الرئيسيةمختاراتمقالات"إنقلاب أردوغان" المفاجئ..الحقيقة والاحتيال! كتب حسن عصفور

“إنقلاب أردوغان” المفاجئ..الحقيقة والاحتيال! كتب حسن عصفور

بلا مقدمات “اعلامية – سياسية” انتقلت الحكومة التركية من موقف الداعم الصامت – النشط للأعمال الارهابية التي قادتها “داعش” وحركات اخرى ضد سوريا الدولة والنظام، الى المشاركة المباشرة – النشطة ضدها، اي أنها نقلت “البندقة من كتف الى كتف”، بين ليلة ومكالمة هاتفية دارت بين الرئيس الأميركي اوباما والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وافق الطيب أثرها على أن تستخدم القوات العسكرية الأميركية قاعدة”انجرليك” التركية للعمليات العسكرية لضرب مواقع “داعش” في العمق السوري..

ولم تقتصر نتائج تلك “المكاملة الهاتفية” على استخدام القاعدة، بل أعلنت تركيا رسميا مشاركتها الحملة العسكرية ضد “داعش”، بعمليات قصف جوي وحملة اعتقالات واسعة طالت 13 ولاية تركية، وبعيدا عن مجرى العمليات العسكرية والإجراءات المترافقة معها، وهي أخبار متاحة في وسائل الاعلام، فالمسألة الجوهرية التي تقفز الى صدارة المشهد، لماذا حدث “الانقلاب التركي” بعد سنوات اربعة، وهل حقا أن حربها تأتي في سياق موقف ضد “الارهاب الداعشي”، أم هناك ما يثير التفكير..

بالتأكيد، لا يمكن لأي كان أن يصدق مقولة أن حكومة اردوغان اكتشفت بين ليلة وضحاها “خطر داعش”، كونها كانت أحد مراكز الدعم اللوجسيتي الميداني لمختلف أنشطة التنظيم الارهابي الأخطر، ولذا فموقفها المستحدث لا يمكن ربطه بـ”خطر داعشي” ضد تركيا، بل يتحكم به عوامل أخرى لعبت الدور الرئيسي في التحول التركي ومنها:

*الاتفاق النووي الايراني مع الغرب كان عاملا هاما في التحول، خاصة وأن ايران تشكل حليفا مركزيا للنظام في سوريا، وهي اشارة أن امريكا لم تعد تضع اسقاط النظام السوري وازاحة الرئيس بشار الأسد كأولوية سياسية لها، فيما تصاعدت اللغة الأمريكية ضد “داعش” وخطرها..ترافقت مع حديث للرئيس الأميركي أوباما بعد توقيع الاتفاق النووي أن هناك “دور روسي وايراني وتركي” في حل الأزمة السورية، وهذا يشكل تحولا كليا في الموقف الأمريكي، لم يكن ليمر بلا حسابات سياسية تركية..

*النصيحة الأميركية للرئيس التركي بعدم البقاء في الموقف من الحدث السوري كمتفرج، خاصة وأن هناك تطورات قد تحدث سريعا، ما قد يشكل خسارة سياسية لتركيا، لا تستطيع بعدها الفعل والتأثير، وهو ما كان ملخصا لمهاتفة اوباما – اردوغان..

*خسارة اردوغان الانتخابية وبالتالي القضاء على حلم الحكم الرئاسي المطلق، كسرت هيبة الحكم والحكومة أمام الشعب التركي أولا والعالم الخارجي ثانيا، وأظهرت ان “السلطة المطلقة” التي كان يتباهى بها اردوغان تحت مظلة “الانجاز الاقتصادي” ليست سوى مظهر خادع، لن يقدم الاستقرار السياسي لحكم اردوغان، مما يجبره على اجراء انتخابات مبكرة، قد يستغل “تسخين الجبهة العسكرية” لفرض منطق خاص تمنحه “ربحا صافيا” تحت ستار “الخطر الخارجي”و”الارهاب الداخلي”..

*اردوغان وحكومته أدركوا تماما أن انتصارات أكراد سوريا وتحريريهم تل أبيض وكوباني وعين العرب سيخلق “واقعا سياسيا” جديدا، يمثل قوة مادية ومعنوية للأكراد عامة ومنهم أكراد تركيا، خاصة وأنهم حققوا انتصارا تاريخيا في الانتخابات الأخيرة، وهو ما يفرض عليه اتخاذ موقف لمواجهة تلك التطورات، فكان التوافق الأميركي – التركي “مخرجا”..

*ولأن الحرب الحقيقية للحكومة التركية ليست حربا على “داعش”، فهي شنت حملة اعتقالات وساعة فور اعلانها المشاركة بالحرب على “داعش” ضد قوى تركية ومنها حزب العمال الكردستاني والجبهة الثورية التركية، تنظيم يساري معارض..

*حصلت تركيا من أمريكا مقابل التحول العسكري الجديد، على فرض “منطقة عسكرية عازلة” داخل الحدو السورية بعمق يصل الى 90 كم، وفرض منطقة حظر طيران، الهدف منه حرمان طائرات سوريا بملاحقة الارهابيين والمسلحين، وبالتأكيد ليس هدفا ضد “داعش”..

*تركيا ستستخدم “المناورة الجديدة” لشن حرب عسكرية ضد التواجد العسكري الكردي سواء في سوريا او شمال العراق، تحت ذريعة ضرب قواعد “حزب العمال الكردستاني – بي بي كا”..

تلك هي العناصر المركزية التي تحكمت في “الانقلاب التركي الجديد”، وهدفه الحقيقي الحصول على أكبر قدر من الربح السياسي، بعد أن اوشكت أن تخرج بخسائر استراتيجية من رهانها الفاشل والساذج على هزيمة سورية وتقسيمها، وبالتالي فرض “منطق أردوغاني” على المسار السياسي بما فيه التحكم بجزء رئيسي من المنطقة..

دوافع أردوغان من دخوله الحرب لا تتعلق بالحرب على الارهاب، وهي ليست جزءا منه، بل هي حرب من أجل “الذات والمصلحة الداخلية”، وقطع الطريق على نشوء “مركز فعل كردي” يشكل عنصرا محفزا لأكراد تركيا نحو مطالب تفوق ما هي على طاولة البحث السياسي الداخلي..وخطوة يعتقد أردوغان أنها ستعيد “رسم الخريطة الانتخابية” بشكل يتيح له تحقيق “الانتصار المفقود” بالانتخابات الماضية..

وبلا شك فإن “النصر الايراني” في مفاوضات “الاتفاق النووي” شكل أحد العوامل الرئيسية في فرض التغيير لما يمكن لايران أن تربحه سياسيا واقتصاديا وتعزيزا لمكانتها ونفوذها الاقليمي ما سيكون مقابله تقليص للطموح التركي الذي ظن اردوغان أنه بات قريبا..

وبالتأكيد، لا يمكن تجاهل اثر فقدان جماعة الاخوان المسلمين وقطر للقوة التأثيرية التي كانت لهم، ومثلت “قاطرة للطموح العثماني”، ما أعاد تركيا الى “مكانة محدودة في التأثير الاقليمي، خاصة بعد أن كشفت زيف موقفها من الأزمة اليمينة..

انقلاب تركيا ضد داعش هو بالواقع مناورة سياسية لتعويض ما يمكن تعويضه من خسائر استرايتيجية يمكنها أن تشكل نهاية ليس للحلم الأردوغاني، فقط بل ولمكانته السياسية التي تشكلت طوال المرحلة الماضية..

ملاحظة: هل يمكن أن تتلخص حرب دولة الكيان الاسرائيلي ضد الاتفاق النووي باطلاق سراح الجاسوس الأميركي اليهودي بولارد..لو حدث يصبح المثل الشعبي “تمخض زعيق بيبي فولد فك أسر جاسوس”!

تنويه خاص: تصريح ملفت للاتنتباه أن يتحدث القيادي في حماس عن دعم حماس للمقاومة في الضفة الغربية فقط..هل يمكن اعتبار قطاع غزة “محررا وسيدا”..يبدو أن “المناكفات السياسية تؤدي لمصائب سياسية”..شاء من شاء وأبى من أبى!

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا