الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمالمتطرفون في عين الحلوة: ليسوا إسلاميين وليسوا “إخواننا”

المتطرفون في عين الحلوة: ليسوا إسلاميين وليسوا “إخواننا”

كتب: أحمد الأيوبي

جاء اغتيال المجموعات المتطرفة في مخيم عين الحلوة للواء أبو أشرف العرموشي والعدوان الذي تشنّه على حركة فتح وتضرب من خلاله استقرار المخيم وتصيب أهله في أرواحهم وممتلكاتهم وأمانهم.. ليضع الحركات والهيئات الإسلامية أمام امتحان جديد في تحديد الموقف من حالات التطرف والعنف والإرهاب، وهي امتحانات تتأخـّر فيها هذه الحركات في اتخاذ المواقف الحاسمة تاركة مساحات رمادية أقرب للسواد، تاركة المجال للتفسيرات الملتبسة التي لا يستفيد منها سوى العابثون بالأمن والاستقرار.

دائماً ما تواجه الحركات الإسلامية هذه الإشكالية فتقف أمامها موقف العاجز الصامت أو المنتظر المتواطئ أو المتردِّد المربك، ولطالما سمعنا من قال ذات يوم عن المسلحين في الضينة إنّهم “إخواننا” وكذلك عن مسلحي تنظيم “فتح الإسلام” الإرهابي، بل اغترّ البعض فاعتبرهم “قوّة لأهل السنة”، وهذا وهم كبير سقط في انقلاب “حزب الله” في 7 أيار 2008 عندما تفرّج هؤلاء على الحزب يقتل ويحتل ويسطو على أهل السنة في بيروت والجبل وصيدا من دون أن يحرِّك هؤلاء المتشدِّدون ساكناً.. وانزلق الكثيرون إلى صفوف تنظيمي “القاعدة” و”داعش” لدواعي مختلفة، وتأخّر كثيراً موقف الحركات الإسلامية من هذين التنظيمين، واقتصرت المواقف على بعض البيانات وبعض الفتاوى بدون أيّ جهد لإنزالها إلى الشارع ومواجهة موجات انجذاب الشباب إلى هذين التنظيمين وفروعهما وانشقاقاتهما المختلفة.

اليوم يصف بعض الإعلام الأعمى أو المتواطئ المسلحين المتطرفين في مخيم عين الحلوة بأنّهم “مجموعات إسلامية” في مصطلح يساوي بينهم وبين الحركات الأخرى مثل حماس والجماعة الإسلامية وغيرهما، وهذا مصطلح مضلِّل ينضح بالخداع والخبث والمكر، لأنّ هؤلاء المسلحين يحملون فكراً متطرفاً جعلهم يمارسون شتى أنواع العنف والإرهاب، ولا تصِحُّ ولا تجوز نسبة تجمعهم وممارساتهم إلى الإسلام، لذلك فإنّ الأمانة الدينية والموضوعية تقتضي بوصفهم كما هم على حقيقتهم بلا لفٍّ ولا دوران.

ليسوا إسلاميين بالمعنى الاصطلاحي السائد.. وليسوا “إخواننا” لأنّهم ينتمون إلى منظومة فكرية عقائدية تكفِّر الجميع، بمن فيهم من يمنحهم اليوم غطاءه المباشر أو غير المباشر، لهذا، فإنّ موقف حركة حماس والجهاد وعصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة وغيرها من الفصائل ينبغي أن يكون واضحاً وحاسماً ولا يقبل المسايرة، فهؤلاء قد بغوا وعاثوا في الأرض الفساد وقتلوا وتسبّبوا بفتنة عظيمة في مخيم عين الحلوة لا يمكن أن تنتهي إلاّ بوقف فتنتهم والتصدي لها مصداق قول الله تعالى: ﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾. ومصداق حديث رسول الله ﷺ عندما قال: أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره، رواه البخاري.

لقد قتلت هذه المجموعات الإرهابية في عين الحلوة خَلقاً كثيراً كان آخرهم الشهيد العرموشي الذي كان يطبق القانون في تسليم قاتلٍ إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية ليحاكَم أمام القضاء اللبناني، وهي ترفض قرار الإجماع الفلسطيني بتسليم قتلة العرموشي، ونحن نرى الاجتماعات تتوالى وهي في الشكل تخرج بإجماع على تسليم القتلة، لكنّها في الواقع لا تتقدّم لأنّ أغلب الفصائل تنتظر إضعاف حركة فتح وتسعى لإزاحتها كلٌ منها لأسبابه، لكنّ النتيجة واحدة، هي تغليب التطرّف على الإجماع الفلسطيني.

هنا تتحمّل حماس والجهاد والحركة المجاهدة وكلّ من يتغنّى بالانتماء إلى العمل الإسلامي مسؤولية إنهاء حالة الصمت السلبي أو المراهنة على إنهاك فتح، لأنّها تمثل الشرعية وإذا ما حصل أن كُسِرت فإنّ هذه الحركات لا تملك الشرعية الكافية للتمثيل الفلسطيني في لبنان كما أنّها لن تستطيع الحلول محها وسيتضخّم هؤلاء المتطرفون ليأكلوهم جميعاً، وهذا هو السيناريو الأشدّ سوءاً.

مطلوب من هيئة علماء المسلمين في لبنان وهيئة علماء فلسطين والجماعة الإسلامية وكل من يعنيه الأمر في الساحة الإسلامية أن يعلنوا البراءة من أفعال هذه المجموعات المنفلتة التي لا تخدم سوى من يريد استهداف الوجود السني في لبنان، وأن يعودوا إلى لغة الشرعية الفلسطينية فكلّ انقلاب عليها سينعكس على السنة في لبنان عاجلاً أو آجلاً.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا