الرئيسيةمختاراتمقالاتنظام الإفصاح عن تضارب المصالح رقم (1) لسنة 2020م

نظام الإفصاح عن تضارب المصالح رقم (1) لسنة 2020م

الأستاذ أحمد الأطرش/ وحدة الشؤون القانونية في هيئة مكافحة الفساد

يعتبر تضارب المصالح من أكثر الموضوعات التي تؤثر سلبياً على المجتمع، حيث تؤثر على مسيرة التقدم والتنمية فيه، وعلى الرغم من الجهود الدولية والعربية في مجال مكافحة هذه الظاهرة من خلال سن بعض التشريعات التي تنظم وتوضح هذه الظاهرة وتجرمها أيضاً إلا أن هذه المحاولات خجولة بالمقارنة مع انتشارها في المجتمع، بل أصبحت في بعض المجتمعات من الثقافات المنتشرة ومن أساليب الحصول على المنافع والتي يلجأ إليها الشخص لتحقيق وتسهيل حصوله وأقاربه وأصدقائه على الخدمات والمنافع بسرعة وسهولة ضارباً عرض الحائط حقوق الآخرين.

وتنتشر ظاهرة تضارب المصالح في القطاعات كافة بما في ذلك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى القطاع العام، حيث تساهم المصالح الشخصية في تسيير المهمات وسرعة إنجازها كما ذكرنا. وعلى الرغم من انتشار ظاهرة تضارب المصالح إلا أنه لا يتم التعامل معها قانونياً أو إدارياً على أنها من مؤشرات الفساد أو تتعارض مع المساواة وحقوق المواطنة كالحق في الحصول على الخدمات والحق في المنافسة على تولي الوظائف في العديد من الدول، ولتضارب المصالح كما ذكرنا سابقاً آثار سلبية، حيث نجد بعض البوادر على الرغم من أنها قليلة لوضع تشريع يعالج تضارب المصالح والهدف منه ضمان حسن إدارة الوظائف في الإدارة العامة ويؤدي إلى قدر أكبر من الوقاية من الفساد وقدر أكبر من مساءلة المسؤولين بما يؤكد على نزاهتها وشفافيتها أمام الجمهور تجنباً لكافة حالات الفساد، وهذا من شأنه دعم المزيد من ثقة المجتمع بالجهات العامة من خلال حكمهم على أداء موظفيها.

وتعتبر دولة فلسطين من الدول القليلة التي أفردت ضمن نصوصها القانونية ما يتعلق بالإفصاح عن تضارب المصالح وذلك ومن خلال الإفصاح عن وجود حالة من حالات تضارب المصالح، حيث نلاحظ أن التشريعات النافذة حظرت من بعض السلوكيات التي من شانها أن تؤدي إلى تضارب مصالح، إلا أنه لا يوجد تشريع موحد ينظم آلية الإفصاح عن تضارب المصالح بما في ذلك الإفصاح عن تضارب المصالح أمام الجهات المختصة أسوة بباقي الدول رغم أن جزءا من تشريعاتنا حظرت بعض التصرفات التي تتعلق بموضوع تضارب المصالح (كالقانون الأساسي، قانون الشركات وقانون الخدمة المدنية، وقانون تشجيع الاستثمار وقانون المصارف….).

ولأهمية وجود تشريع موحد يوضح حالات تضارب المصالح وطرق وآليات الإفصاح، تم تعديل قانون مكافحة الفساد في العام 2018م، حيث عرف القرار بقانون المعدل في المادة رقم (1) منه تضارب المصالح بأنه الموقف الذي تتأثر فيه موضوعية واستقلالية قرار الموظف ذي مصلحة مادية أو معنوية تهمه شخصياً أو أحد أقربائه أو أصدقائه المقربين، كما قام في المادة رقم (2) منه بتجريم عدم الإفصاح عن تضارب المصالح فقط دون تحديد الآليات أو الجهات التي يجب أن يتم الإفصاح لها، لذلك كان من الضروري أن يتم وضع نظام للإفصاح عن تضارب المصالح انسجاماً مع قانون مكافحة الفساد المعدل والاتفاقيات التي وقعت عليها دولة فلسطين والمتعلقة بمكافحة الفساد.

وبتاريخ 27/1/2020 صدر نظام الإفصاح عن تضارب المصالح عن مجلس الوزراء، وحمل الرقم (1) لسنة 2020 ونشر في الوقائع الفلسطينية بتاريخ 27/2/2020 في العدد (164)، وجاء النظام في (27) مادة، ويهدف النظام إلى منع تضارب المصالح، وضبط وتحديد حالاته، وكيفية التعامل معها، وضمان القيام بالإفصاح عن أي استثمارات أو أموال أو ممتلكات أو منافع تؤدي إلى الوقوع به، كما هدف إلى تحديد الآلية المتبعة للإفصاح عن تضارب المصالح من حيث البيانات والمعلومات المتضمنة لعملية الإفصاح وفق النموذج المرفق طي النظام، وتحديد آليات إزالة تضارب المصالح، وأخيراً إخضاع الخاضع للمساءلة في حالة عدم قيامه بالإفصاح.

ولم يقتصر النظام على إخضاع الموظفين العامين باختلاف درجاتهم سواء المدنيين والعسكريين لأحكامه، وإنما شمل أيضاً رؤساء وأعضاء مجالس إدارة المؤسسات الخاضعة والهيئات المحلية، وموظفي الهيئات والنقابات والجمعيات ومن في حكمهم، وموظفي المؤسسات العامة والمؤسسات والشركات التي تساهم فيها الحكومة، كما أخضع النظام الأشخاص ذوي الصلة للخاضع وهم الأشخاص الطبيعيين الذين تربطهم بالخاضع رابطة الزوجية أو القرابة أو المصاهرة حتى الدرجة الرابعة، والأشخاص الذين تربطهم بالخاضع علاقة عمل أو قرابة خارج نطاق الوظيفية أو وساطة أو وكالة أو نيابة أو مصلحة مادية أو معنوية للحالة التي اتخذ فيها القرار أو شارك فيها.

وبين النظام حالات تضارب المصالح وقسمها إلى تضارب مباشر وتضارب غير مباشر، والفرق بينهما تحقق المصلحة المادية أو المعنوية من عدمها، ففي حال تحققت المصلحة للخاضع أو لأي شخص ذو صلة به أصبحنا أما تضارب مصالح مباشر، وفي حال كان المصلحة محتملة أي لم تتحقق بعد فنكون أمام تضارب مصالح غير مباشر، مثال ذلك قيام أحد أعضاء لجنة المشتريات بإبلاغ شركة أخيه المختصة في مجال المقاولات عن وجود عطاء سوف يتم طرحه في الصحف المحلية يتعلق ببناء إحدى المدارس وأن التكلفة التقديرية للعطاء تبلغ 1,500,00 دولار، أو قيامه بالمشاركة في ترسية عطاء تقدم إليه أحد أقاربه أو إحدى الشركات المساهم بها.

لقد ذكرنا بأن من أهم أهداف النظام الإفصاح عن تضارب المصالح من قبل الخاضعين لأحكام هذا النظام، وتتمثل إجراءات الإفصاح، بقيام الخاضع عند وجود حالة تضارب مصالح بتعبئة النموذج المخصص لذلك ومن ثم رفعه لمسؤوله المباشر الذي يقوم بدوره برفع للمسؤول المختص (الوزير)، ومن ثم على المسؤول المختص وخلال سبعة أيام أن يحيل النموذج إلى لجنة مختصة، وهنا نشير إلى أن على كافة الجهات الخاضعة لأحكام النظام أن تشكل لجنة مختصة تتكون من ثلاثة موظفين من موظفي الفئة العليا أو الأولى أو ما يوازيهم، بحيث تقوم هذه اللجنة بدراسة نموذج الإفصاح وتدقيقه، والتأكد من كافة المعلومات الواردة فيه، واستدعاء الخاضع إذا لزم الأمر، ومن ثم تصدر توصياتها المتمثلة إما بالتنحي فورأ، في حال وجود حالة تضارب مصالح مباشر، أو إزالة حالة التضارب خلال (7) أيام من تاريخ صدور قرار المسؤول المختص، وعدم اتخاذ الخاضع لأي قرار أو إجراء يتعلق بالمهمة محل حالة تضارب المصالح خلال هذه الفترة، في حال وجود حالة تضارب مصالح غير مباشر، أو إبقاء الحال على ما هو عليه، في حالة عدم وجود تضارب مصالح، ومن ثم ترفع اللجنة توصياتها إلى المسؤول المختص الذي يصدر قراره خلال 48 ساعة، ويجب على الخاضع الالتزام بقرار المسؤول المختص بإزالة حالة تضارب المصالح من خلال التنحي عن المهمة أو المنصب أو الوظيفة العامة أو التخلي عن المصلحة المادية أو المعنوية، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع ضرر للمصلحة العامة، ومن ثم إبلاغ اللجنة المختصة بما قام به من إجراءات لإزالة تضارب المصالح.

*وحدة الشؤون القانونية في هيئة مكافحة الفساد

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا