خطة غالانت لغزة: مرحلة انتقالية بقيادة أمريكية وشراكة عربية بشروط

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقال رأي للكاتب ديفيد إغناطيوس قال فيه إن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لواشنطن أدت إلى حل المشاكل العالقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن اليوم التالي في غزة.

ومع استمرار الحرب الطاحنة في غزة، فإن المناورات السياسية تزداد حدة بطريقة تمتحن قدرات البقاء لدى رئيس الوزراء الماكر والمحاصر بشكل متزايد، بنيامين نتنياهو.

وقد أطلق نتنياهو القنبلة اليدوية ضد إدارة بايدن، هذا الشهر، زاعماً أن الولايات المتحدة أخّرت شحنات كبيرة من الأسلحة إلى إسرائيل. إلا أن فتيل القنبلة اليدوية نزع هذا الأسبوع، بعد زيارة غالانت لواشنطن لإجراء محادثات حلت المشكلة، حسب مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.

وفي نفس الوقت، هوجم نتنياهو من رئيسي وزراء سابقين في إسرائيل، إيهود باراك وإيهود أولمرت. فقد كتب باراك، مع عدد من الشخصيات الإسرائيلية البارزة، مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” طالبوا فيه الكونغرس بسحب الدعوة الموجهة لنتنياهو كي يلقي كلمة أمام جلسة مشتركة في لكونغرس الشهر المقبل، ولأنه لا يمثّل إسرائيل.

وأخبرَ أولمرت الكاتب بأنه يتفق مع هذا الموقف. وهاجم أولمرت نتنياهو في جلسة بمؤتمر أسبين الأمني، الذي شارك فيه إغناطيوس يوم الأربعاء، واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بالغطرسة، والفشل في توقع هجوم “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال بصراحة: ” لا يوجد هناك ما يمكن اكتسابه في هذه المرحلة ويستحق تكلفة مواصلة الحرب”.

وضرب تحالف نتنياهو داخلياً من قرارين، هذا الأسبوع. الأول، قرار المحكمة العليا، الذي يقضي بخدمة اليهود الحريديم في الجيش، وإلغاء إعفائهم من الخدمة العسكرية، وهو قرار يعارضه أفراد في حكومته. أما الثاني، فهو قرار غالانت المضي قدماً في خطط ما بعد الحرب بغزة، والتي لا تحظى بدعم نتنياهو.

ويقول إغناطيوس إن حل الخلافات بشأن شحنات الأسلحة إلى إسرائيل كان مهماً، ليس على الأقل لأن غالانت أصلح الصدع السياسي الذي خلقه نتنياهو. وقال الأخير، في 18 حزيران/يونيو، إن الولايات المتحدة أبطأت عمداً شحنات الأسلحة الكبيرة لإسرائيل، إلى جانب إعلان تأجيل نقل شحنة من القنابل، زنة الواحدة منها 2,000 رطل، والتي يخشى بايدن أن تضر بالمدنيين الفلسطينيين.

وأكد غالانت والمسؤولون الأمريكيون عملية شحن شحنات أسلحة كبرى، من ذخيرة إلى آليات ودبابات ومقاتلات أف-35.

وبعد هذه المناقشات، تحدث مسؤول بارز في الإدارة للصحافيين شكر فيها غالانت على “نهجه المهني في كل قضايا الشراكة بين إسرائيل والولايات المتحدة”. و أكد المسؤول أنه تم “تحريك الذخيرة وأنظمة الدفاع إلى إسرائيل”، باستثناء قنابل من نوع 2,000 رطل.

وما لم يلاحظ في زيارة غالانت هو الضغط باتجاه خطة اليوم التالي في غزة، حتى لو واصلت “حماس” رفضها لخطة وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى. وستتم العملية الانتقالية التي نوقشت في واشنطن من خلال لجنة تشرف عليها الولايات المتحدة ودول عربية شريكة للولايات المتحدة، إلى جانب قوة دولية، بمشاركة محتملة من دول عربية، من الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة والمغرب. وستشرف هذه القوات على الأمن بدعم أمريكي يوفر القيادة والتحكم والمساعدات اللوجيستية، ولكن من خارج غزة، وربما كان هذا من مصر. وستقوم قوة فلسطينية بتولي المهام الأمنية في غزة، وبشكل تدريجي.

ووافق غالانت والمسؤولون الأمريكيون على تدريب القوة الفلسطينية، من خلال برامج المساعدة الأمنية المخصصة للسلطة الوطنية، ويترأسه الجنرال مايكل فرينزل، ومقره في القدس، حيث يقوم بالتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

ويعكس موقف غالانت مؤسسة الدفاع والمخابرات، مع أن نتنياهو وحكومته رفضا أيّ دور للسلطة الوطنية في غزة بعد الحرب.

ونقل الكاتب عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنهم يدعمون خطة غالانت، باستثناء أن الدول العربية لن تدعم إلا في حالة مشاركة السلطة الوطنية، حيث ستمنح المشاركة العربية شرعية. وحذروا من أن الدول العربية تريد ما يطلق عليه السعوديون “أفقاً سياسياً” وتحركاً باتجاه دولة فلسطينية، وهو أمر يقول غالانت إنه لا يدعمه، مثل معظم الإسرائيليين.

وسيتم تطبيق خطة المرحلة الانتقالية في غزة على مراحل، وبدءاً من الشمال، والتحرك جنوباً مع تحسن الظروف. ويتصور غالانت إنهاء “فقاعات” الأمن، والتي ستشمل 24 منطقة إدارية في القطاع.

وقد دعم المسؤولون في إدارة بايدن الفكرة، إلا أنهم متشكّكون من توسّع بقع الحبر الأمنية. وتفترض الخطة أن قوة “حماس” قد أضعفت، بحيث لن تكون قادرة على شن هجمات ضد إسرائيل، وهو ما يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنهم حققوه.

إلا أن المسؤولين الأمريكيين أخبروه بأن قوة “شبيهة بحماس” تقدم الآن نوعاً من الأمن لتوزيع المواد الإنسانية في شمال غزة. ويصف مسؤولو الإغاثة هذه القوة بـ “سلطة فعلية”.

وناقش غالانت الجهود الأمريكية لمنع وقوع حرب بين إسرائيل ولبنان. وتوصل كل من بريت ماكغيرك وعاموس هوكشتاين من مجلس الأمن القومي إلى هدنة يمكن أن تطبق في حالة التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وتدعو الخطة الأمريكية لانسحاب قوى “الرضوان” التابعة لـ “حزب الله” إلى خط موازٍ لنهر الليطاني، مقابل تعديل إسرائيل الحدود مع لبنان، حسبما يطالب “حزب الله” منذ سنين.

ويقول مسؤول أمريكي: “القطع موجودة كلّها” لإنهاء الحرب في غزة، ومنع أخرى في لبنان. ويبقى هناك ورقتان جامحتان، وهما نتنياهو ويحيى السنوار ،زعيم “حماس” في غزة. وربما فضّل السنوار الموت في مخبئه بدلاً من التنازل لإسرائيل.

أما نتنياهو فإنه يواجه ضغوطاً سياسية لوقف الحرب في غزة. وقد فشلت مقامرته في لوم بايدن على تأجيل شحن الأسلحة، في وقت يتجمّع منافسوه السياسيون. ويبقى نتنياهو سياسياً ذكياً وقادراً على تغيير مواقفه، مع أن خياراته للبقاء السياسي تضيق.

“القدس العربي”

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا