت وظيفتهم عندما سقط حكم طالبان وجاء الامريكان في ترحيب من قبلهم بل وتنسيق إيراني امريكي بخصوص الشأن الافغاني كما قال المرحوم هاشمي رفسنجاني… وفي ظل الوجود الأمريكي لأفغانستان لم نسمع ان هناك طلقة اندفعت الى صدر الجيش الأمريكي من قوات الفاطميين.. وفي هذه المرحلة تم تحريكهم لسورية لتادية واجب النصرة للنظام السوري. حماس والجهاد: وهنا مربط الفرس فهذان الفصيلان عربيان سنيان وهما من يمنح المحور بعضا من الوهج لاشتباكهما دون سواهما الان في الصراع مع الكيان الصهيوني.. حيث ان كل اطراف المحور قد اكدت موقفها انها ليست في وارد الرد انما هي تنتظر الزمان والمكان المناسبين.. اذن كيف نفهم هذا التمحور من قبل حماس والجهاد؟ صحيح لا يمكن اعتبار موقف كل منهما كالاخر حيث تتمتع حماس بهامش من الحرية والابتعاد عن محور المقاومة كما حصل في موقفها من الحرب السورية الداخلية.. وكذلك الصراع الدامي داخل اليمن، بمعنى اكثر دقة حماس تتعامل مع المحور ببراغماتية محضة وهي جاهزة للتحلل منه لو توفرت لها ظروف افضل من قبل دول عربية وازنة كمصر والسعودية والجزائر.. اما الجهاد وهو الأكثر تبنيا للموقف الإيراني فهو ليس من وارده ان يدافع عن الحوثي ولا ان ينشغل بقضايا داخلية في الامة ورغم ما يبدو من ظاهر الامر انه اكثر قربا من ايران الا انه في حقيقة امره هو الأكثر قدرة نقدية على الوضع بجملته وهو لا يرضى بحال من الأحوال ان يتم تصنيفه طائفيا او عرقيا.. بمعنى ان الجهاد وحماس ليستا عمليا في محور المقاومة وان كانت تستفيدان منه ولا تربطهما أي صلة عميقة به الا المنفعة والفائدة وهنا نقترب من الإجابة الحقيقية على سؤال متى نبدأ الحديث عن غد وليس عن واقع يجتر ماض نكد.. حماس والجهاد لهما اخطاءهما السياسية ولكنهما تم التنكر لهما من امتهما العربي والإسلامية فلم يكن الامر يحتاج سفر حماس والجهاد الى ما بعد طول فلسطين وابعد.. مسلكية محور المقاومة: ماعدا الجهاد وحماس يبدو ان محور المقاومة في حالة تأجيل رده على العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف عواصم المحور من طهران الى دمشق.. وفي اخر تصريحات مسؤولة جاء ان إيران سوف تضرب القواعد الإسرائيلية في دول الخليج إذا ثبت اقدامها بعمل تخريبي في إيران… السؤال لماذا لم تضرب ايران في إسرائيل مباشرة بعد استهداف مصالح حيوية في ايران علماء ومواقع تكنلوجية وسوى ذلك مما لايعلن عنه وكذلك استهداف “الوجودات الإيرانية في المنطقة” حسب مصطلح نصر الله. محور مقاومة مصطلح له سهولة وبريق ولكنه مصطلح تفريقي في الامة بدأ كما تبدا كل الحلات الانفصالية الانشقاقية بالامة.. واذا عدنا للتساؤل ماذا يعني محور مقاومة؟ يعني ان تدافع اطراف المحور عن أي جزء من المحور في حال تعرضه للعدوان وهذا لم يحصل فلقد تركت غزة تحت القصف اكثر من 50 يوما ولم يأت أي رد من الجار او من المركز.. تبرز ملامح مسلكية محور المقاومة فيما يتواصل الشغل الشاغل لتأييد الاتباع الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا مرة بالتحالف مع الامريكان في العراق وتدمير دولته الوطنية وزرع فتنة الطائفية والتحاصص الطائفي ومرة بالتحالف مع الامريكان في أفغانستان لتدمير حكومة طالبان.. ومرة بإغراء مجموعات مذهبية بالتمرد ولإذكاء روح الفتن وتمزيق الاوطان.. ومرة بالتورط في تهجير ملايين العرب السنة من ديارهم… هذا هو محور المقاومة. لقد تم طي صفحة محور المقاومة فلقد يكون الموجهون ضاقوا ذرعا بعملية التبرير المتواصل لما تقوم به اطرافه وقد يكون مراجعات عميقة لتجربة استمرت عشرات السنين لم تورث الا الخراب والدمار داخل الامة والبلدان العربية بالذات.. ومن هنا هل يكون الإعلان عن محور القدس الذي اعلن عنه نصر الله في خطابه الأخير هو ترتيب جديد بعناوين جديدة يقرب ايران من العرب والسنة ولا يستفزهم اذا خرج من المعارك الداخلية؟.. والا فان محور القدس سيكون طبعة جديدة للمشروع القديم محور المقاومة.. من جديد لابد من التذكير،،،.؟؟ كل أطراف المحور في هذه الآونة يشتبكون داخل الامة ولن يكون نتيجة ذلك للاسف الا تمزيقها.. هذا المحور مشتبك فعلا في الداخل العربي والإسلامي.. استباح الدم المسلم وحرمة الاوطان.. انه يتمتع بلون الدم وتخريب العمران.. انه فتنة في سورية والعراق واليمن وافغانستان.. حرب الخوارج أصحاب مشروع انفصالي في الامة بحجة الاطهر والاقرب والاصح لاسيما وشعارات الطائفية تمنحه روحا عدوانية بلا تردد ولكنها داخليا وليست ضد العدو الصهيوني… لكن مجددا كما ان مصطلح المقاومة تم تفريغه فان القدس لا تقبل طائفية او عنصرية او عرقية.. للقدس ميزانها وهي لن تقبل التمويه. ماهو المطلوب: المطلوب محور القدس في مواجهة محور الشر.. محور فلسطين برؤية كاملة يفتح بابه لكل شريف وحر في العالم… محو ر فلسطين تنادي الجميع ليس طائفة ولا قوم.. لذلك لا يصلح ان يكون مشروعا طائفيا ولا عرقيا.. وهذه ق=هي القيمة الحضارية الكبيرة لفلسطين ففي خندق فلسطين يتواجد الاحرار الشرفاء المؤمنون بان قوى الاستعمار في فلسطين لا تمثل نفسها بل هجمة عنصرية إجرامية شريرة.. وان التوجه اليه تقتضي الإقلاع عن منظومات فكرية ومفاهيمية وقيمية رافقت المحاور والاصطفافات.. ينبغي ان تكون كل المحاور خلف ظهورنا بل تحت اقدامنا.. وهنا قد يسأل سائل لماذا ترفض مساعدة تأتيك من الجهة الفلانية هنا لعله واضحا ان الحديث لم يتطرق الى التكتيك اليومي بل الرؤية الاستراتيجية لوضعية فلسطين فغير محظور تلقي أي مساعدة من طرف أي جهة ان لم تكن المساعدة مشروطة، في السياق نفسه لا احد يلوم مقاوم تلقى او طلب من شعوب امته وزعمائها المساعدة المهم ان يظل قراره مستقلا حسب مصلحة الشعب الفلسطيني.. لا محور ولا اصطفاف الا مع فلسطين بدون اشتراطات حينذاك نبدا التفكير السليم في الوحدة والنهضة على أرضية القرار الفلسطيني الحر.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا