غزة وحرب القرن

نبض الحياة – كتب: عمر حلمي الغول

شهد العالم مجموعة من الاحداث العالمية والعربية الهامة خلال العام 2023، الذي يعتبر عاما صاخبا ومتفجرا، وحمل في طياته تغييرات ديمغرافية ومناخية وسياسية وعسكرية واقتصادية، وبدأ مع نهاية عام 2022 مع استعادة نتنياهو رئاسة الحكومة بعد انتخابات نوفمبر، وتشكيل حكومته السادسة الأكثر تطرفا ونازية في تاريخ إسرائيل. وانتهى العام بحرب الإبادة الإسرائيلية الأميركية الأوروبية الغربية على الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي محافظات غزة خصوصا، وما بين الحدثين شهد العالم زلزال فبراير في تركيا وشمال سوريا، الذي أدى الى سقوط 50 الف ضحية من الشعبين، وتدمير شبه كامل لمدن وقرى تركية، ثم انفجار الحرب بين حلفاء الامس في السودان في ابريل الماضي بين البرهان وحميدتي، والتي مازالت نيراها مشتعلة حتى الان، واودت بحياة 12 الف من الضحايا، وحدث انقلابان في افريقيا في النيجر والغابون في يوليو واغسطس الماضيين، أضف الى إضراب كتاب السيناريست والممثلين الاميركيين في هوليود احتجاجا على الذكاء الاصطناعي والذي استمر من يونيو الماضي حتى ديسمبر الماضي، وتلاه الزلزال المغربي في سبتمبر الماضي، وادى الى تدمير قرى وآثار تاريخية في ضواحي فاس وسقوط ثلاثة الاف ضحية، وتبعها إعصار دانيال في ليبيا، الذي ضرب مدن درنة والبيضاء والجبل الأخضر ومعظم المنطقة الشرقية، وغير معالم الساحل في درنة، وازال احياء بكاملها، وحطم جسور، واودى بحياة عشرين الف مواطن، وعشرين الف مفقود، ثم توج العام بحرب الإبادة الجهنمية على قطاع غزة، المستمرة لليوم ال87، أي اليوم الأول (الاثنين) من العام 2024، ومازالت نهايتها غير معلومة. لاسيما وان إدارة الرئيس بايدن اطلقت يدها ويد إسرائيل وحلفائها لمواصلة الحرب الأكثر وحشية.
كانت حرب الإبادة على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر الماضي الأكثر إدماءا وتدميرا في التاريخ البشري، وكما وصفها بعض المراقبين السياسيين والإعلاميين حرب قتل الأطفال والنساء، حيث ان نسبة من استشهد من الأطفال والنساء تجاوز نسبة ال70% من مجموع الضحايا الذين بلغ عددهم قرابة ال22 الفا من الشهداء، وما يزيد على 56 الفا من الجرحى وما يفوق ال10 الاف مفقود جلهم من الأطفال والنساء، وتدمير ما يقارب ال70 % من الوحدات السكنية والمستشفيات والمدارس والمؤسسات الاهلية والحكومية والمنشآت الصناعية والورش والمساجد والكنائس والمتاحف والبني التحتية من طرق وخطوط امداد الكهرباء والماء، التي تجاوزت ال90%، وتقريبا تم مسح مدن وقرى وبلدات واحياء واسعة من مدن القطاع حيث بات الانسان يرى القطاع من بيت حانون شمالا الى رفح جنوبا دون فواصل.
وكما اعلن العديد من قادة العالم ان ما جرى من تدمير في غزة العزة والابية فاق العديد من المدن التي نكبت في الحرب العالمية الثانية 1939 / 1945 مثال مدن دريسدن وبرلين في المانيا وسان بطرسبورغ (لينين غراد) في الاتحاد السوفييتي السابق (روسيا الاتحادية). اضف الى ان الحرب العالمية رغم ان عدد الضحايا بها تجاوز ال50 مليون انسان، الا ان حرب اميركا وربيبتها إسرائيل على غزة كانت الأكثر وحشية وهمجية، والاعنف والابشع في قتل الأطفال والنساء والشيوخ بالنسبة والتناسب في عدد السكان.
نعم حرب الإبادة البشرية في فلسطين، تعتبر حرب القرن الحادي والعشرين، ودخلت مجموعة غينتس باعتبارها أكبر من نكبة، واعظم من كارثة، واشد هولا من كل الحروب، التي عاشتها البشرية، وكشفت الغطاء، واسقطت الأقنعة كافة عن وجه الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة ودولتهم اللقيطة إسرائيل، كدول وحشية ودموية ونازية من طراز غير مسبوق على المستوى العالمي، واماطت اللثام عن أكاذيب الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية وتقرير المصير، التي كانت تتغطى بها تلك الدول، وتدعيها لاستخدامها كقفازات لاستباحة وانتهاك حرمة واستقلال وحرية الدول والشعوب، ونهبت ثرواتها، وفرضت املاءاتها وقيودها وقوانين الغاب عليها، وعلى أنظمتها السياسية، وحالت دون تطورها ورقيها، وكان نصيب شعوب الامة العربية الأكبر على مستوى العالم من الاذلال والاهانة والتبعية، وفلسطين كانت المنكوبة الكبرى في الوطن العربي، ومازالت تدفع الثمن غاليا عن شعوب الامة كافة في ظل أنظمة متهالكة ومخصية.
غزة كانت على مدار التاريخ من المدن الحيوية والهامة، ونكبت عشرات المرات في الحقب المختلفة، لانها بوابة اسيا، وممر مركزي بين القارات الثلاث آسيا وافريقا وأوروبا، ولكنها في هذه الحرب سجلت حضورا هائلا لم يشهده تاريخها في مختلف محطات ومراحل التاريخ. الا انها ستنهض من بين الأنقاض والموت الفاجع، كما نهضت سابقا كطائر الفينيق شعارها التاريخي، وستعود رغم الفجيعة والزلزال الدموي المدمر بأسلحة الغرب الرأسمالي القاتل والهمجي، وستنتصر مع فلسطينها، وترفع كل فلسطين راية الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، وستزول قوى الشر والطغم المالية الاستعمارية المتوحشة والمنفلتة من عقال التاريخ والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وسينتصر النظام العالمي الجديد، الذي آمل ان يكون اكثر عدلا وتسامحا وتعاونا وتكافلا وحرية وديمقراطية حقيقية. وعاش السلام والإنسانية والتآخي بين بني الانسان جميعا. ويمكن من الان ان نقول باباي اميركا وأوروبا العجوز وكل قوى الشر والظلم والفاشية
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا