ضوضاء المؤامرة

كتب: عبد المنعم سعيد

يحذر خبراء إدارة الأزمات الدولية من «الضوضاء» التى تأتى من إرجاع كل ما يجرى من أحداث إلى مؤامرة تقوم من قبل أطراف اتفقت على خداع لطرف آخر تنتزع منه أعز ما يملك من قيمة إستراتيجية. إدارة الأزمة هى فى النهاية تقوم على أشكال كثيرة من الإشارات التى ترمى إلى الحصول على عائد قد يتطلب استخدام القوة المسلحة. حديث المؤامرة يفضى إلى صرف النظر عن القضية الرئيسية وتحويلها إلى ممرات فرعية يصعب معها فرز الحقيقة من الخدعة، والطيب من الخبيث. فى بداية حرب غزة الخامسة ظهرت «المؤامرة الأولى» وهى أن حماس اتفقت مع إسرائيل لكى تقوم بهجومها على غلاف غزة فى ٧ أكتوبر، فتلتهب أعصاب إسرائيل ونيتانياهو فيقوم بالهجوم الكاسح على قطاع غزة كله كما فعلت إسرائيل فى حروب غزة الأربع السابقة فتضمه. الحاكى سوف يرى المؤامرة واضحة لأن حماس كانت ذات علاقات وثيقة مع إسرائيل حيث تمر الأموال القطرية من خلال بنكها المركزي، ومضافا لها الكهرباء والغاز والمياه العذبة. هنا يوجد التقاء كامل فى المصالح، إسرائيل تريد التوسع وتكره وجود سلطة فلسطينية فضلا عن دولة فلسطينية؛ وحماس تطوعت بالإطاحة بالسلطة الوطنية من غزة، والشيكل هو العملة المشتركة بين البلدين، ومؤخرا قبل الحرب فإن إسرائيل كانت على أتم الاستعداد لقبول ما بين ١٨ و٢٣ ألفا من الغزاوين للعمل فى إسرائيل دون اتهام بالتطبيع.

الدليل الكبير على صحة المؤامرة هو أن حماس لم يكن لديها خطة لما بعد ٧ أكتوبر، انتهى العرض الفلسطينى مبكرا واختفى فى الأنفاق بعد ذلك بينما بدأت إسرائيل فى الحصول على حصتها بينما كانت حماس هى الطرف المفاوض وليس السلطة الشرعية الوحيدة. ما يبدو منطقيا وبسيطا فى القصة سرعان ما تنفيه الأحداث التى باتت محملة بثمن لا تطيقه ولا تتحمله لا إسرائيل ولا حماس، ولكن كليهما يقع داخل تناقضات أكبر منهما بكثير إقليمية ودولية ويدفعون ثمنا مروعا.

*نقلا عن الأهرام

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا