الرئيسيةمختاراتمقالاتالبريكس نقطة التحول نحو الشرق والجنوب

البريكس نقطة التحول نحو الشرق والجنوب

كتب: د. رمزي عودة*

اختتمت مؤخراً البريكس قمتها في جوهانسبيرغ، ووفقاً لما أعلنه رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا انضمت ست دول جديدة إلى مجموعة بريكس المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا،.وهذه الدول جديدة العضوية هي إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين وإثيوبيا. وبرغم الاختلافات في اتجاه السياسات ومعدلات النمو بين الدول الخمس المؤسسة للبريكس، إلا أن نجاح هذه القمة في اختيار 6 أعضاء جدد من أصل 23 دولة قدموا طلبات العضوية يعتبر منعطفاً تاريخياً مهماً، ليس فقط في مراحل تطور هذه المنظمة، وإنما أيضاً في تحولات نمط القطبية في العالم والانعتاق من التبعية الاقتصادية للدول الغربية.

وتمتاز منظمة البريكس بأعضائها الجدد بعدة سمات سياسية واقتصادية تجعلها قادرة على التحول في نمط القطبية إلى دول الشرق والجنوب، ومن أهم هذه السمات:

أولاً: تمثل هذه المنظمة أكثر من ربع الاقتصاد العالمي، وهي تقترب من النسبة التي تشكلها مجموعة الاقتصاديات الصناعية الكبرى، كما تمثل دول البريكس 26% من التجارة الدولية، وأكثر من 40 % من التعداد السكاني للعالم.

ثانياً: الحيوية والتطور، فمنذ عام 2010 لم تنضم أي دولة جديدة إلى مجموعة البريكس، إلا أن قبول الأعضاء الستة الجدد يشير إلى توفر الإرادة السياسية للدول المؤسسة في إضافة مزيد من الحيوية والتطور من خلال التعاون والتكتل بين مختلف دول العالم غير الغربية. وفي هذا الإطار، يتوقع أن يتم قبول دول جديدة العام المقبل في قمة البريكس التي ستعقد في روسيا، وهذا يعتبر مؤشراً واضحاً على أن دول البريكس تحضّر نفسها لكي تكون جزءا مهما من مكونات القيادة في النظام الدولي.

ثالثاً: امتلاك دول البريكس أدوات اقتصادية قوية ومهمة في التأثير على السياسات النقدية العالمية، حيث أنشأت هذه الدول صندوق الاحتياطي النقدي بقيمة 100 مليار دولار بهدف تحصين ودعم عملاتها المحلية في مواجهة الدولار الأميركي، وذلك من أجل استخدام العملات المحلية وليس العملات الصعبة، في التجارة البينية بين هذه الدول. إضافةً إلى ذلك، تقود روسيا سياسة نقدية في البريكس تعتبر ثورة في النظام النقدي العالمي إذا ما كتب لها النجاح، وهي محاولة خلق عملة جديدة موحدة مقبولة لدى دول البريكس بدلاً من الاعتماد على الدولار تماماً مثلما فعلت دول اليورو.

رابعاً: امتلاك هذه الدول لصندوق التنمية وتطوير الاقتصاديات بقيمة 100 مليار دولار سيؤدي إلى تطوير اقتصاديات الدول الأعضاء وتوطين الصناعات فيها وتعزيز النمو في الصناعات التكنولوجية، وهو الأمر الذي سيؤدي الى زيادة مشاركة هذه الدول في الناتج العالمي الإجمالي ليصل إلى نحو 30% خلال العقد القادم.

من الواضح أن دول البريكس تعمل على تعزيز التكامل بين السياسة والاقتصاد، حيث تسعى هذه الدول إلى التأثير على السياسات الدولية وقيادتها لتصبح أكثر عدالة بالنسبة لدول الجنوب والشرق، وتعتمد أساساً في عملية التأثير هذه على مكونات القوة السياسية والاقتصادية لديها. وهذا يفسر انضمام العديد من الدول المحسوبة على المربع الأميركي إلى دول البريكس، وهي رسالة واضحة من قبل هذه الدول أنها أولاً لم تعد تطيق الانفراد الأميركي في السياسات الدولية، وأنها ثانياً تطمح للمشاركة في قيادة العالم. ليس هذا فقط، وإنما أيضاً تفسر إصرار الدبلوماسية الفلسطينية على المشاركة في قمة البريكس كوفد رسمي من بين الـ 50 دولة التي حضرت أعمال هذه القمة، وهذا الاختراق حسب سفيرة دول فلسطين في جنوب أفريقيا حنان جرار يعتبر منعطفاً مهما في مسارات الدبلوماسية الفلسطينية نحو تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي مع دول الجنوب والشرق بعيداً عن الهيمنة والانفراد الغربي.

————–

* الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبرتهايد

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا