الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمقبل خطاب السّيد الرّئيس

قبل خطاب السّيد الرّئيس

كتب: أوس أبوعطا*

قبل خطاب السّيد الرّئيس في الأمم المتحدة في كل عام، يحدث شيء غريب ينافي قوانين الطبيعة، حيث أن رد الفعل يحدث قبل الفعل نفسه، وبعبارة أوضح نجد هناك من يهاجم الخطاب قبل تلاوته ويسقط عنه البعد الوطني التحرري ويلصق به بما تسول له نفسه شتى أنواع التهم الزائفة حتى قبل سماعه له. وهذا أمر شديد الغرابة في الواقع ويضع عشرات إشارات الإستفهام ويثير عشرات الأسئلة عن المتحدثين بالطريقة المذكورة مع وضوح منهجية المواقف المسبقة بالتعاطي مع الخطاب، وعدم تغيير هذا النهج مع تغيير أدواته لتقادم السنين من قِبل من يندرجون تحت مسمى أصدقاء الشعب الفلسطيني المتسربلين بالإسلام أو العروبة، بتقاطع واضح وفاضح لهم مع عتاة التطرف اليميني الإسرائيلي.

ولوعدنا بآلة الزمن إلى الوراء، لبدايات الخطابات الفلسطينية في الأمم المتحدة، لعدنا بنتيجة مفادها، أن هذا الأسلوب الممجوج القاضي بتصنيع رد الفعل قبل وقوع الفعل ذاته، والتقليل من أهمية هذا الحدث العالمي، يتكرر منذ عشرات السّنين من قبل بعض المزاودين الفلسطينيين والعرب السّياسيين والإسلاميين، وأنا هنا أتحدث عن الخطاب البِكر للشهيد الرئيس ياسر عرفات في الأمم المتحدة 13/11/1974، حيث تم مهاجمة الخطاب قبل إلقائه ونعته بأنه خطاب تنازلي ووو.. وقذفه بتهم مسبقة الصنع ما أنزل الله بها من سلطان.

إذا من الطبيعي أن يحدث في قضيتنا ما هو غير طبيعي، أي وقوع رد الفعل قبل حدوث الفعل ذاته،

فصار من المعتاد مهاجمة الخطاب قبل تلاوته كل عام، ولكن من الملاحظ أنه في هذا العام تمّ رفع وتيرة الهجوم الذي يستهدف رأس الشرعية الفلسطينية محمود عباس أبو مازن قبل خطابه في الأمم المتحدة، والسّبب واضح وضوح الشّمس في كبد السّماء، فكلما ارتفعت المطالب الفلسطينية في السعي نحو الحقوق الفلسطينية كاملة دون نقصان، ارتفعت الاتهامات والتشنيعات حتى تسقط لقاع بلا قرار.

فلو ألقينا نظرة خاطفة على المطالب الشّرعية الفلسطينية والتي تحث القيادة الفلسطينية نحوها الخطى بكل ثبات وإصرار، بغية الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وسوق قادة الاحتلال المتورطين بارتكاب الجرائم ضد شعبنا لمحكمة الجنايات الدولية، لعرفنا خلفيات ما يحدث وراء الكواليس، وكيف يتم استخدام بعض المثقفين لإنجاب البيانات الحرام بتزاوج مع الدعاية الإسرائيلية المغرضة بحق السّيد الرّئيس.

ولكن هذا التشويش المتعمد والمستورد، لن يشوّه رونق خطابات السّيد الرّئيس ولن يثلم نَصل لغته العميقة ودلالاتها بعيدة المدى، فمن محاسن خطابات أبومازن أنه يحارب الاحتلال بنفسِ أسلحته مع الأخذ بعين الاعتبار أن سيف الباطل من خشب وسيف الحق من ذهب.

فدعاية الاحتلال منذ أكثر من قرن أنهم هم الضحايا وهم من بحاجة إلى حماية، وهم من يتعرضون للإبادة منذ الهولوكست المدان فلسطينيا والمرفوض من شعبنا الفلسطيني وقيادته عبر مر السنين.

فمما لاريب فيه أن اليهود كانوا ضحايا الهولوكست الشّنيع وما حدث لهم يندى له جبين الإنسانية جمعاء، ولكن ماذا عن الفلسطيني الذي يتعرض للقتل والتّشريد والاعتقال بلا جريمة، فالفلسطيني هو ضحية الضحية، أي أن رد اليهود على الهولوكست يحدث على أرضنا ويستهدف شعبنا المسالم بمفارقة غريبة.

وهذا يحتّم علينا جميعا أن نرفع أصواتنا ونجهر بالاستغاثة أننا اليوم نحن الضحايا ونحن المقتولين والمجروحين والمأسورين والمشردين ظلما وعدوانا وأننا أبناء هذه الأرض منذ آلاف السنين ولسنا سكانا أو عابري سبيل فيها كما يعاملنا الاحتلال اليوم.

تجيد القيادة الإسرائيلية التباكي والمشي في جنازة القتيل الذي يقتلوه، ولكن أليس من الذكاء إسقاط هذا القناع وإفشال عمليات حصد التعاطف العالمية بنفس الأسلوب والطريقة وسحب البساط من تحت أقدامهم وفضحهم وفضح سياساتهم العنصرية؟ هذا الخطاب الفلسطيني الموضوعي الذي يحقق يوما بعد يوم عديد النجاحات على صعيد العالم ويدفع كبار المثقفين العالميين بالتعاطف مع قضيتنا، سيظل محل هجوم لبعض دعاة الوطنية والإسلام، وفي اليوم الذي تتوقف فيه هذه الحناجر والأقلام المستأجرة من تخوين الخطاب قبل تلاوته تيقنوا أن القضية ليست بخير.

*صحفي فلسطيني

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا