الرئيسيةأخبارعربية ودوليةالصومال .. العشائر تتحدى حركة الشباب

الصومال .. العشائر تتحدى حركة الشباب

بعد أسابيع من المواجهات العسكرية الطاحنة بين مسلحي حركة “الشباب” من جهة ومليشيات مسلحة عشائرية والقوات الصومالية من جهة ثانية، في إقليمي هيران وجلجدود، يسود هدوء مشوب بالحذر جبهات القتال، التي خسر فيها الجانبان الكثير من الضحايا.
وتراجعت قوة “الشباب” العسكرية الميدانية بعد أن فقدت 50 من مسلحيها في المواجهات، التي شهدتها بلدة قوحولي بإقليم هيران يوم الجمعة الماضي، والتي أدت أيضاً إلى مقتل شيخ عشيرة و6 من حراسه.
وسمح تراجع المليشيات العشائرية المسلحة والقوات الصومالية تكتيكياً من جبهة القتال، إثر بروز خلافات بين الطرفين في كيفية إدارة المعركة ضد “الشباب”، للأخيرة بالعودة إلى بعض مناطق نفوذها، التي كانت سقطت بيد القوات الصومالية في إقليم هيران وسط البلاد.

تقدم الشرطة الصومالية في شبيلي الوسطى
وعلى جبهة أخرى، حققت الشرطة الصومالية تقدماً عسكرياً في إقليم شبيلي الوسطى، حيث سيطرت على عدة قرى وطردت مسلحي الحركة من بلدة بصرة الاستراتيجية (على بعد 40 كيلومتراً جنوب مقديشو) التي تربط الأقاليم الوسطى بالأقاليم الجنوبية.

كما تعد بصرة نقطة تمركز “الشباب”، وتحتضن مقارها ومحاكمها التي كان يذهب إليها الكثير من سكان الجنوب للتقاضي. لكن فقدان الحركة للمنطقة، وفق متابعين، يشل قدراتها العسكرية للتنقل بين المناطق الوسطى والجنوبية، ويفقدها الكثير من إيراداتها المالية التي كانت تجنيها من خلال الإتاوات.
ولم تنته هذه المعركة من دون أن تدفع الشرطة الصومالية ثمناً، حيث قُتل في المواجهات قائد شرطة إقليم بنادر (العاصمة مقديشو) الجنرال فرحان محمود قرولي، الذي شيع جثمانه السبت الماضي في مقديشو، وسط حضور عدد كبير من قيادات الجيش ونواب، إلى جانب الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الحكومة الفيدرالية حمزة عبدي بري.

القضاء على “الشباب” اقترب
وفي تصريح غاضب، قال شيخ محمود، خلال تشييع قرولي، إن “أيام حركة الشباب الإرهابية باتت معدودة، ولم تعد تحظى بالكثير من الوقت. يحتاج الأمر فقط إلى يقظة وعزم وإصرار لمواجهتها، وجرأة من أفراد وعناصر القوات المسلحة، وحان هذا الوقت”. وأشار إلى أن “زمن القضاء على هذه الحركة بات قريباً أكثر من أي وقت مضى، وأن الدولة متفوقة عليها من حيث العدد والعتاد.
وأوضح شيخ محمود أن الصومال لديه اليوم عدو واحد، هو حركة “الشباب”، وكل من يتعاون معها يصبح مجرماً، ولهذا ينبغي على الجميع توخي الحذر وعدم التعاون معها والابتعاد عن مناطق سيطرتها، لأن الغارات الجوية والعمليات الأمنية البرية ستستهدف مناطق سيطرتها وتواجدها في البلاد.

أسباب انتفاضة العشائر ضد “الشباب”
وبعد نحو عقدين من الزمن كانت العشائر القاطنة في جنوب البلاد ووسطها تمثل حاضنة شعبية للحركة، إلا أن تلك العلاقات اخترقها رصاص المواجهات بين “الشباب” والمليشيات المسلحة العشائرية، بعد أن أقدمت الحركة على حرق قرى بأكملها وردم الآبار، وتفجير أبراج الاتصالات واستهداف الحافلات العمومية.
ودفع استهداف الحركة لقافلة، ما أدى إلى مقتل 20 شخصاً، أخيراً، زعمت “الشباب” أنها استهدفت مليشيات مسلحة عشائرية تقاتل ضدها وسط البلاد، بعشيرة حوادلي، التي تقطن إقليم هيران، إلى الانتفاض على الحركة، وإجبار عناصرها على الانسحاب من عدة مناطق بالإقليم.
كما دفع تدمير الآبار في إقليم جلجدود وسط البلاد بقبيلة سليبان (هبرجدر) إلى الانتفاض على الحركة. وتأتي حادثة تدمير شبكات الاتصال والآبار في هذا الإقليم، بعد أن خسرت الحركة في مواجهات دارت مع مسلحي العشيرة في بلدة بحذو قرابة 50 من مسلحيها، وانتشرت صور جثثهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأدت المواجهات التي شهدها إقليم جلجدود، الأسبوع الماضي، إلى مقتل 15 مسلحاً من عشيرة سليبان، قامت الحركة بعرض صور جثثهم على مواقعها على شبكة الإنترنت. وتستعد العشائر القاطنة في الإقليم إلى مواجهة الحركة وطردها من المدن التي تتولى شؤونها منذ العام 2010.

إحراق “الشباب” للقرى وتدمير الآبار
وفي هذا السياق، قال علي قلاوي، أحد شيوخ العشائر القاطنة في إقليم جلجدود، لـ”العربي الجديد”، إن انتهاكات “الشباب” بحق سكان إقليم جلجدود، أدت إلى أن يحمل الشباب والعلماء السلاح ومواجهتها عسكرياً، وهزمها في بلدة بحذو منتصف العام الحالي، لكن الحركة لم تستسلم، وبدأت بجمع مليشياتها، وعمدت إلى إحراق القرى وتدمير الآبار”. وأضاف: “نجم عن هذه الخطوة ارتدادات عكسية، بعد أن قام سكان البلدات بحمل السلاح والثورة على الحركة وسط البلاد”.
وأشار قلاوي إلى أن الحكومة الفيدرالية رأت فرصة ثمينة لإمكانية هزم حركة “الشباب” عسكرياً بوسط البلاد، إذا تعاونت مع مليشيات العشائر المسلحة، وانضمت إلى القتال لترجيح كفة القتال لمصلحتها.
وأوضح قلاوي أن “الثورة المسلحة للعشائر، التي أطاحت بالنظام العسكري مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد أن استمر لأكثر من 20 سنة (1969-1991) كفيلة بإحداث تغيير في الوضع الأمني والسياسي في البلاد، وإلحاق الهزيمة بحركة الشباب”.
وشدد على أنه “لا يمكن أن يستمر الوضع الذي تعيش فيه بعض المناطق في البلاد، خاصة مقديشو التي يدفع سكانها ضريبتين، واحدة لبلدية العاصمة، وأخرى لحركة الشباب”.
وأشار قلاوي إلى أن “حركة الشباب هي آخر عنقود للحركات المسلحة ذات الصبغة الأيديولوجية التي نهضت في الصومال في بدايات العام 2003، والتي خاضت حرباً شرسة ضد أمراء الحرب في البلاد. وهذه الثورة ضد حركة الشباب ستغير قواعد اللعبة والصراع في البلاد في حال حسمت الأمر لصالحها”.

جذور ثورة العشائر ضد “الشباب”
وقال عبدالعزيز برو، الصحافي في إذاعة “صوت أميركا” (القسم الصومالي)، لـ”العربي الجديد”، إن هناك أسباباً كثيرة أدت لانتفاضة العشائر ضد حركة “الشباب”.
وأوضح أن “الأسباب تتمثل في أن الرئيس حسن شيخ محمود أعلن أنه سيخوض حرباً شرسة ضد الحركة، إلى جانب انتهاكات الشباب بحق سكان المناطق الوسطى في البلاد، بعد أن أحرقت القرى وردمت الآبار وذلك في ظل أزمة جفاف تشهدها البلاد، بالإضافة إلى محاولاتها للتمدد عسكرياً داخل العمق الإثيوبي”. وأشار إلى أن كل هذه الأمور أدت لتضافر الجهود لشن حملة عسكرية ضدها بهدف تقويض نفوذها وسط البلاد.
وحول إمكانية إلحاق هزيمة بحركة “الشباب” في البلاد، أعرب برو عن اعتقاده أن “دحر نفوذ الحركة يمكن أن يتحقق إذا استغلت الحكومة الفيدرالية الثورة الشعبية ضدها، وأدارت العملية العسكرية بشكل جيد، وهذا ما فعلته الصحوات في العراق لهزم القاعدة وداعش”.
واعتبر أن “المعركة الفكرية جزء أساسي في مواجهتها، عبر توجيه العلماء لدحض أفكارها، لأن هناك الكثير من المتعاطفين والمتحمسين مع أفكار الحركة”. وتابع: “أما إذا لم تستغل الحكومة الفيدرالية هذه الفرصة الثمينة لمقارعة حركة الشباب عسكرياً وفكرياً، فإن هذه الحملة العسكرية ستترك فقط ضحايا ودماءً”.
وأوضح برو أن “المعارك المتقطعة حالياً في وسط البلاد بدأت شرارتها بعد أن شن عناصر العشائر حرباً على مناطق سيطرة حركة الشباب، فيما الحملة العسكرية الحكومية ضد الحركة لم تبدأ بعد”.
واعتبر أن “على الحكومة أن تقيم نظاما إدارياً في المناطق التي يتم تحريرها من قبضة الشباب، حتى لا تترك مجالاً للحركة للعودة إلى تلك المناطق مجدداً”.
أما سيناريوهات المعركة العسكرية ضد حركة “الشباب”، فرأى عبدالعزيز برو أن “الحرب ضد الحركة يمكن أن تنتهي بطردها من مناطق نفوذها وسط البلاد وجنوبها، وإجبارها على الدخول في مفاوضات مع الحكومة الفيدرالية”. إلا أنه حذر، في المقابل، من أن “فشل الحملة العسكرية، أو توقفها، سيؤدي إلى تداعيات وخيمة على أمن البلاد والمنطقة”.

هزيمة “الشباب” أمر صعب
وقال المحلل الأمني أحمد عبدي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “هزيمة الشباب في الفترة القادمة أمر صعب، إذ إنها قوية وتملك المال، وقادرة على شق صفوف الثائرين والعشائر المنتفضة ضدها. لكن إذا ابتعدت الحكومة الفيدرالية عن ارتكاب أخطاء استراتيجية عسكرية، خاصة في توزيع الأسلحة والمؤن على القبائل التي تقاتل الشباب، فإن المعركة قد تؤدي إلى إنهاء وجود الحركة في البلاد”.
وتوقع عبدي “استمرار هذه المعركة لفترة طويلة، لأن استراتيجية حركة الشباب تعتمد على حرب الكر والفر، حيث تنسحب من المناطق التي تهاجمها القوات الحكومية، لتقليل خسائرها البشرية، قبل أن تعود وتهاجم. أما مزاعم الحكومة بإمكانية حسم المعركة سريعاً فهذا أمر غير وارد حالياً، ويمكن أن يستمر هذا الصراع لمدة ثلاث سنوات على الأقل”.
وأشار عبدي إلى أن الجيش الصومالي دخل المعركة ضد “الشباب” دون استعداد مسبق، لأنه وجد فرصة ثمينة للقضاء على الحركة، لكن لا يوجد حالياً استراتيجية عسكرية حكومية لإدارة المعركة ضد الشباب”. وقال إن “استهداف قائد شرطة مقديشو بلغم جنوب العاصمة، الجمعة الماضي، يؤكد أن المعركة الحالية ضد حركة الشباب فوضوية”.

المصدر: العربي الجديد

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا