الرئيسيةمختاراتمقالاتذكرى الثورة الساندنية ال44

ذكرى الثورة الساندنية ال44

نبض الحياة – كتب: عمر حلمي الغول

لست معنيا بالعودة في هذه العجالة لتاريخ تأسيس نيكارغوا في العام 1475 حتى 1526، ولا حاجة للعودة لاحتلال الولايات المتحدة لنيكارغوا من 1912 الى 1933، ولا للحرب الاهلية عامي 1926 / 1927، ولا لجذور الصراع التاريخي بين المحافظين عملاء واشنطن والليبراليين اليساريين حلفاء المكسيك. على أهمية تلك الحقبة من تاريخ الصراع بين القوى انفة الذكر، التي أصلت له، وشكلت نيرانه المتقدة طيلة العقود اللاحقة حتى انتصار الثورة الساندينية عام 1979بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي النيكاراغوي، الذي اطلق على أعضائه اسم الساندينيين او الساندينستاس نسبة الى الجنرال اغوستو سيزار ساندينو، الذي قاد المقاومة ضد الاحلال الأميركي في ثلاثينيات القرن العشرين الماضي.
تمكنت الجبهة الساندينية للتحرير الوطني من الإطاحة باناستازيو سوموزا دي بايل عام 1979، منهية بذلك حكم سلالة سوموزا، وشكلوا حكومة ثورية على انقاض الحكومة الرجعية، ووجدوا الدعم غير المشروط من كل القوى اللاتينية الأميركية اليسارية وفي مقدمتهم كوبا فيديل كاسترو، وعالميا من الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية قبل انهيارها مطلع تسعينيات القرن الماضي. واستمر حكم الساندينيين بقيادة المناضل الشاب اورتيغا طيلة احد عشر عاما. تمكنت خلالها قيادة الثورة من تحقيق إنجازات هامة بدءا من محو الامية، مرورا بتأمين الرعاية الصحية للمواطنين، وتأمين المساواة بين الجنسين، والشروع بالتنمية الاقتصادية للنهوض بالاقتصاد الوطني النيكاراغوي. الا أن الولايات المتحدة وعملائها من “الكونترا”، عملوا منذ عام 1984 على تقويض حكم اورتيغا والساندينيين، ومع ذلك تمكنت الجبهة الساندينية من الفوز بأغلبية الأصوات في الانتخابات التي جرت ذلك العام، والتي قاطعتها أحزاب المعارضة، ومن شارك منهم حصد تقريبا ثلث مقاعد الجمعية الوطنية.
بيد ان وكالة المخابرات المركزية، التي أسست ودعمت “الكونترا” لم تستسلم، ولم تسمح للساندينيين بالاستقرار في الحكم، وارهقوا البلاد والشعب في حرب أهلية استمرت حتى عام 1989. مما هيأ الأرضية لازاحة الساندينيين من الحكم في انتخابات العام 1990 بعد مراجعة الدستور 1987، والحرب الاهلية التي استمرت عشر سنوات، التي فاز فيها فيوليتا تشامورو، الا ان الساندنيين احتفظوا ببعض المقاعد البرلمانية. مع ذلك قيادة الجبهة الساندينية لم تستلم، ولم ترفع الراية البيضاء امام أعداء الثورة والشعب، وواصلوا الكفاح من خارج السلطة الى ان تمكنوا عام 2006 من الفوز بالانتخابات، واعيد انتخاب دانييل اورتيغا، رئيس الجبهة الساندينية رئيسا لنيكاراغوا بنسبة 38.7% من الأصوات مقابل 29% لخصمه، وعاد الساندينيون لمركز القرار والحكم في البلاد بعد ستة عشر عاما، وتم إعادة انتخاب الرجل الأول للجبهة الساندينية رئيسا لدورة جديدة في نوفمبر 2016، وأيضا في انتخابات 2021.
ولم تكن عودة اورتيغا وحزبه الاشتراكي الديمقراطي لقيادة البلاد سهلة، ولكن بعد ان اكتوى الشعب النيكاراغوي بنيران المحافظين أدوات ال CIA، الذين لا هم لهم الا نهب ثروات البلاد، والسمسرة على مصالح الشعب بكل طبقاته وفئاته وشرائحه الاجتماعية، وتبينوا الفرق بين انصار الشعب المدافعين عن حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والقانونية، وبين خصومهم من المحافظين، وقفوا خلف الجبهة الساندينية وقيادتها الثورية، ومازالوا حتى اللحظة الراهنة كونها حمت ميراث الثورة السادنيدينة منذ 44 عاما خلت، ولم يتخلوا عن مبادئهم، ورفضوا الإذعان لاملاءات واشنطن، وتصدوا لها ولزمرها وانصارها في نيكاراغوا وأميركا الجنوبية عموما.
خلال العقود الماضية من كفاح الشعب النيكاراغوي ترسخت علاقات الصداقة والتآزر بين الشعبين والقيادتين الصديقيتن الفلسطينية والنيكاراغوية، وحرصت منظمة التحرير وسلطتها الوطنية على توطيد أواصر تلك الروابط والعلاقات المشتركة وتعزيزها من خلال التعاون على اكثر من مستوى وصعيد السياسي والديبلوماسي والاقتصادي والثقافي. انطلاقا من قناعة القيادتين بعدالة قضاياهم ومصالحهم، ولقناعتهم ان العدو الصهيو أميركي يستهدف كل مناضل من اجل الحرية والعدالة والسلام في العالم، وليس في فلسطين او نيكاراغوا فقط، مما عزز ورسخ العلاقة الثنائية المشتركة بين الشعبين والقيادتين.
في ذكرى انتصار الثورة الساندينية ال44 لا يملك المرء الا ان يهنأ الشعب النيكاراغوي الصديق بذكرى الثورة، ووقوف الشعب والقيادة بثبات الى جانب نيكاراغوا البطلة بزعامة دانييل اورتيغا والجبهة الساندينية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا