الرئيسيةمختاراتمقالاتالعين على لاهاي: هل ينتصر القضاء الدوليّ لأطفال غزّة؟

العين على لاهاي: هل ينتصر القضاء الدوليّ لأطفال غزّة؟

كتبت: نهلا ناصر الدين

تتّجه أنظار العالم إلى لاهاي في انتظار الحكم النهائي الذي ستصدره محكمة العدل الدولية بعد الانتهاء من جلسات الاستماع للمرافعات الشفهية، التي تقدّمها أمام المحكمة 52 دولة وثلاث منظّمات دولية، حول التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، تمهيداً لإصدار الحكم القضائي الدولي الذي سيكون عبارة عن فتوى ورأي استشاري بممارسات إسرائيل في فلسطين منذ أكثر من 75 عاماً من الاحتلال حتى الآن.

يقلّل البعض من شأن الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا باعتبار أنّ تنفيذ الحكم تقف دونه معوّقات كثيرة، مع وجود حقّ الفيتو لمساندة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، ومع رفض إسرائيل نفسها الاعتراف بالرأي الاستشاري الذي ستصدره محكمة العدل الدولية، إذ سبق أن اعتبرته مضرّاً ورفضت أن تشارك في جلسات الاستماع، بل صرّحت في تعليقات مكتوبة بأنّ “تدخّل المحكمة قد يضرّ بالتوصّل إلى تسوية عن طريق التفاوض”.

الحكم صدر قبل صدور الحكم القضائيّ

ما هي سيناريوهات الحكم المنتظر؟ وما مدى إمكانية تنفيذها؟ وكيف يمكن ترجمتها على أرض الواقع؟

يؤكّد أستاذ القانون في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور أنطوان صفير لـ”أساس” أنّ القرار ملزم وينبثق من أعلى هيئة قضائية في العالم. وعندما يصدر القرار تكون هناك تدابير على الدولة التي صدر بحقّها أن تنفّذها، وفقاً لقرارات الهيئة القضائية الدولية، “لكن هل للمحكمة القدرة على إلزام الدول بتطبيق القرارات القضائية الصادرة عنها؟ هنا السؤل. فمحكمة العدل الدولية ليس لديها جهاز تنفيذي، إنّما يمكنها أن تعود لمجلس الأمن الدولي، والأخير كسلطة تنفيذية يتّخذ القرار في هذا الاتجاه. ولكن طبعاً هناك موضوع الفيتو الذي قد يمنعه من ذلك”.

الدكتور صفير لـ”أساس”: القرار ملزم وينبثق من أعلى هيئة قضائية في العالم. وعندما يصدر القرار تكون هناك تدابير على الدولة التي صدر بحقّها أن تنفّذها

من الناحية الإجرائية يرى صفير أنّه لا يمكن التقليل من أهمّية هذا الموضوع، لأنّ هناك مرافعات تحصل. وعندما نقول مرافعات فهذا يعني أنّ هناك أكثر من جهة وأكثر من دولة ستدلي برأيها، وربّما هناك مستندات ووقائع أو تأكيد على وقائع معيّنة، خصوصاً أنّ وسائل الإعلام والتواصل تنقل أغلبية ما يحصل من جرائم واعتداءات على المدنيين في غزة، وما تتعرّض له الإنسانية بشكل عامّ خارج إطار أيّ موقف سياسي.

توقيت صدور الحكم

لكن ماذا عن توقيت الحكم، هل يصدر سريعاً، أي بعد مرافعات اليوم السادس والأخير في لاهاي، الإثنين 26 شباط الجاري، أم تأخذ المحكمة الدولية مزيداً من الوقت لإصدار حكمها النهائي بشأن ممارسات إسرائيل؟ يجيب الدكتور صفير بأنّه “من غير الواضح حتى الساعة هل سيصدر القرار يوم الإثنين، لأنّ هناك أموراً كثيرة تحتاج إلى البحث، ولكن في نهاية المطاف ستتّخذ المحكمة قراراً بهذا الاتجاه في وقت لاحق”.

يقلّل البعض من شأن الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا باعتبار أنّ تنفيذ الحكم تقف دونه معوّقات كثيرة، مع وجود حقّ الفيتو لمساندة إسرائيل في مجلس الأمن الدولي

في حال اتّخذت المحكمة قراراً، أيّاً يكن القرار، ضدّ إسرائيل، وتمنّعت الأخيرة عن التنفيذ، فهذا ليس بموضوع بسيط، برأي صفير، بل هذا يعني إدانة لموقف إسرائيل وتصرّفاتها وما ترتكبه. وفي حال عدم التنفيذ إمّا أن تطلب المحكمة من مجلس الأمن التدخّل واتّخاذ قرار، أو يبقى الحكم حكماً قضائياً بحقّ إسرائيل، وبالتالي لا تكون له تداعيات عمليّة، لكن بالتأكيد له تداعيات سياسية ستُترجم في إطار نظرة الدول لإسرائيل وتعاملها معها، بالإضافة إلى موقف المنظمات الدولية غير الحكومية وموقف الرأي العامّ في الدول. ولذا يعتبر هذا الحكم “خطوة متقدّمة للقضاء الدولي، خطوة تشجّع على مبادئ حقوق الإنسان التي عملت عليها الأمم المتحدة لسنوات طويلة”.

معوّقات التنفيذ

عن العوائق التي تمنع هذه الخطوة المتقدّمة من التنفيذ عبر إجراءات عملية وجدّية على الأرض، يتحدّث أستاذ القانون الدولي والدستوري الدكتور أنطوان سعد فيؤكّد أنّنا عملياً عندما نتحدّث عن أيّ قرار قضائي يجب أن يكون هناك اتفاق وتسليم واعتراف من الجهتين المحتكمتين لهذا القرار بأنّهما تخضعان للنتائج التي تقرّرها المحكمة، وهذا غير موجود في هذه الحالة بسبب رفض إسرائيل المسبق. كما أنّ القرار يحتاج عمليّاً إلى هيئة تنفيذية تنفّذه، وهي هنا مجلس الأمن الدولي، “ولكن كيف لمجلس الأمن أن ينفّذه إذا كنّا أمام فيتو في مجلس الأمن لمصلحة إسرائيل، على الأقلّ من الولايات المتحدة الأميركية، وربّما عند الحاجة قد تعارضه بريطانيا وغيرها، وكلّ ذلك يتقرّر بحسب الضغوط الشعبية في هذه المجتمعات”.

في حال اتّخذت المحكمة قراراً، ضدّ إسرائيل، وتمنّعت الأخيرة عن التنفيذ، فهذا ليس بموضوع بسيط، برأي صفير، بل هذا يعني إدانة لموقف إسرائيل وتصرّفاتها

يمكن القول إنّ الإدانة المعنوية هنا قائمة ومهمّة بعد قيام العدالة بواجبها تجاه الإنسانية حتى لو كان هذا القرار غير قابل للتنفيذ أحياناً، لأنّ ذلك لا يقلّل من شأن الحكم، لكنّه يستطيع أن يغيّر نظرة العالم لإسرائيل، وتعاطي بعض الدول معها، وهناك عدّة وسائل تأثير، يذكر منها سعد في حديثه لـ”أساس” على سبيل المثال لا الحصر: الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أدان معنوياً الهجومات الإسرائيلية غير الإنسانية التي تتّسم بالإبادة على غزة، فاعتبرته إسرائيل شخصاً غير مرغوب به. وهنا قد يتطوّر الأمر على سبيل المثال إلى قطع العلاقات ووقف التبادل التجاري ووقف تبادل الخدمات والمعلومات والسيّاح بين البلدين.

قضاء عابر للحدود

كما يمكن أن يُترجَم القرار عبر مبادرات فردية تقوم بها الدول نفسها، إضافةً إلى قرار المحكمة، كما قامت بلجيكا في السابق، وتحديداً محاكم بروكسيل الجنائية، بملاحقة آرييل شارون بسبب ارتكابه مجازر صبرا وشاتيلا. “فهذا هو القضاء الذي يتجاوز حدوده الإقليمية في إطار تحقيق العدالة أينما تحقّق أيّ جرم”، برأي سعد.

تستمع محكمة العدل الدولية في اليوم الأخير من جلسات المرافعات الشفهية إلى المنظمات الدولية الثلاث (جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي)، بالإضافة إلى خمس دول هي: تركيا، زامبيا، إسبانيا، جمهورية جزر فيجي وجمهورية المالديف.

عن أساس ميديا

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا