الرئيسيةأخبارعربية ودوليةتقرير يحذر: العالم على شفا "دوامة هلاك" مناخية

تقرير يحذر: العالم على شفا “دوامة هلاك” مناخية

حَذِّرَ تقرير لمعهد أبحاث السياسة العامة و”تشاتهام هاوس” من أنّ العالم معرض لخطر السقوط في “دوامة هلاك” مناخية.

التعافي من الكوارث المناخية يكلف بالفعل مليارات الدولارات

وجاءَ في التقرير، الذي تناولته صحيفة “غارديان” البريطانية، أنّ مجرد التعامل مع الآثار المتصاعدة لأزمة المناخ يمكن أن يستنزف الموارد ويشتت الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات الكربونية، مما يجعل الوضع أسوأ.

مشكلات متعاقبة
وقال التقرير إن الأضرار الناجمة عن الاحترار العالميّ في جميع أنحاء العالم واضحة على نحوٍ متزايد، والتعافي من الكوارث المناخية يكلف بالفعل مليارات الدولارات. علاوة على ذلك، يمكن أن تُسبب هذه الكوارث مُشكلات مُتعاقبة، بما في ذلك أزمات المياه والغذاء والطاقة، فضلاً عن زيادة معدلات الهجرة والصراعات، وكلها تستنزف موارد البلدان.

وذكر الباحثون التابعون لمعهد أبحاث السياسة العامة ومعهد تشاتام هاوس أن المثال الحالي لتأثير أزمة المناخ الذي يزيد تعقيد الجهود المبذولة للحدِّ من الانبعاثات وغيرها من الإجراءات هو الجدل حول ما إذا كان الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية – وهو الهدف الدولي – لا يزال ممكناً.
ووفق الباحثين، فإن الذين يحتجّون بأنّ الحفاظ على درجة حرارة 1.5 مئوية ما زال ممكناً يخاطرون بالرضا عن الأوضاع الراهنة والاكتفاء بالإجراءات التي اتّخذت إلى الآن.

أساليب متطرفة
وعلى النقيض، نجد أن الذين يحتجون بأنّ الحفاظ على درجة الحرارة تلك ليس ممكناً يخاطرون إما بالتسليم بالقضاء والقدر وبأننا لا نستطيع أن نفعل سوى القليل، وإما باللجوء لـ “أساليب متطرفة” مثل الهندسة الجيولوجية.
يقتضي تجنب دوامة الهلاك المناخي من السياسيين أن يقبلوا قبولاً صادقاً بالمخاطر الجسيمة التي تنذر بها أزمة المناخ، بما في ذلك الاحتمالات الوشيكة لتجاوز نقطة اللاعودة، والحجم الهائل للتحول الاقتصادي والمجتمعي الضروري لوضع حدِّ للاحترار العالميّ. ولا ينبغي أن يقترن ذلك بسرديات انصبَّ تركيزها على المنافع العظيمة التي حققها الحراك المناخي، وضمان تنفيذ السياسات بعدالةٍ وإنصاف.

فصل جديد من الأزمة
وقال لوري ليبرون الباحث المُشارك في معهد أبحاث السياسة العامة: “بكل أسف، دخلنا فصلاً جديداً من الأزمة المناخية والبيئية. فالحرب الزائفة على وشك أن تضع أوزارها، والتبعات الحقيقية الآن تلزمنا اتخاذ قرارات صعبة. إن بوسعنا بلا أدنى شك أن ننطلق نحو عالم أكثر استدامة وعدالة. لكنّ قدرتنا على التعامل مع الصدمات في الوقت الذي نركز فيه على الخروج من العاصفة محوريّة”.
وجاء في التقرير أنّ “هذه دوامة هلاك. فتبعات الأزمة [المناخية] تصرف التركيز والموارد بعيداً عن التعامل مع أسبابها، مما يؤدي إلى تصاعد درجات الحرارة وخسائر بيئية يمكن أن تخلق بدورها المزيد من التبعات الوخيمة، فتصرف الانتباه والموارد أكثر حتى عن التعاطي مع الأسباب الحقيقية، وهكذا دواليك”.

وذكر التقرير، على سبيل المثال، أنّ اقتصاد إفريقيا كان يخسر بالفعل 15% بحدٍ أقصى من الناتج الإجمالي المحليّ سنويّاً بسبب الآثار المتفاقمة للاحترار العالمي، مما يقلِّص الأموال الضرورية للحراك المناخي، ويُشدِّد على الحاجة إلى دعم البلدان المتقدمة التي تضخ الكميات الأكبر من ثاني أكسيد الكربون.
وقال لايبورن: “أكثر ما يثير قلقي أننا لا نضع في الحسبان المخاطر المتعاقبة التي تحيق بالمجتمعات. فلا ينبغي لنا أن نقلق حيال العواصف التي تدمر المدن الكبرى وحسب، وإنما علينا أن نقلق بشأن التبعات التي يتردد صداها في نظمنا المُعولَمَة”.
وأضاف لايبورن: “بالنسبة للمملكة المتحدة، ربما لا تمثل تكلفة الاستجابة للأزمات أكثر عامل يصرف الانتباه عن الأسباب الجذرية للمشكلة. فربما كان ما يصرف الانتباه ضرورة تعامل الدولة في الوقت عينه مع صدمات أسعار الأغذية والعداء تجاه المهاجرين، واستغلال مشاعر الخوف مما يُعرف باسم اللاجئين الفارين من آثار التغير المناخي”.
وتابع لايبورن بقوله إن السرديات المُستغلة لتوصيف الموقف كانت مهمة للغاية. على سبيل المثال، لم يكن جوهر وسائل النقل المراعية للبيئة يتعلق بالتحوُّل إلى السيارات الكهربرائية، وإنما تعلَّق أصلاً بوسائل النقل العامة الأفضل والمُدن المُعاد تصميمها التي تُقرِّب الناس من أماكن عملهم وتعليمهم ورعايتهم الصحية التي يحتاجون إليها. وقد كان ذلك يقتضي أيضاً إعادة تقييم موازنات الهيئات المحلية والضرائب لتنفيذ التغيير المنشود.

حلقة مفرغة من الهلاك
ومضى ليبورن يقول إن الإجحاف في تطبيق سياسة المناخ يمكن أن يؤدي إلى حلقة مفرغة من الهلاك، لأنه إذا شعر الناس بأن تغييرات لا تُحتمَل تُفرَض عليهم، فسيعارضون ضرورة التحوُّل البيئيّ.
لقد كان إحراز تقدُّم في الحراك المناخي المرن تجاه الصعوبات المترتبة على آثار المناخ محوريّ أيضاً. وقال لايبورن: “إنني من المعجبين للغاية بتجمعات المواطنين لأن الناس يشعرون بأن لديهم دوراً في صناعة القرار، ومن الأرجح أن يحافظوا على تأييدهم ودعمهم، حتى في ظل مُستقبل تبدأ فيه الصدمات تتراكم”.
من جانبه، قال بوب وورد من معهد غرانثام لأبحاث التغير المناخي في كلية لندن للاقتصاد: “يُسلِّط هذا التقرير عن حق الضوء على نقطة مُهمة بلغناها، ألا وهي زيادة احتمالات ارتفاع درجة الحرارة العالمية بأعلى من 1.5 درجة مئوية. وهذا لا يعني أن علينا أن نتخلى عن هدفنا.
وأكد وورد أنه “ينبغي أن تكون غايتنا الأساسية خفض الانبعاثات جذريّاً في محاولةٍ لتفادي تجاوز درجة 1.5 مئوية، ولكن علينا الآن أيضاً أن نضع في اعتبارنا ما سيحدث إذا فشلنا في ذلك. وسيقتضي ذلك خفض درجات الحرارة، وسيتعين علينا الاستثمار في خيارات الهندسة الجيولوجية، كإزالة ثاني أكسيد الكربون، بل وحتى إدارة الإشعاع الشمسي. لكن ذلك سيقتضي أيضاً أن ننفق أموالاً أكثر بمراحل على التعامل مع الأضرار [المناخية]، مما سيُصعِّب علينا التحوُّل إلى عالم مُستدام وشمولي ومرن”.

24- طارق العليان

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا